مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنَ الَّتِي لَمْ
تُسِنَّ وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ في ذلك
قال أبوعمر جمهور العلماء روى حديث بن عُمَرَ هَذَا فِي ((الْمُوَطَّأِ)) وَغَيْرِهِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنَ الَّتِي لَمْ
تُسِنَّ وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ في ذلك
قال أبوعمر جمهور العلماء روى حديث بن عُمَرَ هَذَا فِي ((الْمُوَطَّأِ)) وَغَيْرِهِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا الَّتِي لَمْ تُسِنُّ بِكَسْرِ السِّينِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217
وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ الَّتِي لَمْ تُسَنُّ بِفَتْحِ السِّينِ
فَمَنْ رَوَى بِكَسْرِ السِّينِ يَجْعَلُهُ مِنَ السِّنَنِ ويقول إن المعروف من مذهب بن عُمَرَ
أَنَّهُ كَانَ لَا يُضَحِّي إِلَّا بِالثَّنِيِّ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُ لَمْ تُسَنَّ بِفَتْحِ السِّينِ يَقُولُ مَعْنَاهُ لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا وَهِيَ الْهَتْمَاءُ لَا
تَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الضَّحَايَا
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ يقول ليس الصواب في حديث بن عُمَرَ هُنَا إِلَّا قَوْلَ مَنْ
رَوَاهُ لَمْ تَسْنُنْ بِنُونَيْنِ أَيْ لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا
قَالَ وَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ لَمْ يَقُولُوا تَسْنُنُ مَنْ لَمْ تَخْرُجُ أَسْنَانُهُ فَكَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَلْبُنْ إِذَا
لَمْ يُعْطِ لَبَنًا وَلَمْ يَسْتَمِنْ أَيْ لَمْ يُعْطِ سَمْنًا وَلَمْ يَعْسِلْ لَمْ يُعْطِ عَسَلًا
وَهَذَا مِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الْهَتْمَاءِ فِي الأضاحي
وقال غير بن قُتَيْبَةَ لَمْ تَسْنُنْ الَّتِي لَمْ تُبَدِّلْ أَسْنَانَهَا
وهذا نحو قول بن عُمَرَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا الثَّنِيُّ فما فوقه إلا الجدع
وأما حديث بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ التي تنقص مِنْ خَلْقِهَا وَالَّتِي
لَمْ تَسْنُنْ فِفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا نَقَصَ مِنَ الْخَلْقِ فِي الشَّاةِ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحِيَّةِ
عِنْدَهُ
إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْجَمَّاءَ جَائِزٌ أَنْ يُضَحَّى بِهَا فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ هَذَا عَلَى
أَنَّ النَّقْصَ الْمَكْرُوهَ هُوَ مَا تَتَأَذَّى بِهِ الْبَهِيمَةُ وَيُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ شَحْمِهَا
وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّيَ بِالْخَصِيِّ الْأَجَمِّ إِذَا كَانَ سَمِينًا
وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَقُولُونَ إِنَّ الْأَقْرَنَ الْفَحْلَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَصِيِّ الْأَجَمِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
الْخَصِيُّ الْأَجَمُّ (أَسْمَنُ) فَالْأَصْلُ مَعَ تَمَامِ الْخَلْقِ السِّمَنُ
ذكر بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ (عَنْ رَبِيعَةَ) أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ كُلَّ
نَقْصٍ يكون في الضحبة أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ قَالَ فَأَخْبَرَنِي (عَمْرُو) بْنُ الحارث وبن لَهِيعَةَ
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ مِنَ الضَّحَايَا التي بها من
العيب ما (ينتقص) مِنْ سِمَنِهَا قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ كُلَّ نَقْصٍ (يَكُونُ) فِي
الضَّحِيَّةِ إِلَّا (الْقُرُونَ وَحْدَهُمْ) فَإِنَّهُ (كَانَ) لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُضَحِّيَ بِمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ
وَتَرَاهُ بِمَنْزِلَهِ الشَّاةِ الْجَمَّاءِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الضَّحِيَّةِ (الْمَكْسُورَةِ) الْقَرْنِ إِذَا كَانَ
لَا يُدْمِي فَإِنْ كَانَ يُدْمِي فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ مَرَضًا بَيِّنًا
وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَلِيِّ (بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) -
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن الضحايا عن أعضب الأذن والقرن
قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا عضب الأذن والقرنقال النِّصْفُ أَوْ أَكْثَرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يُوجَدُ ذِكْرُ الْقَرْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي قَتَادَةَ
لَا يَذْكُرُ فِيهِ الْقَرْنَ (وَيَقْتَصِرُ) فِيهِ عَلَى ذِكْرِ الْأُذُنِ وَحْدَهَا (بِذِكْرِهِ)
كَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ
وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ فِي الْقَرْنِ
وَأَمَّا الْأُذُنُ فَكُلُّهُمْ يُرَاعُونَ فِيهِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ
وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى إِجَازَةِ الضَّحِيَّةِ بِالْجَمَّاءِ مَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ حَدِيثَ الْقَرْنِ لَا يَثْبُتُ ولا
يصح (و) هو مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ ذَهَابَ الْقَرْنَيْنِ مَعًا أَكْثَرُ مِنْ ذَهَابِ بَعْضِ
أَحَدِهِمَا
وَأَمَّا قَوْلُ بن عُمَرَ يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تسن فإن بن قُتَيْبَةَ قَالَ هِيَ
الَّتِي لَمْ تَنْبُتَ أَسْنَانُهَا كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا
وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لَمْ تُلْبَنْ أَيْ لَمْ تُعْطَ لَبَنًا وَلَمْ تُسْتَمَنْ أَيْ لَمْ تُعْطَ سَمْنًا وَلَمْ تُعْسَلْ أَيْ
لَمْ تُعْطَ عَسَلًا
قَالَ وَهَذَا مِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الْهَتْمَاءِ فِي الْأَضَاحِي
وَقَالَ غَيْرُهُ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ الَّتِي لَمْ تَنْزِلُ أَسْنَانُهَا
وهذا يشبه مذهب بن عُمَرَ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الثني فما فوقها ولا
يجوز عنده الجدع مِنَ الضَّأْنِ فَمَا فَوْقَهَا وَلَا غَيْرُهُ
وَهَذَا خِلَافُ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَخِلَافُ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ فِي الَّتِي لَمْ تُسِنَّ وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ
خَلْقِهَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَيَ عَنْهُ جَوَازُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْأَبْتَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَذَكَرَ بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا
الْمَجْذُوعَةِ ثُلُثِ الْأُذُنِ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهَا وَلَا تَجُوزُ الْمَسْلُولَةُ (الْأَسْنَانِ) وَلَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219
الصَّرْمَاءِ وَلَا جَدَّاءُ (الضَّرْعِ) وَلَا الْعَجْفَاءُ وَلَا الْجَرْبَاءُ وَلَا الْمُصَرَّمَةُ الْأَطْمَاءِ وَهِيَ
الْمَقْطُوَعَةُ حَلَمَةُ الثَّدْيِ وَلَا الْعَوْرَاءُ وَلَا الَعَرْجَاءُ
قَالَ أَبُو عمر قول بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ