مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ

الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَنْ لَا تُخَالِفْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي شَيْءٍ
مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ زَالَتِ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322
الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَنْ لَا تُخَالِفْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي شَيْءٍ
مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ
وَأَنَا مَعَهُ فَصَاحَ بِهِ عِنْدَ سُرَادِقِهِ أَيْنَ هَذَا فَخَرَجَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ
فَقَالَ مَا لِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَقَالَ أَهَذِهِ السَّاعَةَ
قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَيَّ مَاءً ثُمَّ أَخْرُجَ فَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى خَرَجَ
الْحَجَّاجُ فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ لَهُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ الْيَوْمَ فَاقْصُرِ
الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ قَالَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْمَا يَسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَدَقَ سَالِمٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَخْرُجُ مِنَ الْمُسْنَدِ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلْحَجَّاجِ الرَّوَاحَ
إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ سَالِمٍ لَهُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصلاة
وقول بن عُمَرَ صَدَقَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الزُّهْرِيَّ شَهِدَ
هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَهُمْ وَصَحَّحَ سَمَاعَ الزهري من بن عُمَرَ يَوْمَئِذٍ وَبَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ
التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فِقْهٌ وَأَدَبٌ وَعِلْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمُورِ الْحَجِّ
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِقَامَةَ الْحَجِّ إِلَى الْخُلَفَاءِ وَمَنْ جَعَلُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَأَمَّرُوهُ عَلَيْهِ
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُضَمَّ إِلَى الْأَمِيرِ عَلَى الْمَوْسِمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ وَطُرُقِ الْفِقْهِ
وَفِيهِ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْفَاجِرِ مِنَ السَّلَاطِينِ مَا كَانَ إِلَيْهِمْ إِقَامَتُهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَمِثْلَ
الْحَجِّ وَالْأَعْيَادِ والجمعات
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَجَّ يُقِيمُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِ مَنْ يُقِيمُهُ لَهُمْ
عَلَى شَرَائِعِهِ وَسُنَنِهِ فَيُصَلُّونَ خَلْفَهُ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا أَوْ مُبْتَدِعًا مَا لَمْ تُخْرِجْهُ بِدْعَتُهُ
عَنِ الْإِسْلَامِ
وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْفَاضِلَ لَا نَقِيصَةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ مَعَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ فِيمَا يَحْتَاجُ
إِلَيْهِ
وَفِيهِ أَنَّ رَوَاحَ الْإِمَامِ مِنْ مَوْضِعِ نُزُولِهِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مَسْجِدِهَا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ
لِلْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَكَذَلِكَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ مَنْ بَعُدَ عَنِ الْمَسْجِدِ بِعَرَفَةَ أَوْ قَرُبَ أَنْ لَا
يَكُونُ مَوْضِعَ نُزُولِهِ مُتَّصِلًا بِالصُّفُوفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَا حَرَجَ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَزَلَ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ قَرِيبًا مِنْ
مَنْزِلِ الْأُمَرَاءِ الْيَوْمَ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ نَزَلَ بِنَمِرَةَ مِنْ عَرَفَةَ وَحَيْثُ مَا نَزَلَ بِعَرَفَةَ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ وُقُوفُهُ مِنْهَا
حَيْثُ شَاءَ مَا وَقَفَ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَلْزَمُ مَنْ وَقَفَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ
فَإِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ بِعَرَفَةَ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا مَعَ
الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ عن
بن عمر قال لما قتل الحجاج بن الزبير أرسل إلى بن عُمَرَ أَيَّةُ سَاعَةٍ كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُوحُ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رُحْنَا فَلَمَّا أَرَادَ بن
عُمَرَ أَنْ يَرُوحَ قَالَ أَزَاغَتِ الشَّمْسُ قَالُوا لَمْ تَزُغِ الشَّمْسُ وَقَالَ أَزَاغَتِ الشَّمْسُ قَالُوا
لَمْ تَزُغْ ثُمَّ قَالَ أَزَاغَتْ فَلَمَّا قَالُوا قَدْ زَاغَتِ ارْتَحَلَ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ
فَرُحِلَتْ لَهُ وَأَتَى الْوَادِيَ وَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ
فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ رَاحَ إِلَى الْمَوْقِفِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ بِعَرَفَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِي جُلُوسِ الْإِمَامِ
لِلْخُطْبَةِ قَبْلَهَا
فَقَالَ مَالِكٌ يَخْطُبُ الْإِمَامُ طَوِيلًا ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ ثُمَّ يُصَلِّي
وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ صَدْرًا مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ فَيَكُونُ فَرَاغُهُ مَعَ
فَرَاغِ الإمام من الخطبة ثم ينزل فيقيم
وحكى عنه بن نافع أنه قال الأذان إذا قام بعرفة بعد جلوس الإمام للخطبة
وقال الشافعي يأخذ المؤذن في الأذان إذا قام الإمام للخطبة الثانية فيكون فراغه من
الأذان بفراغ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ
لِلْعَصْرِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ
فَإِذَا فَرَغَ الإمام قام المؤذن فَخَطَبَ ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْإِمَامِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَيَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ
يَقُومُ فَيَخْطُبُ طَوِيلًا ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ ثُمَّ يصلي
ذكره بن وَهْبٍ عَنْهُ
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مَا قَدَّمْنَا ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجْلِسُ فَإِذَا فَرَغَ
الْمُؤَذِّنُ قَامَ يَخْطُبُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَتَى الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ خَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ جُلُوسًا عِنْدَ
صُعُودِ الْمِنْبَرِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْأُولَى جَلَسَ جِلْسَةً خَفِيفَةً قَدْرَ قِرَاءَةِ (قُلْ هو الله أحد)
الْإِخْلَاصِ 1 ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خُطْبَةً أُخْرَى
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى بِعَرَفَةَ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ
لَا صَلَاةَ جُمُعَةٍ وَلَمْ يَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ الْإِمَامِ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ الْإِمَامِ هَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ
يَجْمَعُ بينهما بِالْمُزْدَلِفَةِ إِذَا فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ صَلِّ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ الصَّلَاتَيْنِ إِنِ اسْتَطَعْتَ وَإِنْ صَلَّيْتَ فِي ذَلِكَ
فَصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَنْ صَلَّاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى
وَحْدَهُ فَلَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا إِلَّا لِوَقْتِهَا
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ جَائِزٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا
مِنَ الْمُسَافِرِينَ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ جمع رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ وَلِكُلِّ
مُسَافِرٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَذَانِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ
فَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّيهِمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ يَجْمَعُ
بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ (مِنْ
قَوْلِهِ فِي صَلَاتَيِ الْمُزْدَلِفَةِ وَالْحُجَّةُ لَهُ قَدْ تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ)
وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا
بِإِقَامَةٍ إِقَامَةٍ دُونَ أَذَانٍ
رَوَاهُ الْكَوْسَجُ عَنْهُمَا
وَرَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ الْأَثْرَمُ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ
وَإِقَامَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ بِإِقَامَةٍ إِقَامَةٍ
وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ
النُّعْمَانِ بْنِ حُمَيْدٍ أَبِي قُدَامَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الصَّلَاتَيْنِ بأذانين
وإقامتين
وعن بن مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَرَفَةَ
وَالْمُزْدَلِفَةِ وَقَالَ فِيهِ الْمُحَارِبِيُّ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْحُجَّةُ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي الْحَجِّ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326
وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَسَاقُوا الْحَدِيثَ
بِطُولِهِ وَفِيهِ فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ بِالْخُطْبَةِ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ
ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ لَمْ يُصَلِّ بينهما شيئا الحديث
وفي لبس الحاج المعصفر وترك بن عُمَرَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ مَعَ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِيَّاهُ أَنْ
لَا يُخَالِفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ عِنْدَهُ وَإِنْ
كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَهُ
وَكَانَ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) يَكْرَهُ الْمُصَبَّغَاتِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَسْمَاءَ بِنْتَ
أَبِي بَكْرٍ
وَرُوِيَ عَنْ عائشة مثل قول مالك رواه الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ
كانت تكره المثرد بالعصفر
وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمُصَبَّغَاتِ بِالْعُصْفُرِ ثُمَّ فِي الْإِحْرَامِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَأَبُو ثَوْرٍ
وَرَخَّصَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَلِيلًا لِعَمَلٍ
يَكُونُ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ مِثْلِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ
وَفِيهِ الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ قَوْلَ الْحَجَّاجِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ
عَلَيَّ مَاءً كَذَلِكَ كَانَ
وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَهُ
وَفِيهِ إِبَاحَةُ فَتْوَى الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيِ الكبير ألا ترى أن سالما علم الحاج قصر
الخطبة وتعجيل الصلاة وأبوه بن عُمَرَ إِلَى جَنْبِهِ وَقَصْرُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
وَفِي غَيْرِهِ سُنَّةٌ وَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِ
الظُّهْرِ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ بِإِثْرِ السَّلَامِ مِنَ الظُّهْرِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّى بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَنَّ صَلَاتَهُ
جَائِزَةٌ وَأَنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَخْطُبْ وَيُسِرُّ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا
ظُهْرٌ وَعَصْرٌ قَصُرَتَا مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ عرفة
وأم قوله (عجل الصلاة) فكذلك رواه يحيى وبن القاسم وبن وهب ومطرف
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327
وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ وَأَشْهَبُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ
الْوُقُوفَ مَكَانَ عَجِّلِ الصَّلَاةَ
وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِهِ وَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلَ الْقَعْنَبِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْوُقُوفِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا
سُنَّةٌ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَنْ عَجَّلَ الصَّلَاةَ عَجَّلَ الْوُقُوفَ لِأَنَّهُ بِإِثْرِهَا مُتَّصِلٌ بِهَا