وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا قَالَ يَحْيَى (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّهَا
حَدَّثَتْهُ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَا يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُومُ عَنْهُ وَأَعْمَالُ النَّذْرِ كُلُّهَا عِنْدَهُ كَذَلِكَ قياسا على الصلاة والمجتمع عليها وقال بن الْقَاسِمِ أَنْكَرَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ فِي الْمَشْيِ إِلَى قُبَاءٍ وَلَمْ يَعْرِفِ الْمَشْيَ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ خَاصَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الْمَشْيَ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِيجَابَ الْمَشْيِ وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ عِنْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُتَطَوِّعِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ آثَارًا تَدُلُّ عَلَى إِتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ تَرْغِيبًا فِيهِ وَأَنَّ صَلَاةً وَاحِدَةً فيه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 كَعُمْرَةٍ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْمَسْجِدَيْنِ وَإِنَّمَا أَرَادَ قَصْدَهُمَا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ إِلَيْهِمَا فَنَذْرُ الْمَشْيِ إِلَى قُبَاءٍ بِذَلِكَ أَوْلَى لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِقُبَاءٍ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ ذَكَرَ الْمَسْجِدَ مِنْهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ لِلَّهِ الْمَشْيُ عَلَيَّ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ هُنَاكَ بَلْ يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ إِلَيْهِمَا رَاكِبًا إِنْ شَاءَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إِلَيْهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى قُبَاءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ أَوْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَإِذَا قَالَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَإِذَا قَالَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ عُلِمَ أَنَّهُ لِلصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى ذَلِكَ فَمَنْ جَعَلَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَهَا فَضْلُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا أَحَبَّ لَنَا بَلْ أَوْفَى بِمَا فَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ لَمْ يَرَ أَعْمَالَ الْمُصَلِّي وَلَا الْمَشْيَ إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ أَمَرَ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِهِمَا أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهِ أَوْ حَيْثُ شَاءَ وَمَنْ قَالَ لَا مَشْيَ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَشْيِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلْيَرْكَبْ إِنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَإِنْ شَاءَتْ رَكِبَتْ وَإِنْ شَاءَتْ تَصَدَّقَتْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَمْضِي رَاكِبًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُصَلِّي فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يُصَلِّيَ فِي مَوْضِعٍ يَتَقَرَّبُ بِإِتْيَانِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالثُّغُورِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ نَذَرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْصِدُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَيَصُومُ فِيهِ أَوْ يُصَلِّي وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ قَالَ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَكَفَ فِي مَسْجِدِ القسطاط لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا جَعَلَ عَلَيْهِ صِيَامَ شَهْرٍ بِمَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ فِي غَيْرِهَا وَإِذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي مَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ فِي غَيْرِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِمَكَّةَ فَصَامَ بِالْكُوفَةِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنْ يَصُومَ بِمَكَّةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَصَلَّى فِي غَيْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَى فِي الْمَسْجِدِ الَحَرَامِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ إِلَّا الْفَاضِلِ مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ وَإِنَّ نَذَرَ سِوَى هَذِهِ الْبِلَادِ صَلَّى حَيْثُ شَاءَ قَالَ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ بِمَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ فِي غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَذَرَ لِأَنَّهُ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِمَسَاكِينِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَنْ نَذَرَ صِيَامًا فِي مَوْضِعٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ مَشَى إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يُوَافِقِ اللَّيْثَ عَلَى إِيِجَابِ الْمَشْيِّ إِلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ أَحَدٌ من الفقهاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 وأما فتيا بن عَبَّاسٍ الْمَرْأَةَ الَّتِي جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إِلَى قُبَاءٍ وَمَاتَتْ أَنْ تَمْشِيَ ابْنَتُهَا عَنْهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الِاخْتِلَافُ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَضَاءِ الْوَلِيِّ عَنْ وَلِيِّهِ الْمَيِّتِ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَا غَنَى عن إعادته ها هنا وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَوْضِعِ الْفَاضِلِ تُجْزِئُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ بِالصَّلَاةِ فَحَدِيثُ جَابِرٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ في بيت المقدس قال ((صل ها هنا)) فأعاد عليه مرتين كل ذلك يقول ((صل ها هنا)) وَأَعَادَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ ((شَأْنُكَ إِذًا)) قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ جَوَابُهُ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَفْضِيلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَجِيءُ أَيْضًا عَلَى مِثْلِ هَذَا أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا يَذْهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهَذَا لَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَهَ فِيمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهَا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَضْلُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ أَحَدٌ الْمَشْيَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى الْأَقْدَامِ وَأَوْجَبُوهُ إِلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي فَضْلِ مَشْيِهِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى غَيْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ إِلَّا أَنَّ الرُّوَايَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِلِّ مَوْضِعٍ يُتَقَرَّبُ فِيهِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ أَلَّا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ وَإِنْ فَاتَ أَفْضَلُ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ جَوَابُهُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاعْتَكَفَ فِي الْفُسْطَاطِ أَنْ لَا يجزئه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْكُوفِيِّينَ عَلَى زُفَرَ بِأَنْ قَالَ القزبة فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْمَوْضِعِ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْمَوْضِعِ وَرَدَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْمَسَاجِدِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لَا فِي النَّافِلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ هَذَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنْ مَنْ قَصَدَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ فِيهِ بَلِ الْقَصْدُ إِلَيْهِمَا إِلَى الْمَكْتُوبَاتِ وَهُوَ الْغَرَضُ فِي قَصْدِ الْقَاصِدِ وَنَذْرِ النَّاذِرِ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ فَضْلَ النَّافِلَةِ تَبَعٌ لِفَضْلِ الْفَرِيضَةِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَفْضَلِ صَلَاةٍ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)) عُمُومًا فِي النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ كَانَ مَذْهَبًا إِلَّا أَنَّ فِيهِ نَسْخُ قَوْلِهِ ((صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ)) لِأَنَّ فَضَائِلَهُ كَانَتْ تَزِيدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا تَنْقُصُ وَهَذَا مِنْ فَضَائِلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّسْخُ فَقَدْ بَيَّنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْضِيلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ((كِتَابِ الصَّلَاةِ)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |