مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأْيٌ أَوْ
عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ
قَالَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأْيٌ أَوْ
عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي انْقِطَاعِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ مِنْ
وُجُوهٍ صِحَاحٍ عَنْ جَابِرٍ
رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بن الْمُنْكَدِرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيُّ
وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158
مِنْ أَحْسَنِهَا مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ الحافظ قال حدثنا أحمد أبو الحسين بن جعفر
الزيات قال حدثنا يوسف بن يزيد الْقَرَاطِيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حدثنا
سفيان بن عيينة عن بن الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -
يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ - قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَوْ قَدْ
جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا)) وَقَالَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَمَا قَدِمَ مَالٌ
مِنَ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ
أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا
قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَنِي إِذَا قَدِمَ
مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا قَالَ فَحَثَى لِي أَبُو بَكْرٍ حَثْيَةً ثُمَّ قَالَ لِي
عُدَّهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ قال خذ مثلها مرتين
وزاد فيه بن الْمُنْكَدِرِ ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَدَّنِي فَسَأَلْتُهُ فَرَدَّنِي فَقُلْتُ فِي الثَّالِثَةِ
سَأَلْتُكَ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ تُعْطِنِي فَقَالَ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي مَرَّةً إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أُعْطِيكَ وَأَيُّ دَاءٍ
أدوى مِنَ الْبُخْلِ
وَفِي هَذَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْعِدَةَ وَاجِبٌ الْوَفَاءُ بِهَا وُجُوبَ سُنَّةٍ وَذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ
الْإِيمَانِ
وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ أَيُّ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ أَيْ وَاجِبٌ فِي أَخْلَاقٍ الْمُؤْمِنِينَ
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَعَدَ
بِمَالٍ مَا كَانَ لَمْ يَضْرِبْ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ قُلْنَا إِيجَابُ الْوَفَاءِ بِهِ حَسَنٌ فِي
الْمُرُوءَةِ وَلَا يُقْضَى بِهِ
وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحْسَنٌ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ وَالْمَدْحَ عَلَى الْوَفَاءِ
بِهِ وَيَسْتَحِقُّ عَلَى الْخُلْفِ فِي ذَلِكَ الذَّمَّ
وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ صَدَقَ وَعْدَهُ وَوَفَى بِنَذْرِهِ وَكَفَى بِهَذَا مَدْحًا وَبِمَا
خَالَفَهُ ذَمًّا
وَالْوَأْيُ الْعِدَةُ
وَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى
النَّاسِ بِهَا وَأَنْذَرَهُمْ إِلَيْهَا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَتَهُ أَدَّى ذَلِكَ عَنْهُ وَقَامَ مَقَامَهُ مِنَ الْمَوْضِعِ
الَّذِي كان
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُهَا مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْبَيِّنَةَ
عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعِدَةِ لِأَنَّ تلك العدة لم
تكن شيئا أداه جابر في ذمة رسول الله وَإِنَّمَا ادَّعَى شَيْئًا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ
مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَا يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ وَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْهَا
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْخِيرِ الدَّيْنِ الْحَالِّ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا يَلْزَمُ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَقْرَضَ رَجُلًا مَالًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ
يُوزَنُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ طَاعَ لَهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْأَجَلِ ثُمَّ أَرَادَ الِانْصِرَافَ فِي
ذَلِكَ وَأَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَالصَّدَقَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عُمُومُ قوله تعالى و (أوفوا بالعقود)
الْمَائِدَةِ 1 وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ))
وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِي الصَّدَقَاتِ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْهِبَاتِ
قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الْعِدَةُ مِثْلُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْهِبَةَ فَيَقُولُ لَهُ نَعَمْ ثُمَّ
يَبْدُو لَهُ أن لا يَفْعَلَ فَمَا أَرَى ذَلِكَ يُلْزِمُهُ
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَثَمَّ رِجَالٌ
يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ فَمَا أَحْرَاهُ أَنْ يَلْزَمَهُ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ اثْنَانِ
وَفِي سَمَاعِ عِيسَى قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ قَبْلَ
الْبَيْعِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ قَالَ إِذًا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِنْ بَاعَ بِنُقْصَانٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ
قَالَ عِيسَى قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ جَاءَهُ يَسْتَوْضِعُهُ
فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا نَقْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ
لَهُ انْقُدْنِي وَبِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ فَهُوَ الْأَخْيَرُ فِيهِ
قَالَ قُلْتُ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ عُيُوبٌ وخصوم حر
وقال بن الْقَاسِمِ إِذَا وَعَدَ الْغُرَمَاءَ فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ وَهَبْتُ لِهَذَا مِنْ أَيْنَ يُؤَدَّى
إِلَيْكُمْ فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ نَعَمْ أَنَا أَقْبَلُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَلَا أَرَى ذلك عليه
قال أبو بكر بن اللباد أخبرنا يحيى بن عمر عن أبي إِسْحَاقَ الْبَرْقِيِّ قَالَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160
سَمِعْتُ أَشْهَبَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ لَهُ ابْنَةٌ بِكْرٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ إِنْ طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ ثَلَاثًا فَأَنَا
أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي فَقَالَ الرَّجُلُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ طَلَّقْتُ زَوْجَتِي ثَلَاثًا فَبَدَا لِأَبِي الْجَارِيَةِ أَنْ
يُزَوِّجَهَا مِنْهُ فَقَالَ أَشْهَبُ فَوَعَدَهُ مَا خَلَفَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إِنْ يُزَوِّجَهُ
قَالَ أَشْهَبُ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ أَبُو الْجَارِيَةِ إِنْ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ ثَلَاثًا فَقَدْ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي فَقَالَ
الرَّجُلُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَلَاثًا فَبَدَا لأبي الجارية أن يزوجه أَنَّ النِّكَاحَ
لَازِمٌ لَهُ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ قَدْ قَيَّدَ أُوجِبُ لَكَ النِّكَاحَ إِنْ أَنْتَ فَرَضْتَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَفَرَّقَ أَشْهَبُ
بَيْنَ قَوْلِ الْأَبِ أَنَا أُزَوِّجُكَ وَقَدْ زَوَّجْتُكَ وَجَعَلَ قَوْلَهُ أَنَا أُزَوِّجُكَ عِدَةً مِنْهُ إِنْ شَاءَ
فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَجَعَلَ قَوْلَهُ قَدْ زَوَّجْتُكَ وَاجِبًا لَيْسَ لَهُ فِيهِ رُجُوعٌ وَإِذَا فَرَضَ
لِلْجَارِيَةِ صَدَاقَ مِثْلِهَا
وَقَالَ سَحْنُونٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي رُجُوعِ الْعِدَةِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ الَّذِي
يَلْزَمُهُ مِنَ الْعِدَةِ فِي السَّلَفِ وَالْعَارِيَّةِ أَنْ يَقُولَ لِلرَّجُلِ اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا
تَبْنِيهَا بِهِ أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا يُبَلِّغُكَ أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ تَزَوُّجْ وَأَنَا
أُسَلِّفُكَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ وَصَدَاقَ الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُدْخِلُهُ فِيهِ وَيُنْشِبُهُ بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ
يَلْزَمُهُ
قَالَ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أُسَلِّفُكَ وَأَنَا أُعْطِيكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ نَفْسَهُ فَإِنَّ هَذَا لَا
يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ
قَالَ أَصْبَغُ الْعِدَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ البيع وكانت بعد فهي موضعة عَيْنِ الْمُشْتَرِي
وَتَلْزَمُ الْبَائِعَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ
أَمَّا الْعِدَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي الْعَارِيَّةِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ وَهِيَ
بِغَيْرِ الْعَارِيَّةِ هِيَ أَشْخَاصٌ وَأَعْيَانٌ مَوْهُوبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلِصَاحِبِهَا الرُّجُوعُ فِيهَا
وَأَمَّا الْقَرْضُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَرْضُ إِلَى أَجَلٍ أَوْ إِلَى غَيْرِ
أَجَلٍ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَتَى أَحَبَّ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ
الْقَرْضِ الْبَتَّةَ بِحَالٍ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَأْخِيرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيَمِ الْمُسْتَهْلَكَاتِ إِلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ
قَالَ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي الْقَرْضِ وَلَا في الغصب واضطرب قول أبي يُوسُفَ فِي
هَذَا الْبَابِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَخَّرَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَتَى شَاءَ سَوَاءً كَانَ مِنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161
قَرْضٍ أَوْ غَيْرِ قَرْضٍ أَوْ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ
الْعِدَةِ وَالْهِبَةِ غَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ وَهِبَةِ مَا لَمْ يَخْلَقْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ
إِذْنِهِ فَيَبْرَأُ وَأَنَّ الْمَيِّتَ يَسْقُطُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ مَنْ قَضَى عَنْهُ
وَذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ وَعَدَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حِينَ بَعَثَهُ
إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى صَدَقَةِ سَعْدِ هَدِيمٍ فَلَمَّا قَدِمَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ إِنْفَاذًا لِرَأْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن عيسى بن سورة أبو عِيسَى
التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ أَمَرَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ قَلُوصًا فَذَهَبْنَا نَقْبِضُهَا فَأَتَانَا مَوْتُهُ فَلَمْ يُعْطُونَا شَيْئًا فَلَمَّا قَامَ أَبُو
بَكْرٍ قَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ فَلْيَجِئْ فَقُمْتُ إِلَيْهِ
فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ لَنَا بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ غَرِيبٌ لَيْسَ له غير هذا الإسناد
تم كتاب الجهاد والحمد لله رب العالمين