مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ من عمرتك
فقال إني لبدت رأسي وقلدت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ
وَأَمَّا قَوْلُ حَفْصَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ من عمرتك
فقال إني لبدت رأسي وقلدت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ
وَأَمَّا قَوْلُ حَفْصَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ
أَنْتَ (فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الْمُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ أَنْ يَحِلُّوا إِذَا طَافُوا وَسَعَوْا
وَيَجْعَلُوا حَجَّهُمْ ذلك عمرة إلا من كان هَدْيٌ فَإِنَّ مَحِلَّهُ مَحِلُّ هَدْيِهِ وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى
يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَلَمْ تَعْرِفْ حَفْصَةُ مِنْ أَمْرِهِ هَذَا فَسَأَلْتُهُ
وَقَدْ مَضَى قَوْلُنَا فِي أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَيْسَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِأَحَدٍ بَعْدَ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِهِ
وَدَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُمْ خُصُّوا بِذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا الْعِلَّةَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301
الْمُوجِبَةَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَأَنْ يَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ إِنَّمَا كَانَ
لِيُرِيَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ وَكَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا فَأَعْلَمَ بِجَوَازِ ذَلِكَ
لِيَدِينُوا بِهِ بِغَيْرِ مَا يَدِينُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُدْرِكُوا فِي عَامِهِمْ ذَلِكَ وَيَكُونُوا مُتَمَتِّعِينَ
لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ أَذِنَ فِي التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَإِبَاحَتُهُ مُطْلَقَةٌ وَكَذَلِكَ
الْقِرَانُ وَالْإِفْرَادُ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم
يأت في الكتاب ولا السُّنَّةِ أَنَّ بَعْضَهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ حَفْصَةَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ)
وَكَانَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ مَحَالَّهُمْ فِي دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ
يَطُوفُوا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نَرَى إِلَّا
الْحَجَّ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ
هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَحِلَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهِيَ الْعُمْرَةُ
وَذَلِكَ أَيْضًا مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمر أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
ثُمَّ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ
وَهَذَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِيمَا قُلْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُ حَفْصَةَ (وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ) فَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهَا مِنْ
عُمْرَتِكَ لَمْ يَقُلْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَالِكٍ وَأَظُنُّهُ رَأَى رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ فَقَصَرَ فِي
ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ (مِنْ عُمْرَتِكَ) فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لم يذكر
بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ (مِنْ عُمْرَتِكَ) وَهِيَ
لَفْظَةٌ مَحْفُوظَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ نَافِعٍ
فَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ فَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عبيد الله
بن عمر عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت
يا رسول الله مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي
وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي
بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ
عبيد الله قال حدثني نافع عن بن عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي
فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ فِي الْحَجِّ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ
بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ
حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ قَالَتْ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ
بِعُمْرَةٍ قُلْتُ فَمَا يَمْنَعُكَ يَا رَسُولَ الله أَنْ تَحِلَّ مَعَنَا قَالَ إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ وَلَبَّدْتُ فَلَا
أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ
بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هديي فلست
محل إِلَّا مَحِلَّ هَدْيِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُقِمْ إِسْنَادَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَذِكْرُ (عُمْرَتِكَ) وَتَرْكُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُورِينَ بِالْحِلِّ هُمُ
الْمُحْرِمُونَ بِالْحَجِّ لِيَفْسَخُوهُ فِي عُمْرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ
الْمُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَحِلُّ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْخِلَافُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَكٌّ
عَنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَا عِنْدَ مَنْ بعدهم وقد اعتمروا مع رسول الله وَعَرَفُوا
حُكْمَ الْعُمْرَةِ فِي الشَّرِيعَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِيُعَرِّفَهُمْ شَيْئًا فِي عِلْمِهِمْ بَلْ عَرَّفَهُمْ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ
لَهُمْ فِي عَامِهِمْ ذَلِكَ مِنْ فسخ الحج في عمرة فما كانوا قد جَهِلُوهُ وَأَنْكَرُوهُ مِنْ جَوَازِ
الْعُمْرَةِ فِي زَمَنِ الْحَجِّ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَوَجَّهُ إِلَى مِنًى وَلَمْ يَكُونُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303
يَتَمَتَّعُونَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَلَا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَا يَخْلِطُونَ عُمْرَةً مَعَ حَجَّةٍ
وَلَا يَجْمَعُونَهَا فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ فِي الْحَجِّ بِغَيْرِ مَا كَانُوا
عَلَيْهِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَأَوْضَحَ مَعَالِمَ الدِّينِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ
فَحَدِيثُ حَفْصَةَ هَذَا يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الْقِرَانِ لِأَنَّ هَدْيَ الْقِرَانِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا سَاقَهُ الْمُفْرِدُ لِأَنَّ هَدْيَ الْمُفْرَدِ هَدْيُ تَطَوُّعٍ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا وَلَوْلَا هَدْيُهُ
الْمَانِعُ لَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ لَحَلَّ مَعَ أَصْحَابِهِ أَلَّا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ
اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً يَعْنِي عُمْرَةً مُفْرَدَةً
يَتَمَتَّعُ فِيهَا بِالْحِلِّ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ وَمَنْ سَاقَ هَدْيًا لِمُتْعَتِهِ لم
يمنعه مِنَ الْحِلِّ
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ كَانَ قَبْلَ
الطَّوَافِ لِلْقُدُومِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَوْلُهَا فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَلَى
مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
وَهَذَا كله ينبغي أَنْ يَكُونَ هَدْيُهُ هَدْيَ مُتْعَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَدْيَ مُتْعَةٍ لَحَلَّ حِينَئِذٍ مَعَ
أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِيُخَالِفَهُمْ وَيَعْتَذِرَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ وَهَدْيُ
الْمُتْعَةِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ
قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْمُعْتَمِرُ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِذَا طَافَ وَسَعَى سَاقَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَسُقْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سَاقَ الْمُعْتَمِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ هَدْيًا وَهُوَ يُرِيدُ الْمُتْعَةَ لَمْ يَنْحَرْهُ
إِلَّا بِمِنًى وَطَافَ وَسَعَى وَأَقَامَ إِحْرَامًا وَلَا يَحِلُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَصِّرُ لِأَنَّهُ
سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ فَمَحِلُّهُ مَحِلُّ الْهَدْيِ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ
قَالُوا وَلَوْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ حَفْصَةَ أَيْضًا
مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَوْلَهَا وَقَالَ لَهَا إِنِّي
قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْهَدْيِ
وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالِي (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ
إِلَى الْحَجِّ) الْبَقَرَةِ 196 وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِلَّا مَنْ حَلَّ
مِنْ إِحْرَامِهِ وَتَمَتَّعَ بِالْإِحْرَامِ إِلَى أَنْ يُحْرِمَ لِحَجِّهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ
وَأَمَّا هَدْيُ الْقِرَانِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنَ الْإِحْلَالِ والفسخ عند جمهور السلف والخلف إلا بن
عَبَّاسٍ
وَتَابَعَتْهُ فِرْقَةٌ إِذَا لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ جَازَ لَهُ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ
قَالَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ روى خصيف عن طاوس وعطاء عن بن
عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْقَارِنَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِذَا لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ
قَالَ أَبُو عمر قول بن عَبَّاسٍ يَحْتَمِلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ
الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَحَلَلْتُ يَعْنِي
فَسَخَتُ الْحَجَّ مِنَ الْعُمْرَةِ كَمَا أَمَرْتُكُمْ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ خُصُوصٌ لَهُمْ بِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لِقَوْلِ
اللَّهُ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196 وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَدْيُ الْقِرَانِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورِ
أَهْلِ الْعِلْمِ فَالْأَوْلَى بِمَنْ يَرَوْنَ الْإِنْصَافَ أَلَّا يَشُكُّوا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا أَنَّهُ دَالٌّ
عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا مَعَ مَا يَشْهَدُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ القران
وإنما اختار مالك (رحمه الله) القران وَمَالَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ
مَالَ إِلَى مَا رَوَى وَهَذَا اللَّازِمُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ مَا عَلِمَ وَحُكْمُهُ عَلَى اخْتِيَارِ
الْإِفْرَادِ أَيْضًا مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اخْتِيَارِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ
وَالْإِفْرَادُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ عَنَ الْخَلِيفَتَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّهُمَا أَفْرَدَا
الْحَجَّ وَعَنْ عُثْمَانَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا
وَكَانَ عُمَرُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْهُ وَيَقُولُ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَهُوَ أَتَمُّ لِحَجِّ
أَحَدِكُمْ أَنْ تَكُونَ عُمْرَتُهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ
فَاخْتِيَارُ مَالِكٍ هُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) وكان مالك
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304
يَقُولُ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ فَانْظُرُوا إِلَى مَا
عَمِلَ بِهِ الْخَلِيفَتَانِ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهُوَ الْحَقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلَ لَا أَنَّ مَا عَدَاهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى
أَنَّ الْإِفْرَادَ وَالْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَأَنَّهُ لَيْسَ
مِنْهَا شَيْءٌ بَاطِلٌ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ وَدِينٌ وَشَرِيعَةٌ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فِي الْحَجِّ وَمَنْ
مَالَ مِنْهَا إِلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا مَالَ بِرَأْيِهِ إِلَى وَجْهِ تَفْضِيلٍ اخْتَارَهُ وَأَبَاحَ مَا سِوَاهُ
وَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ أَفْرَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ بِمَعْنَى أَمَرَ بِهِ فَأَذِنَ فِيهِ
كَمَا قِيلَ رَجَمَ مَاعِزًا وقَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَقَطَعَ فِي مِجَنٍّ
وَيُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) الزُّخْرُفِ 51 الْمَعْنَى أَنَّهُ
أَمَرَ بِذَلِكَ
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ مُفْرِدًا تَأَوَّلَ فِي حَدِيثِ
حَفْصَةَ مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ إِحْرَامِهِمْ ولَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ إِحْرَامِكَ الَّذِي ابْتَدَأْتَهُ مَعَهُمْ
وَقَالَ بعضهم قد يأتي من بالباب كَمَا قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)
الرَّعْدِ 11 أَيْ بِأَمْرِ اللَّهِ يُرِيدُ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ بِعُمْرَةٍ مِنْ إِحْرَامِكَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ مُفْرِدًا
فِي حَجَّتِكَ
وَمَنِ اخْتَارَ الْقِرَانَ مَالَ فِيهِ إِلَى أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ
قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ الشِّخِّيرِ يَقُولُ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا
شَاءَ اللَّهُ
أخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٌ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306
الطَّوِيلُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يحيى بن معين قال حدثني حجاح وَهُوَ الْأَعْوَرُ قَالَ
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ) حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْيَمَنِ فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَوَاقِيَ
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلِيٌّ وَجَدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ نَضَحَتِ
الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ قال فتخطيته فقالت لي مالك فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا قَالَ قُلْتُ إِنِّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي كَيْفَ صَنَعْتَ قُلْتُ إِنِّي أَهْلَلْتُ بِمَا أَهْلَلْتَ
قَالَ فَإِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ (رضي الله عنه) حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَمَنِ
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلِيٌّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي كَيْفَ صَنَعْتَ فَقُلْتُ أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِكَ قَالَ فَإِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ
قَالَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ وَلَكَنَّى سُقْتُ
الْهَدْيَ وَقَرَنَتْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا أَنَسٌ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ
وَالْحَجِّ مَعًا
وَعَلِيٌّ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ
وَلَيْسَ يُوجَدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِخْبَارٌ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ
أَفْرَدَ وَلَا أَنَّهُ تَمَتَّعَ وَإِنَّمَا يُوجَدُ عَنْ غَيْرِهِ إِضَافَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِمَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ
وَهَذَا لَفْظٌ يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيَدْفَعُ الِاحْتِمَالَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ
وَمِمَّا يَدُلُّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان قارنا حديث مالك عن بن
شهاب عن
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307
عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة
الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ
فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ حَسْبِي
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ