وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ (2) وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ |
وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ (2) وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِيًّا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا فِي ظُهُورِهَا فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ وَرَجُلٌ رَبْطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ)) وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ ((لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ (12) الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يُؤْجَرُ الْإِنْسَانُ فِي اكْتِسَابِهَا لِأَعْيَانِهَا وَإِنَّمَا يُؤْجَرُ بِالنِّيَّةِ الْحَسَنَةِ فِي اسْتِعْمَالِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ مِنَ الْفَضْلِ فِي عَمَلِهِ لِأَنَّهَا خَيْلٌ كُلُّهَا وَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ مُكْتَسِبِيهَا لِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُكْتَبُ لِلْمَرْءِ إِذَا كَانَ لَهُ فِيهَا سَبَبٌ وَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ فَضْلُ الْحَسَنَةِ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُكْمُ السَّيِّئَاتِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَرَكَاتِ الْخَيْلِ وَتَقَلُّبَهَا وَرَعْيَهَا وَرَوَثَهَا فِي سَيِّئَاتِ الْمُفْتَخِرِ بِهَا كَمَا ذَكَرَهَا فِي حَسَنَاتِ الرَّابِطِ الَّذِي رَبَطَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ حَبْلَهَا نَهَارًا فَأَفْسَدَتْ زَرْعًا أَوْ رَمَحَتْ فَقَتَلَتْ أَوْ جَنَتْ أَنَّ صَاحِبَهَا بَرِيءٌ مِنَ الضَّمَانِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ كَانَ مُنْتَظِرًا الصلاة فهو في صلاة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ذَلِكُمُ الرِّبَاطُ)) وَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ لِأَنَّ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ سَبَبُ شُهُودِهَا وَكَذَلِكَ انْتِظَارُ الْعَدُوِّ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ فِيهِ إِرْصَادٌ لِلْعَدُوِّ وَقُوَّةٌ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ وَعِدَّةٌ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَسَبَبٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَعَانِيَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) بِالشَّوَاهِدِ فَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا قَابَلَهَا هُنَاكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ حَجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ)) فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْكَنْزِ قَالَ ثُمَّ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْلِ فَقَالَ ((الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَجَمَالٌ وَعَلَى آخَرَ وِزْرٌ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَهُوَ الَّذِي يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ مَرَّتْ بِمَرْجٍ فَأَكَلَتْ مِنْهُ فَمَا غَيَّبَتْهُ فِي بُطُونِهَا فَهُوَ لَهُ أَجْرٌ وَإِنْ مَرَّتْ بِنَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَمَا شَرِبَتْ فِي بُطُونِهَا فَهُوَ لَهُ أَجْرٌ وَإِنِ اسْتَنَّتْ شَرَفًا كَانَ لَهُ أَجْرٌ)) حَتَّى ذَكَرَ أَرْوَاثَهَا وَأَبْوَالَهَا ((وَأَمَّا الَّذِي لَهُ سِتْرٌ وَجَمَالٌ فَرَجُلٌ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وتجملا ولا سيما مِنْ ظَهْرِهَا وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ وَأَمَّا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ فَرَجُلٌ يَتَّخِذُهَا بَذَخًا وَأَشَرًا وَرِيَاءً أَوْ سُمْعَةً)) ثُمَّ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ ((مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ غَيْرَ الْآيَةِ الْفَاذَّةِ الْجَامِعَةِ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يره) الزَّلْزَلَةِ 7 8 وَأَمَّا قَوْلُهُ فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا فالطيل الحبل يطول للدابة وَهُوَ مَكْسُورُ الْأَوَّلِ وَيُقَالُ فِيهِ طِوَلٌ وَطِيَلٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 قَالَ طَرَفَةُ (لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأَ الفتى ... لكالطيل الْمُرْخَا وَثِنْيَاهُ بِالْيَدِ) وَقَدْ أَتَيْنَا مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى الطِّيَلِ بِكَثِيرٍ مِنَ الشِّعْرِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ فَإِنَّ الْاسْتِنَانَ أَنْ يَلِجَ الْفَرَسُ فِي عَدْوِهِ فِي إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ يُقَالُ مِنْهُ جَاءَتِ الْإِبِلُ سَنَنًا أَيْ تَسْتَنُّ فِي عَدْوِهَا وَتُسْرِعُ وَمِنْهُ الْمَثَلُ الْقَائِلُ ((اسْتَنَّتِ الْفِصَالُ حَتَّى الْقَرْعَا)) تُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ يَرَى الْجُلَدَاءَ يَفْعَلُونَ شَيْئًا فَيَفْعَلُ مِثْلَهُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ (فَبَلَغْنَا صُنْعَهُ حَتَّى نَشَا ... فَارِهَ الْبَالِ لَجُوجًا فِي السَّنَنِ) فَارِهَ الْبَالِ أَيْ نَاعِمَ الْبَالِ وَقَالَ أَعْشَى هَمْدَانَ (لَا تَأْسَيَنَّ عَلَى شَيْءٍ فَكُلُّ فَتًى ... إِلَى مَنِيَّتِهِ يُسَنَّنُ فِي عُنْفِ) وَمِنْهَا شَوَاهِدُ غَيْرُهَا قَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَالشَّرَفُ وَالشَّرَفَانِ الْكُدْيَةُ وَالْكُدْيَتَانِ وَالْجَبَلُ الصَّغِيرُ الْمُعْتَدِلُ وَالْجَبَلَانِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَغَنِّيًا فَيُرِيدُ اسْتِغْنَاءً يُقَالُ فِيهِ تَغَنَّيْتُ تَغَنِّيًا وَتَغَانَيْتُ تَغَانِيًا وَاسْتَغْنَيْتُ اسْتِغْنَاءً وَشَوَاهِدُهُ بِالشِّعْرِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا حُسْنُ مَلَكَتِهَا وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهَا وَرُكُوبُهَا غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهَا وَخَصَّ الرِّقَابَ وَالظُّهُورَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ تُسْتَعَارُ الرِّقَابُ فِي مَوْضِعِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ وَالْفُرُوضِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 الْوَاجِبَةِ وَفِي مُعْظَمِ الشَّيْءِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) النِّسَاءِ 92 يُرِيدُ الْإِنْسَانَ كُلَّهُ وَكَمَا قَالَ كُثَيِّرٌ (غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا ... غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ) وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْعُنُقَ فِي مِثْلِ هَذَا كَالرَّقَبَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ((فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ)) قَالَ هَذَا لَمْ يُوجِبْ عَلَى مَالِكِ الْخَيْلِ فِيهَا شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ لِعُمْرِهِ مِنْ مِسْكِينٍ أَوْ فَقِيرٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِمْ وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ لَا يَرَى فِي الْأَمْوَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ ما عليك)) وقال بن عَبَّاسٍ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَتَصَدَّقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَذَكَرْنَا فِي بَابِ الْكَنْزِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا هُوَ الشِّفَاءُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ تَأَوَّلَ مَنْ قَالَ بِهَذَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ و (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) الْمَعَارِجِ 24 أَنَّهُ الزَّكَاةُ كَمَا قَالَ (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ 141 وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ((وَلَا يَنْسَى حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا)) إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِفْقَارُ ظَهْرِهَا وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وإلى هذا ونحوه ذهب بن نَافِعٍ فِيمَا أَحْسَبُ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى سأله عن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 ذلك فقال يريد أن لا يَنْسَى يَتَصَدَّقُ لِلَّهِ تَعَالَى بِبَعْضِ مَا يَكْسِبُهُ عَلَيْهَا وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ قَالَ فِي الْمَالِ حُقُوقٌ سِوَى الزَّكَاةِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ و (فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) الْمَعَارِجِ 24 25 وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَذَكَرَ بن أبي شيبة عن بن عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَطَاءٍ فَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ إِنَّ لِي إِبِلًا فَهَلْ عَلَيَّ فِيهَا حَقٌّ بَعْدَ الصَّدَقَةِ قَالَ نَعَمْ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ الْمَالِ قَالَ ((نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ وَالْأَكْثَرُ السِّتُّونَ وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ إِلَّا مَنْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا وَمَنَحَ غَزِيرَتَهَا وَنَحَرَ سَمِينَهَا فَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ وَذَكَرَ تَمَامَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا تَمَامَ الْخَبَرِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَقَالَ آخَرُونَ ((وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا)) الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِيهَا إِذَا كَانَتِ الْخَيْلُ سَائِمَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا يُطْلَبُ فَسْلُهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا فِيهَا لِلْعُلَمَاءِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ((فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ)) فَالْفَخْرُ وَالرِّيَاءُ مَعْرُوفَانِ وَأَمَّا النِّوَاءُ فَمَصْدَرُ نَاوَأْتُ الْعَدُوَّ مُنَاوَأَةً وَنِوَاءً أَوْ هِيَ الْمُنَاوَأَةُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَصْلُهُ مِنْ نَاءَ إِلَيْكَ وَنُؤْتَ إِلَيْهِ أَيْ نَهَضَ إِلَيْكَ وَنَهَضْتَ إِلَيْهِ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ (بَلَّتْ قُتَيْبَةُ فِي النِّوَاءِ بِفَارِسٍ ... لَا طَائِشٍ رَعِشٍ وَلَا وَقَّافِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ (أَمَا يُصِبْكَ عَدُوٌّ فِي مُنَاوَأَةٍ ... يَوْمًا فَقَدْ كُنْتَ تَسْتَعْلِي وَتَنْتَصِرُ) وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ (إِذَا أَنْتَ نَاوَأْتَ الرِّجَالَ ولم تنوء ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ الْقُرُونُ الْكَوَامِلُ) (وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطَاحِ الَّذِي بِهِ ... تَنُوءُ وَقَرْنٌ كُلَّمَا نُؤْتَ مَائِلُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ فَالْفَاذُّ هُوَ الشَّاذُّ وَيُقَالُ فَاذَّةٌ وَفَذَّةٌ وَفَاذٌّ وَفَذٌّ وَمِنْهُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ)) وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ فِي عُمُومِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لَا آيَةَ أَعَمُّ مِنْهَا وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَقَوْلُهُ فِي الْحُمُرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)) وَكَانَ الْحُمَيْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إِذَا نَحَرْتَ حِمَارًا فَانْظُرْ كَيْفَ تَنْحَرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَيْلُ فَقَدْ جَاءَ فِيهَا مَا جَاءَ وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْمَعْنَى زِيَادَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ صباحا وهو يمسح فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ وَقَالَ ((إِنَّ جِبْرِيلَ عَاتَبَنِي اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ)) أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الخشني قال حدثنا بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ فَذَكَرَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ ذَلِكَ فِي الْخَيْلِ كَانَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْحُمُرِ ((لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ)) فَكَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَيْلِ كَانَ بِوَحْيٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ((إِنِّي عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ)) ! وَرَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ عَجْلَانَ بْنَ سَهْلٍ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ يَرْتَبِطْهُ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً كَانَ مِنَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ |