مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنْ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ
ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الْأَضْحَى وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنْ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ
ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الْأَضْحَى وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هَذَا عَنْ عِبَادِ بْنِ تَمِيمٍ فَظَاهِرُهُ - فِي رِوَايَةِ
مَالِكٍ - الِانْقِطَاعُ
وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ مُرْسَلٌ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222
ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَلِكَ لِأَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَى عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنْ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأَمَرَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ
وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ أَخْبَرَهُ
أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ
أُضْحِيَّتَهُ فَرَفَعَ الدَّرَاوَرْدِيُّ الْإِشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَبَيَّنَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ
وَأَمَّا لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ
أَنَّ مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلُ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى المصلى بعد الصَّلَاةِ فَقَدَ فَعَلَ مَا لَا يَجِبُ
وَأَنَّهُ لَا ضَحِيَّةَ لَهُ وَأَنَّ عَلَيْهِ إِعَادَةَ مَا أَفْسَدَ مِنْ ضَحِيَّتِهِ تِلْكَ إِذَا ذَبَحَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ عَلَى مَا تَرَاهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ
هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَرَوَاهُ رُوَاةُ
الْمُوَطَّأِ وَوَرَدَ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
أَبَا بُرْدَةَ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ
كَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِيَ
بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ أَنَّهُ ذَبَحَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَقِصَّةُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ فِي ذَلِكَ مَحْفُوظَةٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَوَاهَا
الشَّعْبِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ وَرَوَاهَا عَنِ الشَّعْبِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَدَاوُدُ بْنُ
أَبِي هِنْدٍ وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ وَعَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وسيار كلهم يرونه عَنِ
الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ
وَمَنْ رَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ
وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ تِلْكَ
شَاةُ لَحْمٍ قَالَ فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا جَذَعَةً خير مِنْ شَاةِ لَحْمٍ فَهَلْ تُجْزِئُ عَنِّي قَالَ نَعَمْ
وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ وَطُرُقِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي الْفِقْهِ أَنَّ الذَّبْحَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي ذَبَحَ قَبْلَهُ بِالْإِعَادَةِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عِبَادَهُ
بِالتَّأَسِّي بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وحذرهم من مخالفته
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223
وَقَدْ أَجَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَضْحَى مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ
الْوَقْتِ عَلَى مَا نُورِدُهُ عَنْهُمْ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ لِأَهْلِ الْحَضَرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هِيَ شَاةُ لَحْمٍ))
وَأَمَّا الذَّبْحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَمَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ
الآثار أيضا
فذهب مالك والشافعي وأصحابهما وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يذبح
أضحيته قبل ذبح الْإِمَامُ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى
وَكَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَى بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ
بِالْمَدِينَةِ فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَحَرَ فَأَمَرَ مَنْ
كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِذَبْحٍ آخَرَ وَلَا يَنْحَرَ حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمِنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله
ورسوله) الحجرات 1 نزلت فِي قَوْمٍ ذَبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ
الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ فِيمَا يَحِلُّ مِنَ الذَّبْحِ
وَيَحْرِمُ سَوَاءٌ فَإِذَا أَحَلَّ الْإِمَامُ الذِّبْحَ حَلَّ لِغَيْرِهِ وَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ
نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هِيَ شَاةُ لَحْمٍ))
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَعَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فليعد
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224
وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَجُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام - مثله
وذكر الطحاوي حديث بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ ضَحِيَّتَهُ وَقَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنْ رَجُلًا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبِلَ أَنْ
يُصَلِّيَ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسِلْمِ أَنْ يَذْبَحَ أَحَدٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ
قَالَ أبو عمر معروف عند العلماء أن بن جريج أثبت في أبي الزبير مِنْ حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ وَأَعْلَمُ بِهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَا فِي الْأَحَادِيثِ عَنِ الْبَرَاءِ وَلَا
عَنْ أَنَسٍ وَلَا عَنْ جُنْدُبٍ إِلَّا النَّهْيُ عَنِ الذَّبْحِ قَبْلَ الصَّلَاةِ
وَهَذَا مَوْضِعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ نَزَعَ بِهِ فِي أَنَّ الذَّبْحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ
ذَبْحِ الْإِمَامِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الذَّبْحِ قَبْلَ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى
أَنَّ الذَّبْحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْإِمَامِ جَائِزٌ هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ نَصٌّ فَكَيْفَ وَهَذَا النَّصُّ الثَّابِتُ
مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمُرْسَلُ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أمر
مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ بِالْإِعَادَةِ
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ
حَدَّثَنِي الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ النَّحْرِ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال لا يذبحن
أحد حتى نُصَلِّيَ
قَالَ فَقَامَ خَالِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا يَوْمٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَعْدُومٌ وَإِنِّي ذَبَحْتُ نَسِيكَتِي
وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَتَى فَعَلْتَ قَالَ قَبْلَ
الصَّلَاةِ)) قَالَ ((فَأَعِدْ ذَبْحًا آخَرَ)) فَقَالَ عِنْدِي عَنَاقُ لَبَنٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ
فَقَالَ هِيَ خَيْرٌ مِنْ نَسِيكَتَيْكَ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَظُنُّ أَنَّهَا مَاعِزٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مَا نَحَرُوا إِنَّمَا يُقَالُ لِلضَّأْنِيَّةِ رَخِلٌ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحِدِّيثِ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ
وَإِنْ كَانَتِ الْوَاحِدَةُ هِيَ النُّسُكُ وَالْأَوَّلُ شَاةُ لَحْمٍ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا يَتَوَلَّى بِهَا النُّسُكَ فَلَمْ تَجُزْ
عَنْهُ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَ بِهَا النسك وجزت عنه الْآخِرَةُ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا فِي وَقْتِ
النُّسُكِ فَكَانَتْ خَيْرَهَا لِأَنَّهَا جَزَتْ
قَالَ وَقَوْلُهُ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ - يَعْنِي الْعَنَاقَ - وَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً وَلَا تُجْزِئُ
الْجَذَعُ لِغَيْرِهِ إِلَّا مِنَ الضَّأْنِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَنْعَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ هَدْيَةً وَلَا
ضَحِيَّةً وَالَّذِي يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَمَا فَوْقَهُ وَالثَّنِيُّ مِمَّا
سِوَاهُ فَمَا فَوْقَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ
وَالْجَذَعُ مِنَ الضأن بن سَبْعَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ إِذَا دَخَلَ فِيهَا وَقِيلَ إِذَا أَكْمَلَهَا
وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرْقُدَ صُوفُ ظَهْرِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَالَتِ الْأَعْرَابُ فَذَا جَذَعٌ
وَثَنِيُّ الْمَعْزِ إِذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ
وَثَنِيُّ الْبَقَرِ إِذَا أَكَمَلَ لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ
وَالثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ إِنَّمَا كَمُلَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَانَ سِاكِنًا بِمِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ
لَا يُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ كَذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ ذَبْحِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِلضَّحِيَّةِ
فَقَالَ مَالِكٌ يَذْبَحُ أَهْلُ (الْبَادِيَةِ) إِذَا نَحَرَ أَقْرَبُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْقُرَى إِلَيْهِمْ فَيَنْحَرُونَ بعده
فإن لم يفعلوا وأخطؤوا ونحروا قبله أَجْزَأَهُمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَقْتُ الذَّبْحِ وَقْتُ صَلَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حِينِ حَلَّتِ الصَّلَاةُ وَقَدْرُ
خُطَّتَيْنِ
وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ فِيهَا وَقْتٌ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ ذَبَحَ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ قَبِلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ
عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
وَقَالَ عَطَاءٌ يَذْبَحُ أَهْلُ الْقُرَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ
أُخْرَى فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ وَاجِبَةٌ فَرْضًا
قَالُوا لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِإِعَادَةٍ
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا
فَقَالَ مَالِكٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ضَحِيَّةٌ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا وَمَنْ تَرَكَهَا مِنْ
غير عذر فبئس ما صنع
وقال أبو عمر تحصل مَذْهَبِهِ أَنَّهَا مِنَ السُّنَنِ الَّتِي يُؤْمَرُ النَّاسُ بِهَا وَيُنْدَبُونَ إِلَيْهَا وَلَا
يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا إِلَّا لِلْحَاجِّ بِمِنًى وَيُضَحَّى عِنْدَهُ عَنِ الْيَتِيمِ وَالْمَوْلُودِ وَكُلِّ وَاحِدٍ لَهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ وَتَطَوُّعٌ وَلَا تَجِبُ لِأَحَدٍ قَوِيَ عَلَيْهَا تَرَكَهَا وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِأَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ))
الحديث
قال الشَّافِعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْحَاجِّ بِمِنًى وَغَيْرِهِمْ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَتِ الضَّحِيَّةُ بِوَاجِبَةٍ وَكَانَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ (بْنُ سَعْدٍ) يَقُولَانِ لَا نَرَى
أَنْ يترك المسلم الموسر المالك لأمره الضحية
وروي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوجِبُونَهَا
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227
وَهَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الضَّحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ وَكِيدَةٌ لِصَلَاةِ الْعِيدِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنَ النَّوَافِلِ
وَكَذَلِكَ صَلَوَاتُ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي فَضْلِ الضَّحِيَّةِ آثَارٌ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الضَّحِيَّةُ وَاجِبَةٌ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَضْحَى وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُقِيمٍ فِي الْأَمْصَارِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا
هَكَذَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ فِي كِتَابِ ((الْخِلَافِ))
وَذَكَرَ عَنْهُمْ فِي ((مُخْتَصَرِهِ)) قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ
الْوَاجِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ
وَقَالَ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ وَلَدِهِ الصغِيرِ مِثْلَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ
نَفْسِهِ
قَالَ وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا لَيْسَتِ الْأُضْحِيَّةُ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةً غَيْرُ مُرَخَّصٍ
فِيهَا لِمَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهَا
قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْأَضْحَى وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ مَا خَلَا الْحَاجُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِهَا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا
بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ بِأَنْ يُعِيدَ ضَحِيَّتَهُ إِذْ ذَبَحَهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ
وَقَوْلُهُ فِي الْعَنَاقِ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَمِثْلُ هَذَا إِنَّمَا يُقَالُ فِي الْفَرَائِضِ الْوَاجِبَةِ
لَا فِي التَّطَوُّعِ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّهُ أَوْجَبَهَا ثُمَّ أَتْلَفَهَا فَمِنْ هُنَاكَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا لِأَنَّهَا
وَاجِبَةٌ فِي الْأَصْلِ
قِيلَ لَهُ لَوْ أَرَادَ هَذَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَعَرَّفَ قِيمَةَ الْمُتْلَفَةِ لِيَأْمُرَهُ بِمِثْلِهَا فَلَمَّا لَمْ
يَعْتَبِرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى مَا ذَكَرْتَ وَبِمَا احْتَجَّ وَمِمَّا لَمْ يَأْمُرْهُ بِمِثْلِهَا
فَلَمَّا لَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228
وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا مَنْ أَوْجَبَهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنْ قَوْلِ أَبِيَ هُرَيْرَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ))
قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَشْهَدْ مُصَلَّانَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ تَصْرِيحٌ (بِإِيجَابِهَا) لَوْ كَانَ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ وَالْأَكْثَرُ
يَجْعَلُونَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ
أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ)) وَلَا شَيْءَ يُقَالُ فِي الْوَاجِبِ
مَنْ أَرَادَ فِعْلَهُ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ
قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ
الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بن كيمة
اللَّيْثِيُّ قَالَ سَمِعَتْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فلا يأخذ
من شعره ولا من أظفاره شَيْئًا
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ
قَالَ وَفِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
أَعْلَى مِنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ
وَقَدْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لا بأس بالاطلاء بالنورة في عشر ذي الْحِجَّةِ
وَهَذَا مِنْهُ تَرْكٌ لِلْعَمَلِ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ إِلَّا
أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَفْتَى بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنُ
بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عِمَارَةِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا
يَرَى بَأَسًا بِالْإِطِّلَاءِ فِي الْعَشْرِ
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أُكَيْمَةَ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ
عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229
وَحَدَّثَ بِهِ شُعْبَةُ ثُمَّ تَرَكَهُ وَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ بِحَدِيثِهِ هَذَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ وَهِشَامٍ عَنْ
قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ ضَحَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ
عَلَيْكَ
وَهَذَا أَخَذَ مِنْهُ بِحَدِيثِهِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِذَا دَخَلَ
الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ الْحَدِيثَ
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٌ عَنْ عِمَارَةِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بن المسيب لَمْ يُفْتِ بِهِ
إِلَّا مَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ الْغِفَارِيِّ وَاسْمُهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا
بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَا يضحيان
وقال عكرمة بعثني بن عَبَّاسٍ بِدِرْهَمَيْنِ أَشْتَرِي لَهُ بِهِمَا لَحْمًا وَقَالَ من لقيت فقل هذه
أضحية بن عَبَّاسٍ
وَهَذَا نَحْوُ فِعْلِ بِلَالٍ فِيمَا نُقِلَ عنه أنه ضحى بديك
ومعلوم أن بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَأَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي
ابْتَاعَهُ بِدِرْهَمَيْنِ أَغْنَاهُ عَنِ الْأَضْحَى إِعْلَامًا مِنْهُ بِأَنَّ الضَّحِيَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَلَا لَازِمَةٍ
وَكَذَلِكَ مَعْنَى الْخَبَرِ عَنْ بِلَالٍ لَوْ صَحَّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ إِنِّي لَأَدَعُ الْأَضْحَى وَأَنَا مُوسِرٌ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي
أَنَّهَا حَتْمٌ عَلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُولَ عُمْرِهِ وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ أَنَّهُ
تَرَكَ الْأَضْحَى وَنَدَبَ إِلَيْهَا فَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ مُوسِرٍ تَرْكُهَا وَبِاللَّهِ التَوْفِيقُ
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي التَّمَّامِ قَالَ
حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ
حدثني سعيد بن داود بن أبي زنبر قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا مِنْ نَفَقَةٍ بَعْدَ صِلَةِ
الرَّحِمِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدِّمَاءِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230
وروي نحو ذلك بمعناه عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا عَنْ طَاوُسٍ قَالَ مَا أَنْفَقَ النَّاسُ مِنْ
نَفَقَةٍ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ دَمٍ مُهْرَاقٍ يَوْمَ النَحْرِ
وَرُوِيَ أَنَّ لِلْمُضَحِّي بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ صُوفِهَا حَسَنَةٌ
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَضِيلَةٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا
فِي ((التَّمْهِيدِ)