مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ لَيْلًا وَهُوَ
مُعْتَمِرٌ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ حَتَّى يُصْبِحَ
قَالَ وَلَكِنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ فَيَطُوفُ بِهِ حَتَّى يَحْلِقَ رَأْسَهُ
قَالَ وَرُبَّمَا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ لَيْلًا وَهُوَ
مُعْتَمِرٌ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ حَتَّى يُصْبِحَ
قَالَ وَلَكِنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ فَيَطُوفُ بِهِ حَتَّى يَحْلِقَ رَأْسَهُ
قَالَ وَرُبَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ فِيهِ وَلَا يَقْرَبُ الْبَيْتَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ حَرَجٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَأَظُنُّ
الْقَاسِمَ لَمْ يَجِدْ فِي اللَّيْلِ مَنْ يَحْلِقُهُ
وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ مِنَ الطَّوَافِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَمِنْ أَجْلِ أَلَّا يَطُوفَ فِي عُمْرَتِهِ طَوَافَيْنِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فَإِذَا حَلَّ بِالْحِلَاقِ طَافَ تَطَوُّعًا مَا شَاءَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَرُبَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ فِيهِ وَلَا يَقْرَبُ الْبَيْتَ) فَذَلِكَ لِأَنْ لَا تَدْعُوهُ
نَفْسُهُ إِلَى الطَّوَافِ فَيَنْسَى فَيَطُوفُ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطُوفَ فِيهِ مِنْ أَجْلِ
الْحِلَاقِ الْمَانِعِ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَقَ خَرَجَ مِنْ عُمْرَتِهِ كُلِّهَا فَصَنَعَ مَا شَاءَ مِنْ طَوَافِ كُلِّهِ
وَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّ حِلَاقَ الرَّأْسِ يُعَدُّ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْمُعْتَمِرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ فِي ذَلِكَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ التَّفَثُ حِلَاقُ الشَّعَرِ وَلُبْسُ الثِّيَابِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ لَا
خِلَافَ فِيهِ
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ الْحِلَاقَ بِمِنًى فِي الْحَجِّ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يَحْلِقَ بِمَكَّةَ
قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَالْحِلَاقُ بِمِنًى أَحَبُّ إِلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ لِيَكُونَ حَلْقُ رَأْسِهِ فِي حَجِّهِ حَيْثُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فِي
حَجِّهِ وَذَلِكَ بِمِنًى هُوَ مَنْحَرُ الْحَاجِّ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَأَجَازَهُ بِمَكَّةَ كَمَا يَجُوزُ النَّحْرُ بِمَكَّةَ لَمْ
يَنْحَرْ هُنَا لِأَنَّ الْهَدْيَ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ مَكَّةَ فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ أَحَدًا لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ
شَعْرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ بِمِنًى
يَوْمَ النَّحْرِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قال (ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ
مَحِلَّهُ) الْبَقَرَةِ 196
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ
فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ إِنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ كَانَ
قَارِنًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ
وَقَالَ زُفَرُ إِنْ كَانَ قَارِنًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمَانِ لِلْحِلَاقِ قَبْلَ النَّحْرِ
وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ المسألة بأتم ذكر من ها هنا عند ذكر حديث بن شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ
طَلْحَةَ فِي بَابِ جَامِعِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ