ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبَقَ وَأَنَّ فَرَسًا لَهُ عَارَ فَأَصَابَهُمَا الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ غَنِمَهُمَا الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمَا الْمَقَاسِمُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا يُصِيبُ الْعَدُوَّ مِنْ أَمْوَالِ (...) |
ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبَقَ وَأَنَّ فَرَسًا لَهُ عَارَ
فَأَصَابَهُمَا الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ غَنِمَهُمَا الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمَا الْمَقَاسِمُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا يُصِيبُ الْعَدُوَّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى أَهْلِهِ وَأَمَّا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَلَا يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ حَازَ الْمُشْرِكُونَ غُلَامَهُ ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ مَالِكٌ صَاحِبُهُ أَوْلَى بِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا غُرْمٍ مَا لَمْ تَصِبْهُ الْمَقَاسِمُ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ لِسَيِّدِهِ بِالثَّمَنِ إن شاء قال أبو عمر أما خبر بن عُمَرَ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ فَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَبَقَ إِلَى الرُّومِ وَفَرَسًا لَهُ هَرَبَ فَأَخَذَهَا الْمُشْرِكُونَ فَرُدَّا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ مُوسَى وَذَلِكَ عَامَ الْيَرْمُوكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَخْتَلِفُونَ عَلَى نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - أن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 أَحَدَهُمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي رَدَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ ذَهَبَتْ لَهُ فَرَسٌ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ فَغَارَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ يَعْنِي خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ أَبَقَ غُلَامٌ لِي يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدُّوهُ إِلَيَّ وَرَوَى بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بِفَرَسِهِ فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ وَجَدَ خَالِدٌ فَرَسَهُ فَرَدَّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا أَنَّ مَا صَارَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْكَفَّارِ بِغَلَبَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ أَوْ غَيْرِ غَلَبَةٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى صَاحِبِهِ وَعُلِمَ وَثَبَتَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَسْمِ بِلَا شَيْءٍ وإن أراده بعد القسمة فهو أحق به بِالْقِيمَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَوْلٌ ثَانٍ أَنَّهُمَا غَلَبَا عَلَيْهِ الْكُفَّارَ وَجَاوَزُوهُ ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ فَحَالُهُ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ قَالُوا وَأَمَّا مَا صَارَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ بِلَا شَيْءٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ إِنَّ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا أَبَقَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ هُوَ لِصَاحِبِهِ بِلَا شَيْءٍ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 وهو قول الشافعي وبه قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ رِوَايَتَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِيَةُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الْعَبْدِ يَأْبَقُ إِلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ يُصِيبُهُ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَحَقُّ بِهِ قُسِمَ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ دَخَلَ الْعَبْدُ الْقَسْمَ مِنْ حُصُونِ الْعَدُوِّ قُسِمَ مَعَ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحِصْنِ وَيَكُونُ فَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَرِدِ الْحِصْنَ رُدَّ إِلَى مَوْلَاهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ مَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ فَهُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَقْسِمُهُ المسلمون ولا يرد إلى صاحبه وهو للجيش ذكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً لِأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ مَالًا وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ فِيمَا قَسَمَ مَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالْغَنِيمَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِيمَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِمْ قَالَ وَكَانَ الْحَسَنُ يُفْتِي بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ رِوَايَةٌ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ وَقَدْ رَوَى هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَا مَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَغَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَعَرَفَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا قُسِمَ فَقَدْ مَضَى ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ هُشَيْمٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِدْرِيسُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ لِمَذْهَبِهِ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى صَاحِبِ الْمَدِينَةِ وَأَحْرَزُوا الْعَضْبَاءَ وَامْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَتِ الْمَرْأَةُ وَقَدْ نَامُوا فَجَعَلَتْ مَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَعِيرٍ إِلَّا رَغَا حَتَّى تَأْتِيَ الْعَضْبَاءَ فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ فَرَكِبَتْهَا ثُمَّ تَوَجَّهَتْ قِبَلَ الْمَدِينَةِ وَنَذَرَتْ لَئِنِ اللَّهُ نَجَّاهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةُ فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 الْمَرْأَةُ بِنَذْرِهَا فَقَالَ ((بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا لَا نَذْرَ فيما لا يملك بن آدَمَ وَلَا فِي مَعْصِيَةٍ)) رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زيد وبن عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ أَيُّوبَ فأخذها النبي قَالَ الشَّافِعِيُّ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَمْلِكُونَ عَلَيْهَا بِالْغَلَبَةِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَوْ مَلَكُوا عَلَيْهَا لَمَلَكَتِ الْمَرْأَةُ النَّاقَةَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ لَوْ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ صَحَّ فِيهَا نَذْرُهَا وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ لَا يُمْلَكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا عَنْ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَرِثُهَا عَنْهُمْ إِلَّا أَهْلُ دِينِهِمْ وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ لِلشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ بِمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ ميسرة عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ المشركون أصابوه فقال رسول الله إِنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَكَ وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَرَوَى وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ قَالَ أَصَابَ الْمُشْرِكُونَ نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ العدو فعرفها صاحبها فخاصمه إلى النبي فأقام البينة فقضى النبي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ مِنَ الْعَدُوِّ وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَفِي هَذَا الْبَابِ قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَازَهَا الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ فَقُسِمَتْ فِي الْمَقَاسِمِ ثُمَّ عَرَفَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْقَسْمِ إِنَّهَا لَا تُسْتَرَقُّ وَأَرَى أَنْ يَفْتَدِيَهَا الْإِمَامُ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يَفْتَدِيَهَا وَلَا يَدَعُهَا وَلَا أَرَى لِلَّذِي صَارَتْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهَا وَلَا يَسْتَحِلَّ فرجها وإنما هي بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ لِأَنَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 سَيِّدَهَا يُكَلَّفُ أَنْ يَفْتَدِيَهَا إِذَا جَرَحَتْ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ أُمَّ وَلَدِهِ تُسْتَرَقُّ وَيُسْتَحَلُّ فَرَجُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ مَا ذَكَرَ فِي مُوَطَّئِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يَفْدِيَهَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَتْبَعَ دَيْنًا بِهِ إِنْ لَمْ يُعْطَ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَأَرَى عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْدِيَهَا وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُتْبِعُ السَّيِّدَ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَفْدِيهَا بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَرَى عَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا جِنَايَتَهَا وَقَالَ يَتْبَعُ بِهِ أُمَّ الْوَلَدِ دُونَ السَّيِّدِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ وَسَيَأْتِي مَوْضِعُهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُمَلَّكُ الْعَدُوُّ عَلَيْنَا بِالْغَلَبَةِ حُرًّا وَلَا أُمَّ وَلَدٍ وَلَا مُدْبِرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَصْلِهِ لَيْسَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى سَيِّدِهَا شَيْءٌ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَمْلِكُونَ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي الْمُفَازَاةِ أَوْ فِي التِّجَارَةِ فَيَشْتَرِي الْحُرَّ أَوِ الْعَبْدَ أَوْ يُوهَبَانِ لَهُ فَقَالَ أَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَرَقُّ وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فهو حر وليس عليه شيء إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أُعْطِيَ فِيهِ شَيْئًا مُكَافَأَةً فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى الْحُرِّ بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتُرِيَ بِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ الْأَوَّلَ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَمَنَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَسَيِّدُهُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أُعْطِيَ فِيهِ شَيْئًا مُكَافَأَةً فَيَكُونُ مَا أُعْطِيَ فِيهِ غُرْمًا عَلَى سَيِّدِهِ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ وَهَذَا كُلُّهُ معنى قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنْ كَانَ مُوسِرًا دَفَعَ إِلَى الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 قَالَ أَبُو عُمَرَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ اشْتَرَى الْحُرَّ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَجَوَابُهُ فِيهِ مَا ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أنه إذا لزمه بِأَمْرِهِ لَزِمَهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ إِلَّا أَنْ يكون أكثر من قيمته ما لا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَيَعُودُ إِلَى التَّخْيِيرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَيْسَ عَلَى الْأَسِيرِ الْحُرِّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَالِكٍ أَنَّ فِدَاءَ الْأَسِيرِ لِنَفْسِهِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمَقَامُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِدَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ فَالَّذِي اشْتَرَاهُ إِنَّمَا فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ إِنَّ الضَّمَانَ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْوُجُوبِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ فَدَاءِ الْأَسِيرِ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِالْفِدَاءِ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ دُونَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي فِدَاءِ نَفْسِهِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ أُسِرَ ذِمِّيٌّ فَفَدَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ اسْتَسْعَاهُ فِيهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَاهُ أَوْ فَدَاهُ بِهِ التَّاجِرُ بِغَيْرِ أَمْرِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِفِعْلِهِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ كَمَا يَأْخُذُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إِذَا اشْتَرَى فَأَخَذَهُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِمَوْلَاهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ جَاءَ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُ فسخ الهبة ولكنه يَأْخُذُهُ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَهَبَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي بَطُلَ عِتْقُهُ وَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ قَالَ أَشْهَبُ فَهِبَةُ الْمُشْتَرِي أَحَقُّ أَنْ تَبْطُلَ وَيَأْخُذَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ وهو قول أشهب وبن نافع وقال بن الْقَاسِمِ إِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى سَبِيلٌ وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ إِنْ بَاعَهُ وَلَا الْهِبَةُ وَإِنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ بَاعَهُ أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْأَوَّلُ مِنَ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ عَلَى الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنِ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى |