وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ قَالَ قُلْتُ لِرَجُلٍ وَأَنَا حَدِيثُ
السِّنِّ مَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ نَذْرُ مَشْيٍ
فَقَالَ لِي رَجُلٌ هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ لِجِرْوِ قِثَّاءٍ فِي يَدِهِ وَتَقُولُ عَلَيَّ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ قَالَ قُلْتُ لِرَجُلٍ وَأَنَا حَدِيثُ
السِّنِّ مَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ نَذْرُ مَشْيٍ
فَقَالَ لِي رَجُلٌ هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ لِجِرْوِ قِثَّاءٍ فِي يَدِهِ وَتَقُولُ عَلَيَّ مَشْيٌ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقُلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ ثُمَّ مَكَثْتُ حَتَّى عَقَلْتُ فَقِيلَ
لِي إِنَّ عَلَيْكَ مَشْيًا فَجِئْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِي عَلَيْكَ مَشْيٌّ
فَمَشَيْتُ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ ((وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا)) خَرَجَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ عَلَيَّ مَشْيٌ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ نَذْرُ مَشْيٍ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ (نَوَى)
وَهُوَ مَذْهَبُ بن عمر وطائفة من العلماء
وذكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن
بن عُمَرَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالَ هَذَا نَذْرٌ فَلْيَمْشِ
قَالَ أَبُو عمر جعل بن عُمَرَ قَوْلَهُ عَلَيَّ الْمَشْيُّ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ نَذْرُ مشي إلى الكعبة
قال وحدثنا بن يَزِيدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ جَعَلَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ
اللَّهِ فِي شَيْءٍ فَسَأَلَ الْقَاسِمَ فَقَالَ يَمْشِي إِلَى الْبَيْتِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ
قَالَ إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ قَالَ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ قَالَ عَلَيَّ
نَذْرٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ غَيْرُ مَا ذكره عنه عبد الله بن أبي حبيبة
ذكر بن أبي شيبة قال حدثنا حماد بن أبي خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ سَمِعَ
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَقُولَ
عَلَيَّ نَذْرُ مَشْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ
وَرَوَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب مثله
وعن بن الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ
فَقَالَ الْقَاسِمُ أَنَذْرٌ قَالَ لَا قَالَ فَلْيُكَفِّرْ يَمِينًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ جَعَلَ قَوْلَ الْقَائِلِ ((عَلَيَّ الْمَشْيُ)) مِنْ بَابِ
الْإِخْبَارِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ مَشْيًا فِي كِتَابِهِ وَلَا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالَ ((نَذْرُ مَشْيٍ)) كَانَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ فَإِنْ كَانَ
فِي طَاعَةٍ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ نَذَرَ أَنْ
يُطِيعَ اللَّهَ فليطعه
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172
فَهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ ((عَلَيَّ الْمَشْيُ)) شَيْئًا حَتَّى يَقُولَ ((نَذَرْتُ)) أَوْ ((عَلَيَّ
نَذْرُ مَشْيٍ)) أَوْ ((عَلَيَّ لِلَّهِ الْمَشْيُ)) وَذَا عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ لِلَّهِ وَطَلَبِ الْبِرِّ وَالْحَمْدِ
فِيمَا يَرْجُو مِنَ اللَّهِ
فَالنَّذْرُ الْوَاجِبُ فِي الشَّرِيعَةِ إِيجَابُ الْمَرْءِ فِعْلَ الْبِرِّ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ عِنْدَ
الْعُلَمَاءِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مَسْأَلَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حبيبة ما ينكزه وَيُخَالِفُ مَا فِيهِ أَكْثَرُ أَهْلِ
الْعِلْمِ
وَذَلِكَ أَنَّهُ نَذَرَ عَلَى مُخَاطَرَةٍ وَالْعِبَادَاتُ إِنَّمَا تَصِحُّ بِالنِّيَّاتِ لَا بِالْمُخَاطَرَاتِ
وَهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا إِرَادَةٌ فِيمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ مَا لَا يَقْصِدُ
عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ
وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ خِلَافُ مَا رَوَى عَنْهُ غَيْرُهُ مِنَ الثِّقَاتِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَمْ
يُرِدْ بِهِ الْحَجَّ عَلَى نَفْسِهِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ إنما أدخل مالك حديث بن أبي حَبِيبَةَ هَذَا لِأَنَّ فِيهِ إِيُجَابُ الْمَشْيِ دُونَ
ذِكْرِ النَّظَرِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ بن أَبِي حَبِيبَةَ كَانَ يَوْمَئِذٍ قَدِ احْتَلَمَ وَقَوْلُهُ ((ثُمَّ مَكَثْتُ حَتَّى
عَقَلْتُ)) يُرِيدُ حَتَّى عَلِمْتُ مَا يَجِبُ عَلِيَّ لَا أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا لَا تَلْزَمُهُ الْعِبَادَاتُ وَعَلَى
هَذَا يَجْرِي قَوْلُ مَالِكٍ الصَّغِيرُ لَا يَلْزَمُهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي بَدَنِهِ