مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَكْرَهُ مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْبُنْدُقَةُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ إِذَا خَسَقَ وَبَلَغَ الْمَقَاتِلَ أَنْ يُؤْكَلَ قَالَ الله تبارك وتعالى (يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَكْرَهُ مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْبُنْدُقَةُ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ إِذَا خَسَقَ وَبَلَغَ الْمَقَاتِلَ أَنْ يُؤْكَلَ قَالَ الله تبارك وتعالى (يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ) الْمَائِدَةِ 94 قَالَ فَكُلُّ شَيْءٍ نَالَهُ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ أَوْ رُمْحِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ سِلَاحِهِ فَأَنْفَذَهُ وَبَلَغَ مَقَاتِلَهُ فَهُوَ صَيْدٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي صَيْدِ الْبُنْدُقَةِ والمعراض والحجر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ صَيْدٌ لَمْ يَجُزْ مِنْهُ إِلَّا مَا أُدْرِكَ ذَكَاتُهُ كَمَا صَنَعَ بن عمر وفي فعل بن عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّذْكِيَةِ فِيمَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فقد تقدم هذا المعنى مجردا وقال أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالشَّافِعِيِّ فِي صَيْدِ الْبُنْدُقَةِ وَالْمِعْرَاضِ وَالْحَجَرِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَخَالَفَهُمُ الشَّامِيُّونَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَمَالِكٌ إِنْ أَصَابَ الْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنَّ خَرَقَ جِلْدَهُ أُكِلَ وَزَادَ الثَّوْرِيُّ وَإِنْ رَمَيْتَهُ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ كَرِهْتُهُ إِلَّا أَنْ تُذَكِّيَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ خَرَقَ بِرِقَّتِهِ أَوْ قَطَعَ بِحَدِّهِ أُكِلَ وَمَا خَرَقَ بِثِقَلِهِ فَهُوَ وَقِيدٌ وَلَهُ فِيمَا نَالَتْهُ الْجَوَارِحُ وَلَمْ تُدْمِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَأْكُلَ حَتَّى يَخْرِقَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (مِنَ الْجَوَارِحِ) وَالْآخَرُ أَنَّهُ حل قال أبو عمر اختلاف بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَيْنَ القولين فذهب بن الْقَاسِمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُدْمِيَهُ الْكَلْبُ وَيَجْرَحَهُ وَلَا يَكُونُ ذَكِيًا عِنْدَهُ إِلَّا بِذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ مِنْ صَدْمَةِ الْكَلْبِ أُكِلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَرِهَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ مَا قَتَلَ الْبُنْدُقَةُ وَالْمِعْرَاضُ إلا أن تدرك ذكاته على مذهب بن عُمَرَ وَرَخَّصَ فِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَفُقَهَاءُ الشَّامِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْمِعْرَاضِ كُلْهُ خَرَقَ أَوْ لَمْ يَخْرِقْ فَقَدْ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَفُضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَكْحُولٌ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْمَعْرُوفُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رميت صيدا بحجر فأخذه بن عُمَرَ فَقَالَ يَا نَافِعُ ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَذْبَحُهُ بِهِ قَالَ فَعَجَّلْتُ فَأَتَيْتُ بِالْقَدُومِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ قَبِلَ أَنْ يَذْبَحَهُ فَطَرَحَهُ وَعَنْ طَاوُسٍ وَقَتَادَةَ فِي الْمِعْرَاضِ إِذَا خَزَقَ فَكُلْهُ وَإِلَّا فَلَا تَأْكُلْهُ قَالَ طَاوُسٌ وَكَذَلِكَ السَّهْمُ إِذَا خَرَجَ فَكُلْهُ وَإِلَّا فَلَا تَأْكُلْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَفِيهِ الْحُجَّةُ لِمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ قَالَ ((مَا خَزَقَ فَكُلْ وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فلا تأكل فإنما هو وقيذ)) حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِيِ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن الْخَذْفِ وَقَالَ ((إِنَّهَا لَا تُنْكِي الْعَدُوَّ وَلَا تَصِيدُ الصَّيْدَ وَلَكِنَّهَا تَكْسَرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ)) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَا تَقَعُ بِهِ ذَكَاةُ صَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ |