مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى لَا
يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلَّا بِمِنًى
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَكْثَرُ النَّاسِ
وَفِيهِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى لَا
يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلَّا بِمِنًى
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَكْثَرُ النَّاسِ
وَفِيهِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلَّا بِمِنًى
حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِيهِ مَا روي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَدْ بَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِمِنًى وصلى
وكان بن عَبَّاسٍ (رِضَى اللَّهُ عَنْهُ) يُرَخِّصُ فِي الْمَبِيتِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنا بن عيينة عن بن دينار عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ
لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى وَيَظَلُّ إِلَى رَمْيِ الْجِمَارِ
وعن بن عيينة عن بن جريج أو غيره عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا بَاتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فَعَلَيْهِ دم
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا بَاتَ بِمَكَّةَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلْيُهْرِقْ دَمًا
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ مَا عَلَى مَنْ بَاتَ بِمَكَّةَ لَيْلًا أَوْ لَيَالِيَ مِنًى قَالَ لَمْ
يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ أَحْفَظُهُ الْآنَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343
التَّشْرِيقِ لِكُلِّ حَجٍّ إِلَّا مَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْمَبِيتِ بِمَكَّةَ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِمْ وَأَرْخَصَ
لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يأتي ذكره بعد إن شَاءَ اللَّهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثني بن نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ قَالَ اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ فَأَذِنَ لَهُ
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ
قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ
بن عُمَرَ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ
يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ
قال أبو عمر حديث بن عُمَرَ هَذَا ثَابِتٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَ مِنًى مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ خَصَّ بِالرُّخْصَةِ
عَمَّهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ وَكَانَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَكْرُمَةً يَسْقِي النَّاسَ نَبِيذَ
التَّمْرِ فِي الْمَوْسِمِ فَأَقَرَّ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ عن سفيان عن بن طَاوُسٍ قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ شُرْبُ
نَبِيذِ السقاية من تمام الحج
وروى بن جريج عن نافع أن بن عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنَ النَّبِيذِ وَلَا مِنْ زَمْزَمَ قَطُّ
يَعْنِي فِي الْحَجِّ
وَقَالَ دَارِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ النَّبِيذِ فَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَقُلْتُ يَا
بن أُمِّ رَبَاحٍ أَتَزْعُمُ أَنَّهُمْ يَسْقُونَ الْحَرَامَ فِي المسجد الحرام فقال يا بن أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ
أَدْرَكْتُ هَذَا الشَّرَابَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيَشْرَبُ فَتَلْتَزِقُ شَفَتَاهُ مِنْ حَلَاوَتِهِ قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَتِ
النَّخْوَةُ وَوَلِيَ السُّفَهَاءُ تَهَاوَنُوا بِالشَّرَابِ وَاسْتَخَفُّوا بِهِ
وَأَمَّا وِلَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ سِقَايَاتُ زَمْزَمَ فَأَشْهَرُ من أن
تذكر
وقال عطاء كان بن عَبَّاسٍ يَأْتِي مِنًى كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ زَوَالِ الشمس يرمي
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344
الْجِمَارَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ فَيَبِيتُ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ بَاتَ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السِّقَايَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ بَاتَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى إِلَّا لِرُعَاةِ الْإِبِلِ وَأَهْلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ
دُونَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَسَوَاءٌ مَنِ اسْتَعْمَلُوا عَلَيْهَا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْ يَبِيتُوا بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ غَفَلَ أَحَدٌ فَبَاتَ بِغَيْرِ مِنًى وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ أَحْبَبْتُ أَنْ
يُطْعِمَ عَنِ اللَّيْلَةِ مِسْكِينًا فَإِنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى كُلَّهَا أَحْبَبْتُ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِنْ بَانَ عَنْهَا لَيْلَةً تَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ بَانَ عَنْهَا لَيْلَتَيْنِ تَصَدَّقَ بِدِرْهَمَيْنِ
وَإِنْ بَانَ عَنْهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ
وَالثَّانِي أَنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ لَيْلَةٍ مُدًّا مِنْ طَعَامٍ إِلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ فَإِنْ تَمَّتِ الثَّلَاثُ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ يَأْتِي مِنًى فَيَرْمِي الْجِمَارَ ثُمَّ يَبِيتُ بِمَكَّةَ فَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا قَالَ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً مَا سَقَطَتْ عَنِ النَّاسِ وَإِنَّمَا
هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَحَسْبُهُ إِذَا رَمَى الْجِمَارَ فِي وَقْتِهَا وَعِلَّةُ مَنْ رَأَى الدَّمَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا
سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَرَخَّصَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ