وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ (...) |
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ)) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((يَضْمَنُ اللَّهُ لِمَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ إِيمَانًا بِهِ وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثَيْ مَالِكٍ الْمَذْكُورَيْنِ هَذَا مِنْ أَجَلِّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ مُثِّلَ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَهُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَجَعَلَ الْمُجَاهِدَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْ ذَلِكَ سَاعَةً فَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ صَاحِبُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرَاقِدًا وَمُتَلَذِّذًا بِكَثِيرٍ - مَا أُبِيحُ لَهُ - مِنْ حَدِيثِ رَفِيقِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمُصَلِّي التَّالِي لِلْقُرْآنِ فِي صِلَاتِهِ الصَّائِمِ الْمُجْتَهِدِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا هُوَ تُفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الصَّفِّ 10 11 الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) الصَّفِّ 13 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْمُجَاهِدَ بِالصَّائِمِ الْقَائِمِ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَيْضًا فَضْلُ الْجِهَادِ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ لَا يَزْكُو مِنْهَا إِلَّا مَا خَلُصَتْ فِيهِ النِّيَّةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ((لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ)) وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ ((إِيمَانًا بِهِ وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِهِ وَقَوْلُهُ فِيهِ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ أَجِرٍ وَغَنِيمَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) النِّسَاءِ 24 يُرِيدُ وَلَا كَفُورًا وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) النِّسَاءِ 3 فَاطِرٍ 1 أَيْ مَثْنَى أَوْ ثَلَاثَ أَوْ رُبَاعَ فَقَدْ تَكُونُ ((أَوْ)) بِمَعْنَى ((الْوَاوِ)) وَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى ((أَوْ)) وَقَدْ رُوِيَ مَنْصُوصًا مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ بِوَاوِ الْجَمْعِ لَا ((بِأَوْ)) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ أبي أمامة الباهلي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 قَالَ ((ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ)) وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ شَيْئًا وَأَنَّهُ أَقَرَّ الْأَجْرَ غَنِمَ أَوْ لَمْ يَغْنَمْ وَشَهِدَ لِهَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَى تَقَبُّلِهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْأَثَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بِأَسْهُمِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُمْ غَيْرُ حَاضِرِي الْقِتَالِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ((وَأَجْرُكَ)) وَأَجْمَعُوا أَنَّ تَحْلِيلَ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ وَظَائِفِهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ)) وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((أُعْطِيتُ خمسا لم يعطهن أحد قَبْلِي)) وَذَكَرَ مِنْهَا ((فَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ كَانَتْ تُحْبِطُ الْأَجْرَ أَوْ تُنْقِصُهُ مَا كَانَتْ فَضِيلَةً لَهُ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ الْغَنِيمَةَ تُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ الْغَانِمِينَ لِحَدِيثٍ رَوَوْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((مَا مِنْ سَرِيَّةٍ أُسِرَتْ وَأَخْفَقَتْ إِلَّا كُتِبَ لَهَا أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 قَالُوا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَسْكَرَ إِذَا لَمْ يَغْنَمْ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتُصِيبُ غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلْثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ)) وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّرِيَّةِ أُسِرَتْ فَأَخْفَقَتْ أَنَّ لَهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ فَيَحْتَمِلُ مِثْلَ مَا يَحْتَمِلُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُضَاعَفًا لَهَا بِمَا نَالَهَا مِنَ الْخَوْفِ وَعَلَى مَا فَاتَهَا مِنَ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أُصِيبَ بِمَالِهِ مُضَاعَفًا فَيُؤْجَرُ عَلَى مَا يَتَكَلَّفُهُ مِنَ الْجِهَادِ أَجْرَ الْمُجَاهِدِ وَعَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَجْرًا آخَرَ كَمَا يُؤْجَرُ عَلَى مَا يَذْهَبُ مِنْ مَالِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ |