مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِنًى هَذَا الْمَنْحَرُ
وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ يَعْنِي الْمَرْوَةَ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا
مَنْحَرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِنًى هَذَا الْمَنْحَرُ
وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ يَعْنِي الْمَرْوَةَ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا
مَنْحَرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهَا فِي
التَّمْهِيدِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي
بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ وَقَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ هَذِهِ عَرَفَةُ وَهَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ثُمَّ أَفَاضَ
حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَجَعَلَ يَسِيرُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا
وَشِمَالًا وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ ثُمَّ أَتَى جَمْعًا فَصَلَّى بِهَا الصَّلَاتَيْنِ
جَمِيعًا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى قُزَحَ فَقَالَ هَذَا قُزَحُ وَهَذَا الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ثم أفاضا
حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَلَمَّا انْتَهِي إِلَى وَادِي مُحَسِّرٍ قَرَعَ نَاقَتَهُ حَتَّى
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298
جَازَ الْوَادِيَ ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ بِمِنًى فَقَالَ هَذَا
الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَاسْتَقْبَلَتْهُ جَارِيَةٌ مِنْ خَثْعَمَ شَابَّةٌ فَقَالَتْ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نحر بَدَنَةً بِمِنًى وَقَالَ
هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّهَا مَنْحَرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَنْحَرُ فِي الْحَجِّ بِمِنًى إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَا طَرِيقَ لِمِنًى
فِيهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَ فِي عُمْرَتِهِ وَسَاقَ هَدْيًا تَطَوَّعَ بِهِ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا
وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَيْضًا لَا خلاف فيه يعني عن الإسلام وَالِاسْتِشْهَادِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ
أَصَابَ السُّنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ وَنَحَرَ فِي غَيْرِهِمَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ
فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَنْحَرَ لَا يَكُونُ فِي الْحَجِّ إِلَّا بِمِنًى وَلَا فِي الْعُمْرَةِ إِلَّا بِمَكَّةَ
وَمَنْ نَحَرَ فِي غَيْرِهِمَا لَمْ يُجِزْهُ وَمَنْ نَحَرَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ
أَجْزَأَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمَا مَوْضِعًا لِلنَّحْرِ وَخَصَّهُمَا بِذَلِكَ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) الْمَائِدَةِ 95
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى قَوْلِهِ (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِذِكْرِ الْكَعْبَةِ حَضْرَةُ مَكَّةَ كُلِّهَا وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
طُرُقُ مَكَّةَ وَفِجَاجُهَا كُلُّهَا مَنْحَرٌ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ أَرَادَ الْحَرَمَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَا
فِي الْكَعْبَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِنْ نَحَرَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ مِنَ الْحَرَمِ أَجْزَأَهُ
قَالَ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ مَسَاكِينَ الْحَرَمِ وَمَسَاكِينَ مَكَّةَ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَنْ نَحَرَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَلَمْ يَكُنْ مُحْصَرًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ