مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنِ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنِ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هذا الباب أنه من مسند بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْعُمَرِيَّانِ عَنْ نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك رواه الزهري عن سالم عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْلِفُ بِأَبِي الْحَدِيثَ وذكر عبد الرزاق عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ فِي رَكْبٍ أسير في غزاة فذكر الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عن بن عُمَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهِ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ الْحَلِفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا فِي حُكْمِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْإِقْسَامِ بِالْمَخْلُوقَاتِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) الطُّورِ 1 (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) التِّينِ 1 (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) الطَّارِقِ 1 وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقُرْآنِ قِيلَ الْمَعْنَى فِيهِ وَرَبِّ الطُّورِ وَرَبِّ النَّجْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى هِيَ إِقْسَامٌ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ أَيْضًا قَدْ أَقْسَمَ رَبُّنَا تَعَالَى بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ ((مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ وَلَا غَيْرِهَا لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى آخَرَ فِي حَقٍّ قِبَلَهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَوْ حَلَفَ لَهُ بِالنَّجْمِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَقَالَ نَوَيْتُ رَبَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ يَمِينًا وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ يَحْيَى عن مالك أنه بلغه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَأَنْ أَحَلِفَ بِاللَّهِ بِإِثْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُظَاهِرَ فَالْمُظَاهَرَةُ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعْظِيمًا لِلْمَحْلُوفِ بِهِ فَشَبَّهَ خَلْقَ اللَّهِ بِهِ فِي التَّعْظِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) التَّوْبَةِ 30 وَمَعْنَاهُ أَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ فَآثَمُ أَيْ فَأَحْنَثُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بغيره فأبر وقد روي عن بن عمر وبن مَسْعُودٍ قَالَا لِأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا وَرَوَى بن جريج عن بن أبي مليكة أنه سمع بن الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعَنِي عُمَرُ أَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ فَنَهَانِي وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ فَكَّرْتَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَحْلِفَ لَعَاقَبْتُكَ وَقَالَ قَتَادَةُ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بالمصحف وبالعتق والطلاق وأجاز بن عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ الْيَمِينَ ((بِايْمِ اللَّهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 وَأَجَازَ عَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ ((لَعَمْرِي)) وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ ((لَعَمْرُهَا)) قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ أَجَازَ الْيَمِينَ بِغَيْرٍ اللَّهِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْيَمِينِ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَخَلَفِهِمْ تُطْلَبُ الْكَفَّارَةُ فِي وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْأَيْمَانِ بِغَيْرِ اللَّهِ نَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَسْتَحِبُّونَ الْيَمِينَ بَاللَّهِ وَيَكْرَهُونَ الْيَمِينَ بِغَيْرِهِ وَهَذَا عمر وبن عُمَرَ يُوجِبَانِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ فِيمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُمَا رَوَيَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَقَالَ ((مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ)) فَدَلَّ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ وَالْإِيجَابِ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ فَقَالَ إِنْ تَسْأَلْنِي الْقِسْمَةَ لَمْ أُكَلِّمْكَ أَبَدًا وَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ الْكَعْبَةَ لَغَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ كَفِّرْ يَمِينَكَ وَكَلِّمْ أخاك وهو قول بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَسَتَرَى كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِمَا لَا إِثْمَ فِيهِ أَوْكَدُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِمَحْوِ الْإِثْمِ وَهِيَ مُنَزَّلَةٌ فِيمَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ نَفْسَهُ فِيمَا يَرَى خَيْرًا لَهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِمَالِهِ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَخِلَافٌ لِلْجَمَاعَةِ وَكَأَنَّهُ زَادَ مِنْ وَجْهٍ مَا لَا يَعْزُو عَلَيْهِ أَوْ لَا يَصْلُحُ وَقَدْ زِدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي آخِرِ هذا الكتاب وذكر بن حبيب عن مالك أنه كان يقول في من جَعَلَ مَالَهُ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَقَوْلُ عَائِشَةَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ بِقِيَاسٍ ولا اتباع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ)) وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ نَاسِخٌ لَمَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلِحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ النَّحْوِيِّ قَالَ فِيهِ أَفْلَحَ - وَأَبِيهِ - إِنْ صَدَقَ إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ وَلَمْ يَقُلْ وَأَبِيهِ وَمَالِكٌ لَا يُقَاسُ بِهِ مِثْلُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هُنَا وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي الْأَيْمَانِ وَوُجُوهِهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ فِي التَّمْهِيدِ مِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَمِنْهَا حَدِيثُ نَافِعٍ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |