مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ فَخَرَجَ
يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَاعِ فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ
لِأَبِي بَكْرٍ إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَنْتَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ فَخَرَجَ
يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَاعِ فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ
لِأَبِي بَكْرٍ إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ وَمَا أَنَا بِرَاكِبٍ
إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ إنك
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27
سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ
وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم مِنَ الشَّعْرِ فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ
بِالسَّيْفِ وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا وَلَا تَقْطَعَنَّ
شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكُلَةٍ وَلَا تَحْرِقَنَّ
نَحْلًا وَلَا تُفَرِّقَنَّهُ وَلَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُنْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ ((فَدَعْهُمْ وَمَا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ)) قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الرُّهْبَانَ قَالَ
((وَسَتَجِدُ قَوْمًا قَدْ فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رؤوسهم وَجَعَلُوا حَوْلَهَا أَمْثَالَ الْعَصَائِبِ
فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا من أوساط رؤوسهم بِالسَّيْفِ)) قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الْقِسِّيسِينَ ثُمَّ
ذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ كَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ سَوَاءً
قَالَ أَبُو عُمَرَ افْتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ قِطْعَةً مِنَ الشَّامِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا
أُمَرَاءُ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيلُ
بْنُ حَسَنَةَ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ مَشْهُورَةٌ - وَكَانَ يَزِيدُ عَلَى رُبْعٍ مِنَ
الْأَرْبَاعِ الْمَشْهُورَةِ
وَفِي رُكُوبِ يَزِيدَ وَمَشْيِ أَبِي بَكْرٍ رُخْصَةٌ فِي أَنَّ الْجَلِيلَ مِنَ الرِّجَالِ راجلا مع من
هو دُونَهُ رَاكِبًا لِلتَّوَاضُعِ وَاحْتِسَابِ الْخُطَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا ذَكَرَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال ((من اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَوْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ))
رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِمُ تَشْيِيعُ الْغُزَاةِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ
وَجَمِيلِ الْهَدْيِ أداء مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ تَوْقِيرِ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَإِجْلَالِهِمْ وَبِرِّهِمْ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الرُّهْبَانَ
الْمُنْفَرِدِينَ عَنِ النَّاسِ فِي الصَّوَامِعِ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ وَلَا يَطَّلِعُونَ عَلَى عَوْرَةٍ وَلَا
فِيهِمْ شَوْكَةٌ وَلَا نِكَايَةٌ بِرَأْيٍ وَلَا عَمَلٍ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28
حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جُدْعَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُطِيعِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ
(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بَعَثَ جَيْشًا فَقَالَ ((اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ وَفَاتَهُمْ شَهَادَةً فِي
سَبِيلِكَ))
ثُمَّ قَالَ ((إِنَّكُمْ تَأْتُونَ قَوْمًا فِي صَوَامِعَ لَهُمْ فَدَعُوهُمْ وَمَا أَعْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ وَتَأْتُونَ
قَوْمًا قَدْ فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رؤوسهم فَاضْرِبُوا مَا فَحَصُوا عَنْهُ))
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَسَتَجِدُ أقواما فحصوا عن أوساط رؤوسهم مِنَ الشَّعْرِ وَتَرَكُوا مِنْهَا أَمْثَالَ
الْعَصَائِبِ فَاضْرِبُوا مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ))
ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ
قَالَ عبد الرزاق الذين فحصوا عن رؤوسهم الشَّمَامِسَةُ وَالَّذِينَ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ هُمُ
الرُّهْبَانُ الَّذِينَ فِي الصَّوَامِعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّمَامِسَةُ هُمْ أَصْحَابُ الدِّيَانَاتِ وَالرُّهْبَانُ الْمُخَالِطُونَ لِلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ
دينهم وغير دِينِهِمْ وَفِيهِمُ الرَّأْيُ وَالْمَكِيدَةُ وَالْعَوْنُ بِمَا أَمْكَنَهُمْ وَلَيْسُوا كَالرُّهْبَانِ الْفَارِّينَ
عَنِ النَّاسِ الْمُعْتَزِلِينَ لَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ
رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ إِلَى الشام قال إنكم
ستجدون قوما فحصوا عن رؤوسهم ففلقوا رؤوسهم بِالسُّيُوفِ وَسَتَجِدُونَ قَوْمًا قَدْ
حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ فَذَرُوهُمْ بِخَطَايَاهُمْ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَتْلِ أَصْحَابِ الصَّوَامِعِ وَالْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ الْأَعْمَى وَلَا الْمَعْتُوهُ وَلَا الْمُقْعَدُ وَلَا أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ الَّذِينَ طَيَّنُوا
الْبَابَ عَلَيْهِمْ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَأَرَى أَنْ يُتْرَكُ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ مِقْدَارُ مَا يَعِيشُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ
أَحَدِهِمْ فَيُقْتَلُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُقْعَدُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْتَلُ الْحُرَّاسُ وَالزُّرَّاعُ وَلَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَلَا الْمَجْنُونُ وَلَا الرَّاهِبُ
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ مِنْ مَالِهِ القوت
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رِوَايَتَانِ (إِحْدَاهُمَا) أَنَّهُ يُقْتَلُ الشَّيْخُ وَالرَّاهِبُ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ هُوَ أَوْلَى بِأَصْلِهِ قَالَ لِأَنَّ كُفْرَ جَمِيعِهِمْ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ
بِالْكُفْرِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهْيُ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عن قتلهم لأن لا
يَشْتَغِلُوا بِالْمَقَامِ عَلَى الصَّوَامِعِ فَيَفُوتُهُمْ مَا هُوَ أَعْوَدُ عَلَيْهِمْ كَمَا أَنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ قَطْعِ
الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمْ بِفَتْحِ الشَّامِ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي قَتْلِهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ دُرَيْدِ بْنِ
الصِّمَّةِ يَوْمَ حُنَيْنٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَجُّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
((اقْتُلُوا الشُّيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ))
رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ البخاري سماع الحسن من سَمُرَةَ صَحِيحٌ
وَقَالَ الطَّبَرَيُّ إِنْ قَاتَلَ الشَّيْخُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الصَّبِيُّ قُتِلُوا
وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ
وَاحْتَجَّ الطَّبَرَيُّ بِمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ عَنِ الحكم عن مقسم عن بن عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَى امْرَأَةً فَقَالَ ((مَنْ قَتَلَ هَذِهِ)) فَقَالَ رَجُلٌ
أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَاتَلَ مِنَ النِّسَاءِ وَالشُّيُوخِ أَنَّهُ مُبَاحٌ قَتْلُهُ وَمَنْ
قَدَرَ عَلَى الْقِتَالِ مِنَ الصِّبْيَانِ وَقَاتَلَ قُتِلَ
وَقَدْ رَوَى داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ ((لَا تَقْتُلُوا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ))
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ
ذَلِكَ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((لَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا)) إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ - وَقَدْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30
خَالَفَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِقَطْعِ نَخْلِ الْكُفَّارِ وَثِمَارِهِمْ وَحَرْقِ زُرُوعِهِمْ وَأَمَّا
الْمَوَاشِي فَلَا تُحْرَقُ
وَالْحُجَّةُ لَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَقَهَا)) وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَعْذِيبِ
الْبَهَائِمِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ وَأَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ فِيهِ الرُّوحُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِتَخْرِيبِ دِيَارِهِمْ وَقَطْعِ الشَّجَرِ وَحَرْقِهَا
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) الْآيَةَ الْحَشْرِ 5
وَأَجَازُوا ذَبْحَ الْمَاشِيَةِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِخْرَاجِهَا
وقال الأوزاعي أكره قطع شجرة مثمرة أو تخريب شيء من العامر كنيسة أو
غيرها
وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُحْرَقَ الْحِصْنُ إِذَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ
وَإِنْ أُحْرِقَ مَا فِيهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَنِيسَةٍ وَكَرِهَ كَسْرَ الرَّحَا وَإِفْسَادَهَا
قَالَ وَلَا بَأْسَ بِتَحْرِيقِ الشَّجَرِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحْرَقُ الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَالْبُيُوتُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ مَعَاقِلُ وَأَكْرَهُ حَرْقَ الزَّرْعِ
وَالْكَلَأِ
وَكَرِهَ اللَّيْثُ إِحْرَاقَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَقَالَ لَا تُعْقَرُ بَهِيمَةٌ
وَتَأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ قَالُوا إِنَّمَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَعَدَهُمْ أَنْ يَفْتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذِ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فَمِنْ حُجَّتِهِ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31
نصر قال حدثنا قاسم قال حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفَزْرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسِ
بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا
صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا))
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ
أَتَانِي كِتَابُ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ((لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَاتَّقُوا
اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ))
قَالَ وَحَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ ((لَا يُقْتَلُ فِي الْحَرْبِ
الْفَتَى وَالْمَرْأَةُ وَلَا الشَّيْخُ الْفَانِي وَلَا يُحْرَقُ الطَّعَامُ وَلَا النَّخْلُ وَلَا تُخَرَّبُ الْبُيُوتُ وَلَا
يُقْطَعُ الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ))
وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قطع النخل حديث نافع عن بْنِ عُمَرَ ((أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَقَ))
وَحَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضٍ يُقَالُ
لَهَا ((أُبْنَا)) فَقَالَ ائْتِهَا صَبَاحًا وَحَرِّقْ