مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ جَاءَ إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ ضَفَّرَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي قَدِمْتُ بِعُمْرَةٍ

مُفْرَدَةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ كُنْتُ مَعَكَ أَوْ سَأَلْتَنِي (...)
 
مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ جَاءَ إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ ضَفَّرَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي قَدِمْتُ بِعُمْرَةٍ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268
مُفْرَدَةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ كُنْتُ مَعَكَ أَوْ سَأَلْتَنِي لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَقْرِنَ فَقَالَ
الْيَمَانِيُّ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ خُذْ مَا تَطَايَرَ مِنْ رَأْسِكَ وَأَهْدِ فَقَالَتِ
امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا هَدْيُهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ هَدْيُهُ فَقَالَتْ لَهُ مَا هَدْيُهُ
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أَنْ أَذْبَحَ شَاةً لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُضَفِّرَ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّ مَنْ ضَفَّرَ أَوْ لَبَّدَ
أَوْ عَقَصَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ لِمَا فِي
التَّضْفِيرِ مِنْ وِقَايَةِ الرَّأْسِ لِأَنْ لَا يَصِلَ الْغُبَارُ إِلَى جِلْدِهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ على أن القرآن كان عند بن عُمَرَ أَوْلَى مِنْ التَّمَتُّعِ وَقَدْ كَانَ
فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يُفَضِّلُ التَّمَتُّعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا وَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي
قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ الْعُمْرَةِ الْحَجَّ
وَأَمَّا قَوْلُ الْيَمَانِيِّ (قَدْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ قَدْ فَاتَ الْقِرَانُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ سَأَلَهُ بَعْدَ أَنْ
طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقِرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ
إِلَّا قَبْلَ ذَلِكَ
وَأَمَّا أَمْرُ بن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ بِالتَّقْصِيرِ وَقَدْ ضَفَّرَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ
حَلْقَ رَأْسِهِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجِّهِ الَّذِي تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَحْلِقَ فِي الْعُمْرَةِ
لِيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (فَأَهْدِ) فَإِنَّهُ يُرِيدُ هَدْيَ مُتْعَتِهِ
ثُمَّ سُئِلَ (مَا الْهَدْيُ) فَقَالَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا شَاةً لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ
فَهَذَا يَرُدُّ رِوَايَةَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الصِّيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ
وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ هَذِهِ أَصَحُّ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ تَفْضِيلُ
إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ
وَيُرْوَى (مَا هَدْيُهُ) وَأَمَّا هَدْيُهُ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مِمَّا يُهْدَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَعَلَى نَحْوِ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ
مِنَ الصَّوْمِ