مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ لَا يَشْتَرِكُ الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ فِي بَدَنَةٍ وَاحِدَةٍ لِيُهْدِ كُلُّ وَاحِدٍ بَدَنَةً بَدَنَةً قَالَ أَبُو عمر إن كان أراد أن من وطىء امْرَأَتَهُ فِي الْحَجِّ لَا يُجْزِئُهُمَا بَدَنَةً وَاحِدَةً فَقَدْ مَضَى مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ لَا يَشْتَرِكُ الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ فِي بَدَنَةٍ
وَاحِدَةٍ لِيُهْدِ كُلُّ وَاحِدٍ بَدَنَةً بَدَنَةً قَالَ أَبُو عمر إن كان أراد أن من وطىء امْرَأَتَهُ فِي الْحَجِّ لَا يُجْزِئُهُمَا بَدَنَةً وَاحِدَةً فَقَدْ مَضَى مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الِاشْتِرَاكَ فِي النُّسُكِ كُلِّهِ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَمَرَّةً أَجَازَ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ وَمَرَّةً لَمْ يُجِزْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَسَنَذْكُرُ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا مَذْهَبَهُ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الضَّحَايَا كَيْفَ هُوَ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ سَبْعَةٌ فِي بَدَنَةٍ وَيُجْزِيهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ بِوُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ وَمِنْ إِحْصَارٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِئُ حَتَّى تَكُونَ الْجِهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْهَدْيِ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً فَإِمَّا جَزَاءُ صَيْدٍ كُلِّهِ وَإِمَّا تَطَوُّعٌ كُلُّهُ فَإِنِ اخْتَلَفَ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالُوا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ أَوْ مَنْ لَا يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَ فَلَا يُجْزِئُهُمْ مِنَ الْهَدْيِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِنْ كَانَ أَحَدُ السَّبْعَةِ الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْهَدْيِ ذِمِّيًّا أَوْ مَنْ يُرِيدُ حِصَّتَهُ مِنَ اللَّحْمِ وَلَا يُرِيدُ الْهَدْيَ أَجْزَأَ مَنْ أَرَادَ الْهَدْيَ وَيَأْخُذُ الْبَاقُونَ حِصَصَهُمْ مِنَ اللَّحْمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 قال أبو عمر ذكر بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ إِنَّمَا الْعُمْرَةُ الَّتِي يَتَطَوَّعُ النَّاسُ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فِيهَا الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ وَأَمَّا كُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ فِي عُمْرَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ قَالَ وَإِنَّمَا اشْتَرَكُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِرِينَ تَطَوُّعًا وقال بن الْقَاسِمِ لَا يُشْتَرَكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَلَا فِي التَّطَوُّعِ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ إِخْرَاجُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَرِثُوهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَكُونُ مِيرَاثًا وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هبته ولا بدله وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ إِذَا أَوْجَبَهَا وَنَعَلَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ لَهُ بَدَلُهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ جَائِزٌ لَهُ بَيْعُهَا لِهَدْيٍ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَدِّلَ الرَّجُلُ هَدْيَهُ الْوَاجِبَ وَلَا يُبَدِّلُ التَّطَوُّعَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ هَدْيَهُ إِذَا قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِفَرْضِهِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ بُعِثَ مَعَهُ بِهَدْيٍ يَنْحَرُهُ فِي حَجٍّ وَهُوَ مُهِلٌّ بِعُمْرَةٍ هَلْ يَنْحَرُهُ إِذَا حَلَّ أَمْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يُنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ وَيَحِلُّ هُوَ مِنْ عُمْرَتِهِ فَقَالَ بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ كَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الْحَجِّ 33 وَقَالَ (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) الْمَائِدَةِ 95 يَعْنِي أَيَّامَ النَّحْرِ وَسَائِرَ أَيَّامِ الذَّبْحِ إِلَّا بِمِنًى وَمَكَّةَ إِلَّا أَنَّ الِاخْتِيَارَ أَنْ يَذْبَحَ الْحَاجُّ بِمِنًى وَالْمُعْتَمِرُ بِمَكَّةَ وَمَنْ ذَبَحَ بِمَكَّةَ مِنَ الْحَاجِّ لَمْ يَخْرُجْ وَلَا يَذْبَحْ بِمِنًى إِلَّا أَيَّامَ مِنًى وَسَائِرَ السَّنَةِ بِمَكَّةَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْهَدْيُ لِلْمُعْتَمِرِ وَإِنَّمَا بُعِثَ بِهِ مَعَهُ لَمْ يَرْتَبِطْ نَحْرُهُ بِشَيْءٍ مِنْ عُمْرَتِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْهَدْيِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ هَدْيَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) وَأَمَّا مَا عُدِلَ بِهِ الْهَدْيُ مِنَ الصِّيَامِ أَوِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مَكَّةَ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يفعله فعلة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَهُوَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِيهِ ذَبْحٌ وَلَا نَحْرٌ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) أَنَّهُ أَرَادَ الْحَرَمَ يَعْنِي مَسَاكِينَ الْحَرَمِ أَوْ أَرَادَ مَكَّةَ لِمَسَاكِينِهَا رِفْقًا بِجِيرَانِ بَيْتِ اللَّهِ وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ وَهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) وَأَمَّا قَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الْبَقَرَةِ 196 فَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَسَنَذْكُرُ مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَكَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) أَنَّهُ عَنَى مَكَّةَ وَلَمْ يُرِدِ الْحَرَمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَاجِّ مَكَّةُ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَكَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَالِكٌ مَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَنْحَرَهُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نَحَرَهُ فِي الْحَرَمِ أَجْزَاهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ حَيْثُ شَاءَ الْمُهْدِي إِلَّا هَدْيَ الْقِرَانِ وَجَزَاءَ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْحَرُهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا نَحَرَ هَدْيَ التَّمَتُّعِ أَوِ الْهَدْيَ التَّطَوُّعَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْهَدْيِ التَّمَتُّعِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَخَالَفَهُ فِي التَّطَوُّعِ فَجَوَّزَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ نَحْرُ الْجَمِيعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَأَمَّا مَا عُدِلَ بِهِ الْهَدْيُ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَكَّةَ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَعَلَهُ) فَلَا خِلَافَ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَلَا لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَا تَكُونُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ إِذَا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ إِلَّا بِمَكَّةَ لِأَهْلِهَا حَيْثُ يَكُونُ النَّحْرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّحْرَ فِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ وَفِي الْحَجِّ بِمِنًى وَهُمَا جَمِيعًا حَرَمٌ فَالْحَرَمُ كُلُّهُ مَنْحَرٌ عِنْدَهُمْ وَفِي الْعُتْبِيَة لِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى عن بن وَهْبٍ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ الْإِطْعَامَ كَالصِّيَامِ يَجُوزُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَفِي الْأَسَدِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يُطْعِمُ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَ فِيهِ الصَّيْدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ الْجُمْهُورِ وَلَا وَجْهَ لَهُ |