مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ
جَمِيعًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دفع من عرفة في
حجته بعد ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَخَّرَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ذَلِكَ الْوَقْتَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ
جَمِيعًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دفع من عرفة في
حجته بعد ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَخَّرَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَلَمْ يُصَلِّهَا
حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فصلى بها المغرب والعشاء جمع بينهما بعد ما غَابَ الشَّفَقُ
وَأجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الْحَاجِّ كُلِّهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِتِلْكَ الصَّلَاتَيْنِ بِهَا
فَقَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ
بِإِقَامَةٍ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وقال الشافعي يصليهما بإقامة إقامة
وقال بن الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ كُلُّ صَلَاةٍ إِلَى الْأَئِمَّةِ فَلِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ الْحُجَّةَ لِمَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ
الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقْتًا وَاحِدًا سَنَّ ذَلِكَ لَهُمَا وَإِذَا كَانَ وَقْتُهُمَا وَاحِدًا لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ
مِنْهُمَا أَوْلَى بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَاحِبَتِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُصَلَّى فِي وَقْتِهَا
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا صُلِّيَتْ فِي جَمَاعَةٍ لِوَقْتِهَا أَنَّ مِنْ سُنَّتِهَا الْأَذَانَ لَهَا كَمَا
تَقَدَّمَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ خَالِدٍ
يَعْجَبُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ إذ أخذ بحديث بن مَسْعُودٍ وَلَمْ يَرْوِهِ وَتَرَكَ الْأَحَادِيثَ
الَّتِي رَوَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ مَالِكًا رَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا فِيهِ ذِكْرُ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَأَعْجَبُ
مِنْهُ مَا عَجِبَ مِنْهُ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَعْدِلُونَ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَاحِدًا
وَخَالَفُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَخَذُوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مَدِينِيٌّ لَمْ يَرْوُوهُ فقالو ابه
وَتَرَكُوا أَحَادِيثَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ جَمِيعًا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَا صَلَّى بِنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ
ثَلَاثًا بِإِقَامَةٍ فَلَمَّا سَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَدَّثَ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ صَنَعَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ
بِمِثْلِ ذلك وحدث بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنْعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ
الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عمر قال
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ
بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ
وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ أَيْضًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ بن
عُمَرَ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ
قَالَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ
وَفِي هَذَا آثَارٌ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ
رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ من حديث أبي أيوب الأنصاري ومن حديث الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صَلَّاهُمَا كَذَلِكَ
قَالُوا وَإِنْ كَانَ قَصَّرَ بَعْضُ مَنْ نَقَلَ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا بِالْمُزْدَلِفَةِ فَلَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وإقامتين
والقياس أن تكونا كَذَلِكَ بِالْمُزْدَلِفَةِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ بالمزدلفة بإقامتين إقامة لكل واحدة
منهما حديث بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى
بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا
شَيْئًا
هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عن بن شهاب منهم الليث بن سعد وبن أَبِي ذِئْبٍ
وَلَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ مَعْمَرٌ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ
قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ
سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ إِقَامَةٍ لَمْ يُسَبِّحْ
بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ عِنْدِي عَنِ بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَبِهِ قَالَ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ حَسَنٌ قَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا يُصَلِّي الصَّلَاتَيْنِ
بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ
وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بن جبير عن بن عُمَرَ أَنَّهُ
جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا
وَقَالَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَلَيْسَ
بِالْقَوِيِّ
وَتَحَمَّلَ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ صَلَّى المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذانين وإقامتين
وعن بن مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ
قَالُوا إِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ (رِضَى اللَّهُ عَنْهُ) بِالْأَذَانِ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْأُولَى بِأَذَانٍ
وَإِقَامَةٍ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قَدْ تَفَرَّقُوا لِعَشَائِهِمْ فَأَذَّنَ لِيَجْمَعُوهُمْ ثُمَّ أَقَامَ
قَالُوا وَكَذَلِكَ نَقُولُ إِذَا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْإِمَامِ لِعَشَائِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ أَمَرَ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنِينَ
فَأَذَّنُوا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ
قَالُوا وَهُوَ مَعْنَى ما روي عن بن مَسْعُودٍ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا أَحَدٌ قَبْلَ جَمْعٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنَّ صَلَّاهُمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ
يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُصَلِّيهِمَا حَتَّى يَأْتِيَ جَمْعًا وَلَهُ السَّعَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ
صَلَّاهُمَا دُونَ جَمْعٍ عَادَ
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قِيلَ لَهُ الصَّلَاةَ قَالَ الصَّلَاةُ أمامك يعني
بالمزدلفة
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَسَوَاءٌ صَلَّاهُمَا قَبْلَ
مَغِيبِ الشَّفَقِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُمَا إِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ
فَرُوِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ
وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّ مَنْ صَلَّاهُمَا بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَاسَ مَنْ قَالَ بِهَذَا صَلَاةَ جَمْعٍ عَلَى صَلَاةِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ فِي
أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا
وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ جَمْعٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَأَمَّا حَدِيثُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي
إِسْنَادِهِ عَلَى مَالِكٍ وَعَلَى مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ أَيْضًا فِي التَّمْهِيدِ
وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُنَّتِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا
وَالدَّفْعُ مِنْهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَيْضًا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ فَنَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقِيلَ إِنَّهُ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَلَمْ
يَتَوَضَّأْ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ وَقِيلَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ عَلَى بَعْضِ
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كوضوء بن عُمَرَ عِنْدَ النَّوْمِ
وَالَّذِي تُعَضِّدُهُ الْأُصُولُ أَنَّهُ اسْتَنْجَى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَشْتَغِلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ فِي شَرِيعَتِهِ وَيَدَعُ الْعَمَلَ فِي نُهُوضِهِ إِلَى مَنْسَكٍ مِنْ مَنَاسِكِهِ أَلَّا تَرَى
أَنَّهُ لَمَّا حَانَتِ الصَّلَاةُ فِي مَوْضِعِهَا نَزَلَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ لَهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ
بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ لِلصَّلَاةِ وَقَالَ لَمْ أُومَرْ أَنْ أَتَوَضَّأَ كلما بلت
وذكرنا حديث بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ فَقِيلَ
لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأُ فَقَالَ مَا أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأَ! !
وَرَوَى سفيان عن بن أَبِي نَجِيحٍ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ اتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبَالًا وَاتَّخَذْتُمُوهُ مُصَلًّى! يَعْنِي الشِّعْبَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا دَفَعَ بِالْحَاجِّ وَالنَّاسُ مَعَهُ لَا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ
فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا مَعَ الْعِشَاءِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ
فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ