وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ إِذَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ
الشَّيْءَ فِي الْغَزْوِ فَيَبْلُغُ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ
قَالَ أبو عمر في سماع بن الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ (...)
 
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ إِذَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ
الشَّيْءَ فِي الْغَزْوِ فَيَبْلُغُ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ
قَالَ أبو عمر في سماع بن الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38
اللَّهِ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ شَأْنَكَ
بِهِ فَافْعَلْ بِهِ مَا شِئْتَ فَإِنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ كَانَ مَالًا مِنْ مَالِهِ إِذَا بَلَغَ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ
يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ كَمَا لَوْ أَعْطَى ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
رَوَى بن وهب عن مالك قال إذا أعطي رجل فَرَسًا وَقِيلَ لَهُ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا أَعْطَى شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ شَاءَ وَضَعَهُ فِي مَنْ يَغْزُو فِي سَبِيلِ
اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الثَّغْرِ وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ فِي فُقَرَائِهِمْ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ كَسَائِرِ مَالِهِ إِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ
حَبْسٌ أَوْ مَوْقُوفٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا أُعْطِيَ شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الزَّكَاةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ
غَيْرِ الزَّكَاةِ فَمَاتَ جَعَلَهُ فِي مِثْلِهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا أُعْطِيَ شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَغْزَاهُ فَإِذَا بَلَغَ
مَغْزَاهُ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ
وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ حَبْسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يُبَاعُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَسُ الْحَبْسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُوَ الَّذِي قَسَمَهُ صَاحِبُهُ قِسْمَةَ الْحَبْسِ
وَيَذْكُرُ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ لِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْغَزْوُ
دَفَعَهُ إِلَى مَنْ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ وَيَغْزُو بِهِ فَإِذَا انْقَضَى الْغَزْوُ صَرَفَهُ إِلَيْهِ وَكَانَ عِنْدَهُ مَوْقُوفًا
يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُعِدُّهُ لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ لِضَعْفِهِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَالَ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرَجَعَ بِهِ رَدَّهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْفَرَسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُوَ لِمَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ
وَقَدْ زِدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْغَزْوَ فَتَجَهَّزَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مَنْعَهُ
أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَالَ لَا يُكَابِرْهُمَا وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إِلَى عَامٍ آخَرَ فَأَمَّا الْجَهَازُ فَإِنِّي
أَرَى أَنْ يَرْفَعَهُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَفْسَدَ بَاعَهُ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39
حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يُصْلِحُهُ لِلْغَزْوِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَجِدُ مِثْلَ جَهَازِهِ إِذَا خَرَجَ فَلْيَصْنَعْ
بِجَهَازِهِ مَا شَاءَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا اسْتِحْبَابٌ مِنْهُ وَمِنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كُلِّهِمْ يَسْتَحِبُّ فِيمَا نَوَاهُ الْمَرْءُ
وَهُمْ بِهِ مِنَ الصدقة أن لا يَعُودَ فِيهِ وَأَنْ يَضْمَنَهُ إِذَا أَخْرَجَهُ حَتَّى اللُّقْمَةَ يُخْرِجُهَا
لِلسَّائِلِ فَلَا يَجِدُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الصَّدَقَةِ إِذَا قَبَضَهَا الْمُعْطَى فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا أَنَّهُ
لَا رُجُوعَ لِلْمُتَصَدِّقِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى إِذَا خَرَجَ عَنْ يَدِ
الْمُعْطِي
وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! جِئْتُ
أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَايَ يَبْكِيَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
((ارْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا))
وَرَوَى زَائِدَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي
الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجَاهِدَ مَعَكَ قَالَ ((أَحَيٌّ وَالِدَاكَ)) قال نعم قال ((ففيهما فجاهد))
وروى بن جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَشِيرُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ أَلَكَ وَالِدَانِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ
((اذْهَبْ فَأَكْرِمْهُمَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهِمَا))
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْغَزْوُ وَوَالِدَاهُ كَارِهَانِ أَوْ
أَحَدُهُمَا لِأَنَّ الْخِلَافَ لَهُمَا فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ عُقُوقٌ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمِنَ الْغَزْوِ مَا
قُلْتُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ فِي الْوَالِدَيْنِ إِذَا أَذِنَا بِالْغَزْوِ قَالَ إِنْ كُنْتَ
تَرَى هَوَاهُمَا فِي الْجُلُوسِ فَاجْلِسْ
قَالَ وَسُئِلَ الْحَسَنُ مَا بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ أَنْ تَبْذُلَ لَهُمَا مَا مَلَكْتَ وَأَنْ تُطِيعَهُمَا فِيمَا
أَمَرَاكَ بِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40