مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ كنا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ عمر اذهب إلى مكة فطف أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ وَانْحَرُوا هَدْيًا (...) |
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ
وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ كنا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ عمر اذهب إلى مكة فطف أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ وَانْحَرُوا هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا وَارْجِعُوا فَإِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلًا وَيَقْرِنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيُهْدِي هَدْيَيْنِ هَدْيًا لِقِرَانِهِ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَهَدْيًا لِمَا فَاتَهُ مِنَ الْحَجِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَوْتِ عَرَفَةَ لَا يَكُونُ يَخْرُجُ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِذَا لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَائِلٌ يَمْنَعُهُ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَاتَتْهُ عَرَفَةُ وَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِجَمْعٍ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ جَزَى عَنْهُ حَجُّهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَمَنْ رَآهُ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْهَدْيِ خَاصَّةً وَيَدُلُّكَ عَلَى عِلْمِ مَالِكٍ بِالِاخْتِلَافِ تَرْجَمَتُهُ هَذَا الْبَابَ هَدْيُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ مَالِكٌ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَحْلِلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ إِجْمَاعُ الْجَمِيعِ عَلَى مَنْ حَبَسَهُ الْمَرَضُ وَمَنَعَهُ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ وَلَا هدي عليه وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَعْمَلُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ وَيُفِيضُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا ظَاهِرُهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأنه لا بد مِنَ الطَّوَافِ عِنْدَهُ وَالسَّعْيِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحُجَّةُ مَنْ أَسْقَطَ الْهَدْيَ عَنْ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنَّ الْقَضَاءَ اللَّازِمَ بِذَلِكَ يُسْقِطُ الْهَدْيَ عَنْهُ لِأَنَّ الْهَدْيَ بَدَلٌ مِنَ الْقَضَاءِ وَبَدَلٌ مِنْهُ قَالُوا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْهَدْيُ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْبَيْتِ فَيَحِلُّ بِهِ فِي وَقْتِهِ قَالَ وَالْمُحْرِمُ لَا يَحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ أَوْ يَهْدِي لِقَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) الْبَقَرَةِ 196 أَيْ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِهَدْيٍ إِذَا مُنِعَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ عِنْدَهُمُ إِذَا لَمْ يَحْصُرْهُ عُذْرٌ فَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَمَنْ أَحْصَرَهُ الْعُذْرُ لَمْ يَحْتَجْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إِلَى هَدْيٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقَارِنِ يَفُوتُهُ الْحَجُّ فَقَدْ وَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا يَطُوفُ وَيَسْعَى لِعُمْرَتِهِ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِحَجَّتِهِ وَيَحِلُّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَتُجْزِئُهُ عُمْرَتُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ إِنَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 يَقْضِيهِ كَمَا فَاتَهُ وَهَدْيُ الْقِرَانِ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعٍ وَهَدْيٌ بَدَلُ مِيقَاتِ الْحَجِّ وَاجِبٌ لِقَوْلِ عُمَرَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) من غير نكير وجمهور العلماء على أن مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَا يُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ مَا وَصَفْنَا مِنْ إِتْيَانِ الْبَيْتِ لِلطَّوَافِ بِهِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يَحِلُّ بِالتَّقْصِيرِ أَوِ الْحَلْقِ ثُمَّ يَقْضِي حَجَّهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلُ وَأَنَّهُ إِنْ أَقَامَ عَلَى إِقْرَانِهِ حَتَّى الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الِاخْتِيَارِ لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَا يُقِيمَ مُحْرِمًا إِلَى قَابِلٍ وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ فَإِنْ فَعَلَ سَقَطَ عِنْدَهُ عَنْهُ الْحَجُّ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ إِقَامَتُهُ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ ثُمَّ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْهَدْيِ عَلَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَلِمَا قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ) الْبَقَرَةِ 197 دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِحْرَامُ أَحَدٍ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكٌ لِقَوْلِهِ عز وجل (أوفوا بالعقود) الْمَائِدَةِ 1 عَلَى أَنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ إِحْرَامَهُ عُمْرَةً كَمَنْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ |