ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ ((مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا
فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ عَلَيَّ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ ((مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا
فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ ولم يسمي شَيْئًا إِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ مِمَّا
لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهَا
وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَكْثَرُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ
يَمِينِهِ))
وَقَدَّمَ الْحِنْثَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو وَأَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي مُوسَى كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالُوا فِيهِ ((فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ
يَمِينِهِ بِتَبْدِيَةِ الْحِنْثِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ))
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
تَبْدِيَةُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكَفِّرَ
قَبْلَ الْحِنْثِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَلَوْ حَنِثَ ثُمَّ كَفَّرَ كَانَ أَحَبَ إِلَيْنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ جَوَازُ الكفارة قبل الحنث عن بن عُمَرَ وَسَلْمَانَ وَمَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ
وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وبن سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ
رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا يُرَغِّبَا أَنْفُسَهُمَا فِيمَا هُوَ
خَيْرٌ ثم يكفران
وعن بن مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ وَعُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ مِثْلُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196
فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فَوَجَبَ أَلَّا تُقَدَّمَ قَبْلَ
الْحِنْثِ فَهَذَا نَقْضٌ لِأَصْلِهِ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ فَلَا يُحَوَّلُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ يُجْزِئُهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْفِدْيَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ
وَفِي هَذَا الْبَابِ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا التَّوْكِيدُ فَهُوَ حَلِفُ الْإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِرَارًا
يُرَدِّدُ فِيهِ الْأَيْمَانَ يَمِينًا بَعْدَ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ لَا أَنْقُصُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا يَحْلِفُ بِذَلِكَ
مِرَارَا ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ فَكَفَّارَةُ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ مَثَلًا فقال والله لا
آكل هَذَا الطَّعَامَ وَلَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَلَا أَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَكَانَ هَذَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ
فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ الطَّلَاقُ إِنْ كَسَوْتُكِ هَذَا
الثَّوْبَ وَأَذِنْتُ لَكِ إِلَى الْمَسْجِدِ يَكُونُ ذَلِكَ نَسَقًا مُتَتَابِعَا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ حَنِثَ فِي
شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ حِنْثٌ إِنَّمَا
الْحِنْثُ فِي ذَلِكَ حنث واحد
قال أبو عمر روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ هِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ
كَانَتَا فِي مَجْلِسَيْنِ إِذَا كَانَتَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِنْ حَلَفَ مَرَّتَيْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ إِذَا نَوَى يَمِينًا
وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَتَا فِي مَجْلِسَيْنِ وَإِنْ أَرَادَ يَمِينًا أُخْرَى وَالتَّغْلِيظَ فِيهَا فَهِيَ يَمِينَانِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ حَلَفَ مِرَارًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنَّ حَلَفَ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِأَيْمَانٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ الْأُولَى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ
كَفَّارَةٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ
فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَفَّارَتَانِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فِي الشَّيْءِ
الْوَاحِدِ فَإِنْ أَرَادَ التَّكْرَارَ فَهُنَّ وَاحِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَرَادَ التَّغْلِيظَ فَهُمَا يَمِينَانِ
قَالَ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ فَهُمَا يَمِينَانِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّكْرَارَ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَنْ قَالَ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا هُمَا يَمِينَانِ إِلَّا
أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فَيَكُونُ يَمِينًا واحدة ولو قَالَ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا
هُمَا يَمِينَانِ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً
وَقَالَ زُفَرُ قَوْلُهُ وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ
وَإِنْ قَالَ وَالسَّمِيعُ وَالْعَلِيمُ وَالْحَكِيمُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَكَفَالَتُهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ
وَمَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ مِرَارًا كَثِيرَةً يَمِينًا بَعْدَ يَمِينٍ ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَرَّقَ بَيْنَ
تَكْرَارِ اسْمٍ وَاحِدٍ وَبَيْنَ الْأَسْمَاءِ المختلفة
قال أبو عمر وذكر بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مجاهد
قال خرج بن عُمَرَ وَبَعَثَ غُلَامًا لَهُ فِي وَجْهٍ مِنَ الوجوه فأبطأ فقال له بن عُمَرَ إِنَّكَ
تَغِيبُ عَنِ امْرَأَتِكِ تَخْرُجُ كَذَا فَطَلِّقْهَا قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا قَالَ وَاللَّهِ لَتُطَلِّقَنَّهَا قَالَ
وَاللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَتُطَلِّقَنَّهَا قَالَ وَاللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا قَالَ فَذَهَبَ عَنْهُ الْعَبْدُ
قَالَ مُجَاهِدٌ فَذَكَرْتُ لَهُ أَيْمَانَهُ قَالَ إِنَّهَا يَمِينٌ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُرَدِّدُ الْيَمِينَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ
وَاحِدَةٌ
وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ
وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِأَيْمَانٍ شَتَّى عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَحَنِثَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ حَلَفَ أَيْمَانًا شَتَّى فِي أَشْيَاءَ شَتَّى فِي أَيَّامٍ شَتَّى فَعَلَيْهِ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ
كَفَّارَةٌ
هذا كله من كتاب بن أبي شيبة
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نَذْرِ الْمَرْأَةِ إِنَّهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ إِذَنِ زَوْجِهَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ
وَيَثْبُتُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَسَدِهَا وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِزَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ
بِزَوْجِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إَذَا كَانَ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّ نَذْرَهَا لَا يَضُرُّ بِزَوْجِهَا
كَانَ عَلَيْهَا الْوَفَاءُ بِهِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ حَالَ زَوْجُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
الْوَفَاءِ بِنَذْرِهَا ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهُ بِإِجْمَاعٍ أَيْضًا إَذَا كَانَ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ
وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ فَخَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدِهِمَا يَجِبُ
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ