مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا
يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا
قَالَ مَالِكٌ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى مَاتَ
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا
يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا
قَالَ مَالِكٌ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى مَاتَ
قَالَ وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا
عُمِلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُغَسَّلُونَ إِذَا
مَاتُوا فِي الْمُعْتَرَكِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالطَّبَرِيُّ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ
((ادْفِنُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ وَزَمِّلُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ))
وَهَذَا حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ بن شهاب
ورواه معمر عن الزهري عن بن أَبِي زُهَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ اللَّيْثِ هَذَا عن بن شهاب بإسناده
وخرجه أبو داود أيضا
ورواه بن وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا
وَدُفِنُوا بِثِيَابِهِمْ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ ((رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ فِي حَلْقِهِ
فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ)) قَالَ ((وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا
زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير
عن بن عَبَّاسٍ قَالَ ((أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يَنْزِعَ
عَنْهُمُ الْحَدِيدَ وَالْجُلُودَ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ (1)
فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُغَسَّلُ الشُّهَدَاءُ كُلُّهُمْ كَمَا يُغَسَّلُ سَائِرُ
الْمُسْلِمِينَ
قَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّمَا لَمْ يُغَسَّلْ شُهَدَاءُ أُحُدٍ لِلشُّغُلِ الذي كان فيه ولكثرتهم
وروي عَنْ سَعِيدٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يُغَسَّلُ الشهيد لِأَنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يَجْلِبُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ
الْبَصْرِيِّ فِي غُسْلِ الشُّهَدَاءِ إِلَّا عَبِيدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيَّ وَلَيْسَ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ
بِشَيْءٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي جَعَلُوهُ عِلَّةً لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَتْلَى كَانَ لَهُ
أولياء يشتغلون به دون غيره وبل الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((أَنَّ الشَّهِيدَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرِيحُ دَمِهِ كَرِيحِ الْمِسْكِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مَذْهَبَ سَعِيدٍ وَالْحَسَنِ فِي تَرْكِ غُسْلِ الشُّهَدَاءِ
بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ ((أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))
قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَا يُشْرِكُهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ كَمَا لَا يُشْرِكُهُمْ فِي
شَهَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ أَنْ لَا يُفْعَلَ بِغَيْرِهِ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ ((يُبْعَثُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)) وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الشُّهَدَاءِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ
أَيْضًا
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ إِلَى أن لا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بِحَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ
سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ))
وَبِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ((أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا
وَدُفِنُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ))
ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صالح عن بن وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَمْ يُصَلَّ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ
وَقَالَ فُقَهَاءُ الكوفة بن أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابُهُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفُقَهَاءُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ يُصَلَّى عَلَى الشُّهَدَاءِ كُلِّهِمْ وَلَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَلَا
عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ آثَارًا كَثِيرَةً أَكْثَرُهَا مَرَاسِيلُ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَصَلَّى عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلَاةً))
وَرَوَى بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ ((صَلَّى
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119
رسول الله صلى الله عليه وسلم على حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعِينَ صَلَاةً كُلَّمَا صَلَّى عَلَى
رَجُلٍ صَلَّى عَلَيْهِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ خَالَفَ الشَّعْبِيُّ فِي ذَلِكَ غَيْرَهُ
ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ
بن زيد عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَمْزَةَ وَقَدْ مُثِّلَ
بِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ
صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ))
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ فِي مُعْتَرَكِ الْكُفَّارِ إِذَا حُمِلَ حَيًّا وَلَمْ يَمُتْ فِي الْمُعْتَرَكِ
وَعَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا فُعِلَ بِعُمَرَ وَبِعَلِيٍّ (رِضْوَانُ اللَّهِ
عَلَيْهِمَا)
وَاخْتَلَفُوا فِي غُسْلِ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا كَغُسْلِ الْخَوَارِجِ وَقُطَّاعِ السَّبِيلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
مِمَّنْ قُتِلَ مَظْلُومًا
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُغَسَّلُ مَنْ قَتَلَهُ الْكَفَّارُ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَإِنْ حُمِلَ مِنْ مَوْضِعِ
مَصْرَعِهِ فَعَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ
وَأَمَّا مَنْ غُسِّلَ فِي فِتْنَةٍ أَوْ نَائِرَةٍ أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ أَوِ الْبُغَاةُ أَوْ كَانَ مِنَ اللُّصُوصِ
أَوِ الْبُغَاةِ فَقُتِلَ أَوْ قُتِلَ قَوْدًا أَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ كُلُّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَمْ يُغَسَّلْ وَلَا أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى
كُلِّ شَهِيدٍ
وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ
وَرَوَوْا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
قَالَ لَا تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْبًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا وَادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي
رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْأَدْبَرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120
قَالَ أَبُو عُمَرَ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَقُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ وَأَمَّا
حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَقَتَلَهُ مُعَاوِيَةُ صَبْرًا بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ
وَرَوَى هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ لَا تُطْلِقُوا عَنِّي
حَدِيدًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا وَادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي فَإِنِّي مُلَاقٍ مُعَاوِيَةَ بِالْجَادَّةِ وَإِنِّي
مُخَاصِمُهُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عن بن سِيرِينَ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بِقَتْلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ
فَقَالَ حُجْرٌ لَا تَنْزِعُوا عَنِّي قَيْدًا أَوْ قَالَ حَدِيدًا وَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي ودمي
وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عَنْ عَطَاءٍ قَالَ مَا رَأَيْتُهُمْ يُغَسِّلُونَ الشَّهِيدَ
وَلَا يُحَنِّطُونَهُ وَلَا يُكَفِّنُونَهُ قُلْتُ كَيْفَ يُصَلَّى عَلَيْهِ قُلْتُ كَالَّذِي يُصَلَّى عَلَى الَّذِي لَيْسَ
بشهيد
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْنَا سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَى الشَّهِيدِ عِنْدَكُمْ
قَالَ كَيْفَ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ الشَّهِيدِ وَسَأَلْنَاهُ عَنْ دَفْنِ الشَّهِيدِ قَالَ أَمَّا إِذَا مَاتَ فِي
الْمَعْرَكَةِ فَإِنَّمَا نَدْفِنُهُ كَمَا هُوَ وَلَا نُغَسِّلُهُ وَلَا نُكَفِّنُهُ وَلَا نُحَنِّطُهُ قَالَ وَأَمَّا إِذَا انْقَلَبْنَا بِهِ
وَبِهِ رَمَقٌ فَإِنَّا نُغَسِّلُهُ وَنُكَفِّنُهُ وَنُحَنِّطُهُ وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ مَنْ مَضَى عَلَيْهِ
مِنَ النَّاسِ قَبْلَنَا
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كَانَ عُمَرُ مِنْ خَيْرِ الشُّهَدَاءِ فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ
وَصُلِّيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ طَعْنِهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ قَالَ غُسِّلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ
قال أبو عمر من حجة من ذهب إِلَى هَذَا - وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - أَنَّ السُّنَّةَ
الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا فِي مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ حُكْمُ
كُلِّ مَيِّتٍ وَقَتِيلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ خُصُوصًا
مِنَ الْإِجْمَاعِ بِإِجْمَاعٍ
وَقَدْ أَجْمَعُوا - إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ - بِأَنَّ قَتِيلَ الْكُفَّارِ فِي الْمُعْتَرَكِ إِذَا مَاتَ مِنْ وَقْتِهِ
قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ مُسْتَثْنًى مِنَ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ
عَلَيْهَا بِالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَمَنْ عَدَاهُمْ فَحُكْمُهُ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ جَعَلَ قَتِيلَ الْبُغَاةِ وَالْخَوَارِجِ وَاللُّصُوصِ وَكُلَّ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا إِذَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121
مَاتَ مَنْ وَقْتِهِ كَقَتِيلِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ إِذَا مَاتَ فِي الْمُعْتَرَكِ الْقِيَاسُ عَلَى قَتِيلِ
الْكُفَّارِ قَالُوا وَأَمَّا عُمَرُ وَعَلِيٌّ فَإِنَّهُمَا غُسِّلَا وصليا عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا عَاشَا وَأَكَلَا وَشَرِبَا
بَعْدَ أَنْ أُصِيبَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ