مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن بْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا
حَجٌّ يَا رَسُولَ (...)
 
مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن بْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا
حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ
أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ
وَرَوَاهُ بن وهب وأبو مصعب والشافعي وبن عَثْمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397
التِّنِّيسِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عن كريب مولى بن عباس عن بن عَبَّاسٍ
عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الِاخْتِلَافَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَعَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَقَبَةَ أَيْضًا
فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ قَدْ أَسْنَدَهُ ثِقَاتٌ لَيْسُوا بِدُونِ مَنْ قَطَعَهُ
وَالْمِحَفَّةُ شَبِيهَةٌ بِالْهَوْدَجِ وَقِيلَ لَا غِطَاءَ عَلَيْهَا
وَالضَّبْعُ بَاطِنُ السَّاعِدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْحَجُّ بِالصِّبْيَانِ
وَأَجَازَهُ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَهْلُ البدع
فلم يرو الْحَجَّ بِهِمْ وَقَوْلُهُمْ مَهْجُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَجَّ
بِأُغَيْلِمَةِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ فِي الصَّبِيِّ لَهُ حَجٌّ وَلِلَّذِي يُحِجُّهُ أَجْرٌ
وَحَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِرْقَةٍ
قَالَ عُمَرُ تُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ حَسَنَاتُهُ وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ
وَحَجَّ السَّلَفُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا بِالصِّبْيَانِ وَالْأَطْفَالِ يُعَرِّضُونَهُمْ لِرَحْمَةِ اللَّهِ
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَإِذَا بَلَغَ عَشْرًا فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا
فَكَمَا تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ حَجٌّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ
وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَمُحَالٌ أَلَّا يُؤْجَرُوا عَلَيْهَا فَالْقَلَمُ إِنَّمَا
هُوَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمْ فِيمَا أَسَاءُوا فِي أَنْفُسِهِمْ أَلَّا تَرَى أَنَّ مَا أَتْلَفُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ ضَمِنُوهُ
وَكَذَلِكَ الدِّمَاءُ عَمْدُهُمْ فِيهَا خَطَأٌ يُؤَدِّيهِ عَنْهُمْ مَنْ يُؤَدِّيهِ عَنِ الْكِبَارِ فِي خَطَئِهِمْ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ حَجَّ صَغِيرًا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ حُجَّ بِهِ طِفْلًا ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُجِزْهُ ذَلِكَ
عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398
وَقَدْ شَذَّتْ فِرْقَةٌ فَأَجَازُوا لَهُ حَجَّةً بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ
الغرض لا يؤدي إلا بعد الوجوب
وهذا بن عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ
الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِالصَّبِيِّ يَحُجُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ قَالَ يَحُجُّ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ
وَفِي الْمَمْلُوكِ يَحُجُّ ثُمَّ يَعْتِقُ قَالَ عَلَيْهِ الْحَجُّ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عن بن عباس وعن
بن عيينة عن مطرف عن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أبي ظبيان
عن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ خَالَفَهُ فِي الْمَمْلُوكِ فَقَالَ
يُجْزِئُهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَا يُجْزِئُ الصبي
وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَقْضِي حَجَّةُ الصَّغِيرِ
عَنْهُ فَإِذَا بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ واجبة
قال وأخبرنا معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَاهِقِ وَالْعَبْدِ يُحْرِمَانِ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ هَذَا وَيَعْتِقُ هَذَا قَبْلَ
الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا سَبِيلَ إِلَى رَفْضِ الْإِحْرَامَيْنِ لِهَذَيْنِ وَلَا لِأَحَدٍ وَيَتَمَادَيَانِ عَلَى إِحْرَامِهِمَا
وَلَا يُجْزِئُهُمَا حَجُّهُمَا ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَحْرَمَ الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَقَفَ بِهَا مُحْرِمًا أَجْزَأَهُ
ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحْتَجْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى تَجْدِيدِ إِحْرَامِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَحْرَمَ الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ فِي حَالِ إِحْرَامٍ فَإِنْ جَدَّدَ إِحْرَامًا قَبْلَ وُقُوفِهِ
بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ إِحْرَامًا لَمْ يُجْزِئْهُ
قَالَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ جَدَّدَ إِحْرَامًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحُجَّتَهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ مَالِكٌ يُحَجُّ بِالصَّغِيرِ وَيُجَرَّدُ بِالْإِحْرَامِ وَيُمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ وَمِنْ كُلِّ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ
الْكَبِيرُ فَإِنْ قَوِيَ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَإِلَّا طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا وَرُمِيَ
عَنْهُ وَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا فُدِيَ عَنْهُ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْكَبِيرُ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ
وَفُدِيَ عَنْهُ
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399
لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي صَيْدٍ وَلَا فِدْيَةَ عليه في لباس ولا طيب
وقال بن الْقَاسِمِ تَجْرِيدُهُ يُغْنِي عَنِ التَّلْبِيَةِ عَنْهُ لَا يُلَبِّي عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُلَبِّي
عَنْ نَفْسِهِ
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ لَمْ يَطُفْ طَوَافَهُ الْوَاجِبَ لِأَنَّهُ يدخل طوافين في
طواف
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَرَى أَنْ يَطُوفَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَطُوفَ لِلصَّبِيِّ وَلَا يَرْكَعَ عَنْهُ
وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي رَكْعَتَيْهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانُوا
يَحُجُّونَ إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ أَنْ يُجَرِّدُوهُ وَأَنْ يُجَنِّبُوهُ الطِّيبَ إِذَا أَحْرَمَ وَأَنْ يُلَبَّى عَنْهُ إِذَا
كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّلْبِيَةِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ يَحُجُّ بِالصَّبِيِّ وَيُرْمَى عَنْهُ وَيُجَنَّبُ مَا يُجَنَّبُهُ
الْكَبِيرُ مِنَ الطِّيبِ وَلَا يُخَمِّرُ رَأْسَهُ وَيُهْدَى عَنْهُ إِنْ تَمَتَّعَ