وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا (...)
 
وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99
اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ
عَنِّي خَطَايَايَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((نَعَمْ)) فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ نَادَاهُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((كَيْفَ قُلْتَ)) فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
((نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ))
هَكَذَا رَوَى الْحَدِيثَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ
وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَالْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرَا يَحْيَى
بْنَ سَعِيدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رواه بن أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَوْجُودَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَفَّرَ
اللَّهُ بِهِ خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاكَ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي
جِبْرِيلُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ الصَّبْرَ وَالِاحْتِسَابَ وَالْإِقْبَالَ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْطًا لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي رواية بن أَبِي ذِئْبٍ
وَاللَّيْثِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنَى رِوَايَةِ مَالِكٍ أَيْضًا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لَا تُكْفَّرُ بِهِ تَبِعَاتُ
الْآدَمِيِّينَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَإِنَّمَا يُكَفَّرُ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ لِأَنَّهُ
لَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ خَطِيئَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ مِنْ حُقُوقِ بَنِي آدَمَ
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَتْبَعُهُ بِمَظْلِمَةٍ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ
النَّارَ وَأَحَدٌ مِنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100
أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتْبَعُهُ بِمَظْلَمَةٍ)) قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ)
حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا قَالَ ((بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ))
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
رَوَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ ((مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ فَلْيَتَحَلَلْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ وَطُرِحَ عَلَيْهِ))
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا
الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصَّرْفِ قَالَ إن أهل الدين فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ تَقَاضِيًا
لَهُ مِنْكُمْ فِي الدُّنْيَا فَيَجْلِسُ لَهُمْ فَيَأْخُذُونَهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ! أَلَسْتُ قَدْ أَتَيْتُ حَافِيًا عَارِيًا
فَيَقُولُ خُذُوا مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ الَّذِي لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ يَقُولُ زِيدُوا عَلَى
سَيِّئَاتِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) أَحَادِيثَ كَثِيرَةً صِحَاحًا فِيهَا التَّشْدِيدُ فِي الدَّيْنِ مِنْهَا
حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ ((إِنَّ أَخَاكَ
مُحْتَبَسٌ فِي دَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ))
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((نَفْسُ الْمُؤْمِنِ
مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ)) أَوْ قَالَ ((مَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ))
وَمِنْهَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ نَكَّسَهُ ثُمَّ وَضَعَ
رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نَزَلَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101
وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال ((صاحب الدين مأسور
يوم القيامة في الدين))
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ بَعْدَهُ فِي الدُّنْيَا يَنْفَعُهُ فِي
آخِرَتِهِ وَلِذَلِكَ أَمَرَ وَلَيَّهُ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ وَلَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى رَجُلٍ
تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا دِينَارَيْنِ لَمْ يَدَعْ لَهُمَا وَفَاءً فَلَمَّا ضَمِنَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بإسناده في
((التمهيد))
وهذا كله كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ
عَلَيْهِ الْفُتُوحَاتِ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَرَادَفَ عَلَيْهِ الزَّكَوَاتُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَنْزَلَ
اللَّهُ عَلَيْهِ سُورَةَ بَرَاءَةٌ وَفِيهَا لِلْغَارِمِينَ سَهْمٌ وأنزل آية الفيء وفيها حقوق للمساكين
وبن السبيل والأ نصار والمهاجرين والذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ إِذَا كَانُوا لِمَنْ سَبَقَهُمْ
بِالْإِيمَانِ مُسْتَغْفِرِينَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي آيَةِ الْفَيْءِ وَآيَةِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْغَارِمِينَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ
عِيَالًا فَعَلَيَّ))
فَكُلُّ مَنْ مَاتَ وَقَدِ ادَّانَ دَيْنًا فِي مُبَاحٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَائِهِ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ
ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ أَوْ مِنَ الصَّدَقَاتِ كُلِّهَا لِأَنَّ مَنْ وَضَعَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ
عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَجَزَأَهُ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَ مَنْ وَصَفْنَا حَالَهُ مِنَ الْفَيْءِ الْحَلَالِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ
وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ ذِي دَيْنٍ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَلَا يَبِيتَنَّ لَيْلَتَيْنِ دُونَ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ
مَكْتُوبَةً لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يفجؤه الموت
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102
وقد أجمع العلماء فيمن عليه دين أن الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ بِهِ وَاجِبَةٌ إِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ قَبْلُ
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ فِي حَيَاتِهِ فَإِذَا أَوْصَى بِهِ وَتَرَكَ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ ذَلِكَ الدَّيْنُ
فَلَيْسَ بِمَحْبُوسٍ عَنِ الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ وَلَا قَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ فِي حَيَاتِهِ
فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ دَيْنَهُ كَمَا وَصَفْنَا إِذِ الْأَخِيرُ المسؤول عَنْهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عن بن شِهَابٍ قَالَ
أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَنَا
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ
تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ))
وَرَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ((التَّمْهِيدِ))
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرْنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي عَلَى أَحَدٍ
مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأُتِيَ بِمَيِّتٍ فَقَالَ ((أَعَلَيْهِ دَيْنٌ)) قَالُوا نَعَمْ دِينَارَانِ فَقَالَ ((صَلُّوا عَلَى
صَاحِبِكُمْ))
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ قَالَ ((أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ فَمَنْ تَرَكَ
دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ
قَضَاؤُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ مَالًا يُؤَدَّى مِنْهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُوجِبُ
عُمُومُهُ كُلَّ دَيْنٍ مَاتَ عَنْهُ الْمُسْلِمُ وَلَمْ يُؤَدِّهِ فِي حَيَاتِهِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103
وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُسْلِمَ كَانَ وَجَبَتْ لَهُ حُقُوقٌ فِي بَيْتِ
الْمَالِ مِنَ الْفَيْءِ وَغَيْرِهِ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ فَتَوَجَّبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ عَنْهُ
كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوِ الذِّمِّيِّينَ جَازَ أَنْ يُؤْخَذَ دَيْنُهُ الَّذِي
لَهُ فَيُؤَدَّى مِنْهُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَيَخْلُصُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ الْغَرِيمُ ذَلِكَ أَوِ
السُّلْطَانُ رُفِعَ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ يُحْبَسْ عَنِ الْجَنَّةِ بِدَيْنٍ لَهُ مِثْلُهُ عَلَى
غَيْرِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى غَرِيمٍ جَحَدَ وَلَمْ يَثْبُتِ الَّدَّيْنُ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ أَنَّ
غَرِيمَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ أَوْ دَيْنٌ أَقَرَّ بِهِ لِوَارِثٍ فِي مَرَضِهِ فَلَمْ يُجِزِ
الْقَاضِي إِقْرَارَهُ وَكَانَ صَادِقًا فِيهِ مُحِقًّا فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لَا يُحْبَسُ بِهِ صَاحِبُ
الدَّيْنِ عَنِ الْجَنَّةِ إذا كان ممن يستحقها بِثَوَابِ اللَّهِ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهِ
مِنَ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَنَّ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَمْ تَفِ بِذَلِكَ حَسَنَاتُهُ
فَالْقِصَاصُ مِنْهُ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يَعْلَمُهُ الَّذِي
أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا وَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا يَأْخُذُهُ لَهُ مِمَّنْ ظَلَمَهُ فِيهِ يَوْمَ لَا دِينَارَ
فِيهِ وَلَا دِرْهَمَ إِلَّا الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَمَحَالٌ أَنْ يُحْبَسَ عَنِ الْجَنَّةِ مَا بَقِيَ مَا عَلَيْهِ
مِنَ الدَّيْنِ عِنْدَ سُلْطَانٍ أو غَيْرَهُ مِمَّنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِصَابِ فِي الدُّنْيَا مِنْهُ وَقَوْلُ
السُّلْطَانِ دَيْنُ هَذَا عَلِيَّ وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ كَقَوْلِ غَرِيمٍ لَوْ كَانَ لَهُ فَقَالَ مَا عَلَى هَذَا الْبَيْتِ
مِنَ الدَّيْنِ فعلي أداءه مِمَّا لَهُ عَلَيَّ وَمَا يُخْلِفُهُ لِوَرَثَتِهِ وَهَذَا لَا مُشْكِلَ عَلَى أَحَدٍ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُتْلَى
مِنَ الْقُرْآنِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ