ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ إِنْ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوِ الْمَرْأَةِ فَيَحْنَثُ أَوْ تَحْنَثُ أَنَّهُ إِنْ مَشَى الْحَالِفُ مِنْهُمَا فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ
يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ وَأَنَّهُ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ إِنْ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوِ الْمَرْأَةِ فَيَحْنَثُ أَوْ تَحْنَثُ أَنَّهُ إِنْ مَشَى الْحَالِفُ مِنْهُمَا فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ
يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ وَأَنَّهُ إِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ
مَشْيًا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا
وَلَا يَزَالُ مَاشِيًا حَتَّى يُفِيضَ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَكُونُ مَشْيٌ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ (فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ)
فَهَذَا مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَالِفِ بِالْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ
النَّاذِرِ
وَفِي قَوْلِهِ ((أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ)) بَيَانٌ أَنَّهُ سَمِعَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا النَّاذِرُ فَقَدْ مَضَى الْخِلَافُ فِيهِ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّذْرَ الطَّاعَةَ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ
وَأَمَّا الْحَالِفُ إِلَى مَكَّةَ أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَنَذْكُرُ الْخِلَافَ هُنَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَالِفِ بِالْمَشْيِ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَنَّهُ يَمْشِي - يَعْنِي مِنْ مَوْضِعِهِ -
حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ ثُمَّ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا فَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّاذِرِ دُونَ
الْحَالِفِ
وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْحَالِفِ بِالْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
ويروى عن بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُمَا قَالَا مَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ رَكِبَ مِنْ بَلَدِهِ فَإِذَا جَاءَ الْحَرَمَ نَزَلَ إِلَى أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179
- الْإِفَاضَةِ إِنْ كَانَ حَاجًّا وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ - يَعْنِي مِيقَاتَ بَلَدِهِ - ثُمَّ يَمْشِي
إِلَى أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ
وَقَالَ الْحَسَنُ يَمْشِيِ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا
وَرُوِيَ عَنْ مجاهد مثله
وقاله بن جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمَشْيِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّ مَكَّةَ لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ وَأَقَلُّ
الإحرام عمرة
وقد شذ بن شِهَابٍ فَأَجَازَ دُخُولَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ
وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَالِفِ فِي الْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ وَالَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ
فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ كَالْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إِلَى مَكَّةَ أَوْ إِلَى الْكَعْبَةِ
فَإِنَّهُ يَمْشِي وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فَإِنَّ رَكِبَ فِي ذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ
قَالَ وَلَوْ حَلَفَ بِالْخُرُوجِ أَوِ الذَّهَابِ إِلَى الْكَعْبَةِ أَوْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى الْحَرَمِ أَوِ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلَقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ حَلِفُهُ بِالْمَشْيِ إِلَى الْحَرَمِ كَالْكَعْبَةِ
وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَالِفِ كَذَلِكَ وَالنَّاذِرِ سَوَاءٌ وَأَنَّهُمَا يَلْزَمُهُمَا الْمَشْيُ مِنْ
بَلَدِهِمَا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عَلَى سَنَتِهِمَا
وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ إِلَّا رواية جاءت عن بن الْقَاسِمِ أَفْتَى بِهَا ابْنَهُ عَبْدَ
الصَّمَدِ رَوَاهَا الثِّقَاتُ الْعُدُولُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ عَبْدَ الصَّمَدِ بَنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمَ أَخْبَرَهُ قَالَ حَلَفَ أَخِي بِالْمَشْيِ
إِلَى مَكَّةَ فِي بَيْتِي فَحَنِثَ فَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرْتُهُ بِيَمِينِهِ
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَا دَعَاهُ أَنْ يَحْلِفَ بِهَذَا قُلْتُ قَدْ فَعَلَ! قَالَ مُرْهُ أَنْ يُكَفِّرَ
فَيَمِينُهُ خَبِيثَةٌ وَلَا يَعُودَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180
قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَذَكَرْتُهَا لِابْنِ وضاح فأنكرها
وقال لي المعروف عن بن الْقَاسِمِ غَيْرُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَخْبَرَنِي بِهِ ثِقَةٌ فَقَالَ مَنْ هُوَ فَقَالَ
قُلْتُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَسَكَتَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَصْبَغِ يُعْرَفُ بِابْنِ مَلِيحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَمِّهِ سَعِيدِ
بْنِ تَلِيدٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمَ أَفْتَى ابْنَهُ عَبْدَ الصَمَدِ وَكَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى
مَكَّةَ فَحَنِثَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ
قَالَ وَحَلَفَ مَرَّةً أُخْرَى بِصَدَقَةِ مَا يَمْلِكُ وَحَنِثَ فَأَفْتَاهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَقَالَ لَهُ إِنِّي قَدْ
أَفْتَيْتُكَ بِقَوْلِ اللَّيْثِ فَإِنْ عُدْتَ فَلَا أُفْتِكَ إِلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ إِذَا حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ أَوْ بِثَلَاثِينَ
حَجَّةً أَوْ بِصِيَامٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَيْمَانِ سِوَى الطَّلَاقِ فَإِنَّ
أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فَفِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ
فَإِنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا كَفَّارَةَ لَهُ وَأَنَّهُ إِنْ حَنِثَ فِي
يَمِينِهِ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِتْقِ
فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ سَوَاءٌ لَا كَفَّارَةَ فِي الْعَتَاقِ كَمَا لَا كَفَّارَةَ فِي الطَّلَاقِ
وَهُوَ لَازِمٌ لِلْحَالِفِ بِهِ كَلُزُومِ الطَّلَاقِ
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وأصحابه وأحمد
بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ مَنْ حَلَفَ بِالْعِتْقِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْجَبَ فِي كِتَابِهِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ عَلَى كُلِّ حَالِفٍ فَقَالَ (ذَلِكَ
كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) الْمَائِدَةِ 89
يَعْنِي فَحَنِثْتُمْ
فَكُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ بِهَا الْإِنْسَانُ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّ مُجْتَمَعَ
الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181
وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ فَأَسْقَطْنَا عَنِ الْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ الْكَفَّارَةَ وَأَلْزَمْنَاهُ
الطَّلَاقَ لِلْإِجْمَاعِ
وَجَعَلْنَا فِي الْعِتْقِ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ
وَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ كَفَّارَةُ يمين في ما عَدَا الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ((كُلُّ يَمِينٍ لَيْسَ فِيهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْعِتْقِ هُوَ مَا رَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
عَنْ أَبِيهِ عن بكر بن عبد الله المزني عن أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَوْلَاتَهُ حَلَفَتْ بِالْمَشْيِ إِلَى
مَكَّةَ وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَهِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّةٌ وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ إِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امرأته فسألت بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ
وَحَفْصَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ فَكُلُّهُمْ قَالَ لَهَا كَفِّرِي يَمِينَكِ وَخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَفَعَلَتْ
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي جَعَلْتُ كُلَّ
مَمْلُوكٍ لِي حُرًّا إِنْ شَارَكْتُ أَخِي قَالَ شَارِكْ أَخَاكَ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَطَاوُسٍ وَقَتَادَةَ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَذَكَرَ دَاوُدُ فِي الْحَالِفِ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ وَبِصَدَقَةِ مَالِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ
وَلَا غَيْرِهَا
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَاكِمِ والحارث العقيلي وبن أَبِي لَيْلَى
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَيْسَ بِنَاذِرٍ طَاعَةً فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا
بِحَالِفٍ بِاللَّهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْحَالِفِ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ
وَلَا يُخْرِجُ مَالَهُ عَنْ نَفْسِهِ مَخْرَجَ الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ إِنَّ
حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ لَمْ يُخْرِجْهُ
وَهَذَا لَا يُشْبِهُ النَّذْرَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ وَشُكْرِهِ وَإِنْفَاذِ
طَاعَتِهِ وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182
قَالُوا وَالْحَالِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ لَيْسَ بِحَالِفٍ عِنْدَنَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِفَ بِالْآبَاءِ وَأَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ