ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثُمَّ السَّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهَمَّا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فَحُفِرَ |
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بن
الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثُمَّ السَّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهَمَّا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ فَدُفِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَبَيْنَ يَوْمِ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ وَيُجْعَلُ الْأَكْبَرُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ فِيهِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ فَهُوَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَكِلَاهُمَا مِنْ بَنِي سَلَمَةَ من الأنصار وقد ذكرت نسبها فِي كِتَابِ ((الصَّحَابَةِ)) فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْآثَارِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ أَنَّهُمَا قُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَّهُمَا دُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَكَانَا صِهْرَيْنِ وَكَانَتِ السِّيرَةُ بِاتِّفَاقٍ مِنَ الْآثَارِ وَالْعُلَمَاءِ بالسير وَالْأَخْبَارِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحَفْرُ كَكُلِّ إِنْسَانٍ وَكَانُوا قَدْ مَسَّهُمِ الْقَرْحُ قَالَ لَهُمْ ((احْفُرُوا وَأَعْمِقُوا وَوَسِّعُوا وَادْفِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا)) وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ دَفْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ الْمَنْقُولَةُ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَبْرٍ فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ كَانَتْ فِي أَهْلِ أُحُدٍ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَإِنْ قُدِّمَ فِي الْقَبْرِ إِلَى الْقِبْلَةِ الْأَكْبَرُ فَلَا حَرَجَ وَإِنَّ قُدِّمَ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا فَحَسَنٌ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مِنْ إِمَامَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى تَعْلِيمِ السِّيَرِ وَالْخَبَرِ وَالْوُقُوفِ عَلَى آثَارِ مَنْ مَضَى وَفِيهِ لَا بَأْسَ بِاسْتِخْرَاجِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ إِنْ وُجِدَ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ فَأُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي بَابِ شَيْءٍ مِنْ نَبْشٍ وَفِيهِ أَنَّ الشُّهَدَاءَ لَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَهُمْ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ خَاصَّةً إِلَّا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ آثَارٌ تُوجِبُ دُخُولَ غَيْرِهِمْ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تُدَّعَى الْمُشَاهَدَةُ فِي مِثْلِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُتَّصِلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بن غالب قال حدثنا بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ اسْتَصْرَخَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 بِنَا إِلَى قَتْلَانَا يَوْمَ أُحُدٍ وَأَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ فَاسْتَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً أَجْسَادُهُمْ تَتَثَنَّى أَطْرَافُهُمْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ بِأُحُدٍ نُودِيَ بِالْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَانْفَطَرَتْ دَمًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لَا نُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكَرًا أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي مَنِ الْقَائِلُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَجَابِرٌ قَالَهُ أَمْ أَبُو الزُّبَيْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لِأَبِي سَعِيدٍ فِي الْإِسْنَادِ ذِكْرًا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِي أُصِبَّتْ أُصْبُعَهُ دَمًا كَانَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حدثنا يحيى بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ الَّتِي إِلَى أُحُدٍ أَمَرَ مُنَادِيًا نَادَى بِالْمَدِينَةِ مَنْ كان له قتيل فليخرج إليه وَلِيُبَاشِرْ تَحَوُّلَهُ قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ يَعْنِي شُهَدَاءَ أُحُدٍ قَالَ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَانْفَطَرَتْ دَمًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَا أُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا منكر قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بَلَغَنِي أَنَّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ أَبَاهُ مِنْ قَبْرِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَهَذَا لَا مَحَالَةَ وَقْتٌ غَيْرُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمُدَّةٌ غَيْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ جَابِرٌ إِلَّا إِرَادَةَ أَنْ يَكُونَ فِي قَبْرِهِ وَاحِدًا وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حِرَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَانِي أَبِي وَقَدْ حَضَرَ أُحُدًا فَقَالَ لِي يَا جَابِرُ! إِنِّي لَا أَرَانِي إِلَّا أَوَّلَ مَقْتُولٍ يُقْتَلُ غَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَنْ أَدَعَ أَحَدًا أَعَزَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ لَكَ أخوات فاستوص لهن خيرا وإني علي دينا فَاقْضِهِ عَنِّي قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ فَدَفَنَّاهُ هُوَ وَآخَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَيَوْمِ دَفَنْتُهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي مسلمة عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ وَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ حَاجَةٌ فَأَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا شُعَيْرَاتٍ كُنَّ فِي لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَفِي هَذَا الْبَابِ |