مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ فَلَمَّا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299
أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ قَالَتْ عَائِشَةُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا
فَقَالُوا نَحَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَزْوَاجِهِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ
عَلَى وَجْهِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ (وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ) فَلَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ
بِإِفْرَادٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْإِقْرَانِ قَبْلَ هَذَا
وَأَمَّا قَوْلُهَا فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ
مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ فَهَذَا فَسْخُ الْحَجِّ فِي
الْعُمْرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَأَوْضَحْنَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا قَوْلُهَا (فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ الْحَدِيثَ) فَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ أَزْوَاجِهِ يَوْمَ الْهَدْيِ الَّذِي نَحَرَ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ وُجُوهٍ
صِحَاحٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَدِمَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنٍ هَدْيًا وَكَانَ (عَلَيْهِ
السَّلَامُ) قَدْ سَاقَ مَعَ نَفْسِهِ أَيْضًا مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا فَكَمَّلَ فِي ذَلِكَ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَأَشْرَكَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحَرَهَا هُوَ وَعَلِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ
وَحَدِيثِ جَابِرٍ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ
وَلَمْ يَذْبَحِ الْبَقَرَ إِلَّا عن أزواجه
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300
على أن بن شِهَابٍ يَقُولُ إِنَّمَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ
بَقَرَةً وَاحِدَةً يُرِيدُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُنَّ فِيهَا
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ بَقَرَةً عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَرْضُ الْعَالِمِ عَلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ
لِيَعْرِفَ قَوْلَهُ فِيهِ
وَفِيهِ أَنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا إِذَا سَمِعُوا الصَّادِقَ وَصَدَّقُوهُ فَرِحُوا بِهِ
وَفِيهِ جَوَازُ نَحْرِ الْبَقَرِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْبَقَرَةِ
(فَذَبَحُوهَا) الْبَقَرَةِ 71 وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْبَقَرَ يَجُوزُ فِيهَا الذَّبْحُ بِدَلِيلِ
الْقُرْآنِ وَالنَّحْرُ بِالسُّنَّةِ
وَأَمَّا الْإِبِلُ فَتُنْحَرُ وَلَا تُذْبَحُ وَالْغَنَمُ تُذْبَحُ ولاتنحر
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيمَنْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ
الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)