مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا بَدَنَةً وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً
قال مالك لا أدري أيتهما قال بن شِهَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ (...)
 
مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا بَدَنَةً وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً
قال مالك لا أدري أيتهما قال بن شِهَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُمْ
نَحَرُوا الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عن سبعة وهم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ عَنِ الْبَيْتِ حِينَ
صَالَحُوهُ فَلَمَّا تَمَّ الصُّلْحُ نَحَرَ مَنْ كَانَ معه هدي وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَدْ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ وَهَدْيُ الْمُحْصَرِ بَعْدُ
وَعِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَعْدُ وَغَيْرِهِ هَدْيٌ
وَأَوْجَبَهُ أَشْهَبُ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا
وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْهَدْيُ وَاجِبًا عِنْدِ مَالِكٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ إِذْ نَحَرُوا الْبَدَنَةَ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ
لَمْ يَرَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَلَا فِي الضَّحِيَّةِ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ
وَقَالَ مَالِكٌ تَفْسِيرُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي التَّطَوُّعِ وَلَا يَشْتَرِكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ
قَالَ وَأَمَّا فِي الْعُمْرَةِ مُتَطَوِّعًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ - يَعْنِي لَا بَأْسَ بِالِاشْتِرَاكِ في هديها
ذكر ذلك بن عبد الحكم
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237
وكذلك ذكر بن المواز
وقال بن الْمَوَّازِ لَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيٍ وَاجِبٍ وَلَا تَطَوُّعٍ ثُمَّ قَالَ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا
في التطوع
وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِكُ فِي هَدْيٍ وَاجِبٍ وَلَا فِي هَدْيِ تَطَوُّعٍ وَلَا
فِي نَذْرٍ وَلَا فِي جَزَاءِ صَيْدٍ وَلَا فدية
وهو قول بن القاسم
قال وقال مالك جائز أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ الْبَدَنَةَ أَوِ الْبَقَرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ يُشْرِكُهُمْ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْتَرُوهَا بَيْنَهُمْ بِالشَّرِكَةِ
فَيَذْبَحُوهَا إِنَّمَا تُجْزِئُ إِذَا تَطَوَّعَ بِهَا عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَا تُجْزِئُ عَنِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ
وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ
قَالَ لَا تُذْبَحُ الْبَدَنَةُ وَلَا الْبَقَرَةُ إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يَذْبَحَهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ
بَيْتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ والليث في هذا حديث مالك عن بن شِهَابٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْبَحْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَلَّا بَقَرَةً وَاحِدَةً
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نحر عَنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ
ذَكَرَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي
سلمة عن أبي هريرة قال ذبح رسو ل الله صلى الله عليه وسلم عن من اعْتَمَرَ
مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ
قَالَ أَبُو عِيسَى سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ
لَمْ يَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ وَأَرَادَ أَخْذَهُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ السَّفَرِ وَيُوسُفُ بْنُ السَّفَرِ
ذَاهِبُ الْحَدِيثِ وَضَعَّفَ مُحَمَّدٌ هَذَا الْحَدِيثَ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ كُنَّا
نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَكَ عَلِيًّا عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ فِي
هَدْيِهِ وَكَانَ مُفْرِدًا عِنْدَهُمْ فَكَانَ هَدْيُهُ تطوعا
واحتج بن خُوَازِ بِنْدَاذَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْكَبْشِ الْوَاحِدِ
النَّفَرُ
قَالَ فَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا زَادَ عَلَى أَنْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَتِ السُّنَّةُ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ
عَنْ سَبْعَةٍ مُضَحِّينَ وَمُهْدِينَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الدَّمُ مِنْ مُتْعَةٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ حَصْرٍ بِمَرَضٍ
أَوْ عَدُوٍّ وَلَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَا تُجْزِئُ الشَّاةُ إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ
وَهِيَ أَقَلُّ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ
وَقَالَ زُفَرُ لَا تُجِزِئُ حَتَّى تَكُونَ الْجِهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلدَّمِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ
أَمَّا جَزَاءُ صَيْدٍ لِلَّهِ أَوْ تَطَوُّعٍ لِلَّهِ فإن اختلف لم تُجْزِئُ
وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ ضَحُّوا أَوْ أَهْدَوْا بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً قَالَ لَا
يُجْزِئُهُمْ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ سَبْعَةٍ
قَالَ جَابِرٌ إِنْ يَشْتَرِكِ النَّفَرُ السَّبْعَةُ فِي الْهَدْيِ وَالضَّحِيَّةِ يَشْتَرُونَهَا فَيَذْبَحُونَهَا عَنْهُمْ إِذَا
كَانَتْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ حَدِيثُ جَابِرٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم أَجَازَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ
وَضَعَّفُوا حَدِيثَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الَّذِي فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْبَدَنَةَ نُحِرَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَنْ عَشْرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ وَقَالُوا هُوَ مُرْسَلٌ خَالَفَهُ ما
هو أثبت وأصح منه
والمسور لن يَشْهَدِ الْحُدَيْبِيَةَ وَمَرْوَانُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ الله عنهم
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ عَنْهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّعْبِيُّ
رواه بن جُرَيْجٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَحْرَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ
- يَعْنِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239
وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ عَنْ جَابِرٍ
قَالَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ
وَرَوَى يحيى القطان عن بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ
اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَالِدُ بْنُ سعيد
قال حدثني الشعبي قال سألت بن عُمَرَ قُلْتُ الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ فَقَالَ
يَا شَعْبِيُّ! أَوَلَهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ فَقَالَ قُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سن الحزور والبقرة عن سبعة فقال بن عمر لرجل أكذلك يَا
فُلَانُ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا سَمِعْتَ فَهَذَا
وَذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْرِ الْهَدْيِ
قَالَ قَتَادَةُ كَانَتْ مَعَهُمْ - يَوْمَئِذٍ - سَبْعُونَ بَدَنَةً بَيْنَ كُلِّ سَبْعَةٍ بَدَنَةٌ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنهم كانوا أربعمائة وَتِسْعِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْبَدَنَةُ عَنْ عَشَرَةٍ وَمِنْ حديث بن عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ بِضْعَ عَشَرَةَ
مِائَةً
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق أنهم كانوا سبعمائة فَنَحَرَ عَنْهُمْ سَبْعِينَ بَدَنَةً
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أنهم كانوا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة
وَكَذَلِكَ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بن أبي أوفى وكانا ممن شهدا الْحُدَيْبِيَةَ
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ جابر أنهم كانوا ألفا وخمسمائة
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي صَدْرِ كِتَابِ الصَّحَابَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذِهِ الْأَعْدَادُ مُجْمَلَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ فِيهِمْ جَمَاعَةٌ
سَاقُوا عَنْ أَنْفُسِهِمُ الْهَدْيَ فَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَنْ أُرِيدَ بِالنَّحْرِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240
لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا قُصِدَ فِيهِ إِلَى مَنْ أُشْرِكَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ
وَحَدِيثُ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَاضِحٌ
لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلتَّأْوِيلِ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ جَابِرٍ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ أَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ وَالْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ
سَبْعَةٍ
قَالَ وفي ذلك دليل على أن حديث بن عَبَّاسٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ خَطَأٌ وَوَهْمٌ أَوْ مَنْسُوخٌ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا عَنْ سَبْعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ فَلَا
تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ لَا مَعَارِضَ لَهُ أَوِ اتِّفَاقٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَيُّ اتِّفَاقٍ يَكُونُ عَلَى جَوَازِهَا عَنْ سَبْعَةِ! ! وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ يَقُولَانِ لَا
تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ إِلَّا عَنْ سَبْعَةٍ إِلَّا أَنْ يَذْبَحَهَا الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَتَجُوزُ عَنْ سَبْعَةٍ
حِينَئِذٍ وَعَنْ أَقَلَّ وَعَنْ أَكْثَرَ وَسَلَفُهُمَا فِي ذَلِكَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
وَغَيْرُهُمَا
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَفِي ((الْمُوَطَّأِ))
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةً قَالَ لَا
بَأْسَ أَنْ يُضَحِّيَ الرَّجُلُ بِالشَّاةِ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَقُولُ أَهْلُهُ
وَعَنَّا فَيَقُولُ وَعَنْكُمْ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِي جابر البياض عن بن الْمُسَيِّبِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ
قَسَمَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا فَصَارَ لِي مِنْهَا جَذَعٌ فَضَحَّيْتُ بِهِ
عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي ثُمَّ سَأَلْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ ((قَدْ جَزَى عَنْكُمْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْأَسْلَمِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ سيف عن بن الْمُسَيِّبِ قَالَ مَا كُنَّا نَعْرِفُ إِلَّا
ذَاكَ حَتَّى خَالَطَنَا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَضَحَّوْا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِشَاةٍ وَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ
بِالشَّاةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَطَوُّعُ الرَّجُلِ عَنْ أَهْلِ بيته كتطوع النبي عليه السلام إذ قَالَ فِي
ضَحِيَّتِهِ هَذَا عَنِّي وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي)) وَكَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَهَذَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْأُضْحِيَّةَ وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَيَدْخُلُ - حِينَئِذٍ -
مَنْ لَمْ يُضَحِّ ذَلِكَ الْعَامَ مِنْ أُمَّتِهِ فِي ثَوَابٍ تِلْكَ الضَّحِيَّةِ
وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ بَيْتِ الرَّجُلِ يُشْرِكُهُمْ فِي ثَوَابِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِنْهَا
قَالَ أَنَسٌ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ
وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ
جَابِرٍ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى
خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ ((بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي
وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي))
وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ بن عَوْنٍ عَنْ أَبِي رَمْلَةَ عَنْ مِخْنَفِ
بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ
أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ أَتَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ هِيَ الَّتِي يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهَا الرَّجَبِيَّةُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَضْحَاةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
إِنْ وَجَدَ سَعَةً وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالْأَضْحَى عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهُوَ ذَبْحٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ فِي
رَجَبٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242
وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أَضْحَى إن شاؤوا فَيَكُونُ نَدْبًا بِدَلِيلِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ
مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
وَحَدِيثُ أَبِي رَمْلَةَ عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ أَيْضًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ