مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الْبَازِيِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَفْقَهُ كَمَا تَفْقَهُ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ مِمَّا
صَادَتْ إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى إِرْسَالِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الْبَازِيِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَفْقَهُ كَمَا تَفْقَهُ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ مِمَّا
صَادَتْ إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى إِرْسَالِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي صَيْدِ سِبَاعِ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمَةِ خِلَافًا إِنَّهُ جَائِزٌ كَالْكَلْبِ المعلم
سواء إلا مجاهد بن جبر فإنه كَانَ يَكْرَهُ صَيْدَ الطَّيْرِ وَيَقُولُ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا
عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الْمَائِدَةِ 4 فِإِنَّمَا هِيَ الْكِلَابُ
وَخَالَفَهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَأَجَازُوا الِاصْطِيَادَ بِالْبَازِيِ وَالشُّوذَنِينَ وَسَائِرِ سباع
الطير المعلمة
وروى معمر عن بن طاوس عن أبيه في قوله عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277
الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الْمَائِدَةِ 4 قَالَ الْجَوَارِحُ مِنَ الْكِلَابِ وَالْبِيزَانِ وَالصُّقُورِ وَالْفُهُودِ وَمَا
أَشْبَهَهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا النَّاسُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صَيْدِ الْبَازِي وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ فَأَكَلَ مِنْ صَيْدِهِ
فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ صَيْدَهُ وَهُوَ ذَكِيٌّ كُلُّهُ إِذَا قَتَلَهُ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ لِأَنَّ تَعْلِيمَهُ
بِالْأَكْلِ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ البازي كالكلب إن أكل من صيده فَلَا يُأْكَلُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِصَيْدِ سِبَاعِ الطَّيْرِ أَكَلَتْ أَوْ لَمْ تَأْكُلْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ صَيْدَ الْبَازِي إِذَا أَكَلَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِمَا حَدَّثَنَاهُ
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ
حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَيْدِ الْبَازِي فَقَالَ ((مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ))
وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِكَ فِي الْكَلْبِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لأنه محتمل للتأويل
واحتج أيضا بما رواه بن جريج عن نافع عن بن عمر قال ما يصطاد بالطير
والبيزن وَغَيْرِهِمَا فَمَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ وَمَا لَا فَلَا تَطْعَمْهُ
قَالَ وَأَمَّا الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْبَازِي وَالْكَلْبِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَجَازَ أَكْلَ مَا أَكَلَ الْكَلْبُ
مِنْهُ فَأَحْرَى أَنْ يُجِيزَ أَكْلَ مَا أَكَلَ الْبَازِي مِنْهُ
وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَازِي لَمْ يَنْفَذْ مَقَاتِلَهُ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى
تَذْكِيَتِهِ فَتَرَكَهُ
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بن جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ فَلَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278
تَأْكُلْ وَأَمَّا الصَّقْرُ وَالْبَازِي فَإِنْ أَكَلَ فَكُلْ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ إِنْ أَكَلَا فَكُلْ إِنَّمَا تَعْلِيمُهُ أَكْلُهُ
قَالَ مَالِكٌ وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَتَخَلَّصُ الصَّيْدَ مِنْ مَخَالِبِ الْبَازِي أَوْ مِنَ
الْكَلْبِ ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بِهِ فَيَمُوتُ أَنَّهُ لَا يحل أكل
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا قُدِرَ عَلَى ذَبْحِهِ وَهُوَ فِي مَخَالِبِ الْبَازِي أَوْ فِي فِي الْكَلْبِ
فَيَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ الْبَازِي أَوِ الْكَلْبُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَنَالُهُ وَهُوَ حَيٌّ فَيُفَرِّطُ فِي ذَبْحِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ
لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ أَنْ
يُمْكِنَهُ ذَبْحُهُ جَازَ أَكْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَأْكُلْهُ
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا حَصَلَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ حَيًّا مِنْ فَمِ الْكَلْبِ أَوِ الصَّيْدِ
لِسَهْمٍ وَلَمْ يُذَكِّهِ لَمْ يُؤْكَلْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ
وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ إِنْ ذَهَبَ يُخْرِجُ سِكِّينَهُ مِنْ حِقَبِهِ أَوْ خُفِّهِ فَسَبَقَهُ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ أَكَلَهُ وَإِنْ
ذَهَبَ يُخْرِجُ سِكِّينَهُ مِنْ خُرْجِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ لَمْ يَأْكُلْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ شَاذٌّ قَالَا إِذَا
لَمْ تَكُنْ مَعَكَ حَدِيدَةٌ فَأَرْسِلْ عَلَيْهِ الْكِلَابَ حَتَّى تَقْتُلَهُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَرْسَلَ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ الضَّارِيَ
فَصَادَ أَوْ قَتَلَ إِنَّهُ إِذَا كان معلما فأكل ذلك الصيد حلال بأس يه وَإِنْ لَمْ يُذَكِّهِ الْمُسْلِمُ
وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِشَفْرَةِ الْمَجُوسِيِّ أَوْ يَرْمِي بقوسه أو بنبله يقتل بِهَا
فَصَيْدُهُ ذَلِكَ وَذَبِيحَتُهُ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَإِذَا أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ الضَّارِيَ
عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إِلَّا أَنْ يُذَكَّى وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْسِ
الْمُسْلِمِ وَنَبْلِهِ يَأْخُذُهَا الْمَجُوسِيُّ فَيَرْمِي بِهَا الصَّيْدَ فَيَقْتُلُهُ وَبِمَنْزِلَةِ شَفْرَةِ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بها
الْمَجُوسِيُّ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخِلَافُ فِي ذَبَائِحَ الْمَجُوسِيِّ لَيْسَ بِخِلَافٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفُقَهَاءُ أَئِمَّةُ
الْفَتْوَى مُتَّفِقُونَ عَلَى أَلَّا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا صَيْدُهُمْ وَلَا تُنْكَحَ نِسَاؤُهُمْ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ
إِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كُلُّهُ يَقُولُ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَلَا تُؤْكَلُ
ذَبَائِحُهُمْ وَلَا صَيْدُهُمْ
عَلَى هَذَا مَضَى جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْمُسْلِمِ يَسْتَعِيرُ كَلْبَ
الْمَجُوسِيَّ فَيُرْسِلُهُ عَلَى الصَّيْدِ قَالَ كُلْهُ فَإِنَّ كَلْبَهُ مِثْلَ شَفْرَتِهِ
قَالَ قَتَادَةُ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى جَوَازِ صَيْدِ الْمُسْلِمِ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ وَسِلَاحِهِ جَمَاعَةُ السَّلَفِ
وَتَابَعَهُمُ الْجَمِيعُ مِنَ الْخَلَفِ
وَشَذَّ عَنْهُمْ مَنْ لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ فِي الرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُعَدَّ قَوْلُهُ خِلَافًا وَهُوَ أَبُو ثَوْرٍ
قَالَ فِي الْمُسْلِمِ يَأْمُرُ الْمَجُوسِيَّ بِذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ إِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَقَدْ أَسَاءَ
وَقَالَ فِي الْكِتَابِيِّ يَتَمَجَّسُ إِنَّهُ جَائِزٌ أَكْلُ ذَبِيحَتِهِ
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ كَصَيْدِ الْكِتَابِيِّ وَذَبِيحَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُ صَيْدِهِ كَقَوْلِ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمَّا صَيْدُ الْمُسْلِمِ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ قَدِيمٌ كَرِهَتْهُ طَائِفَةٌ وَلَمْ تُجِزْهُ وَأَجَازَهُ
آخَرُونَ
فَمَنْ كَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ
تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) الْمَائِدَةُ 4
فَخَاطَبَ الْمُؤْمِنَ بِهَذَا الْخِطَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُعَلِّمُ لِلْكَلْبِ مُؤْمِنًا لَمْ يَجُزْ صَيْدُهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ
الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نُهِينَا عَنْ صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ
وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا تَعْلِيمُ الْمَجُوسِيِّ لَهُ وَتَعْلِيمُ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا الْكَلْبُ كَآلَةِ الذَّبْحِ
وَالذَّكَاةِ
وَمِمَّنْ ذهب إلى هذا سعيد بن المسيب وبن شِهَابٍ وَالْحَكَمُ وَعَطَاءٌ
وَهُوَ الْأَصَحُّ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ
وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَكْرَهُ الصَّيْدَ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَمَّا كَلْبُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فَهُوَ أَهْوَنُ
وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا بَأْسَ أَنْ يَصِيدَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا أَجْمَعَ الْجُمْهُورُ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَأْوِيلُ الْكِتَابِ وَهُمُ الْحُجَّةُ
عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ أَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ بِشَفْرَةِ الْمُسْلِمِ وَمُدْيَتِهِ وَاصْطِيَادَهُ بِكَلْبِ الْمُسْلِمِ
لَا يَحِلُّ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَاعَاةَ وَالِاعْتِبَارَ إنما هو دين الصائد والذابح لَا آلَتُهُ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَبَائِحَ الصَّابِئِينَ وَالسَّامِرَةِ وَصَيْدِهِمْ
فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُ الصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَالسَّامِرَةِ فَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُ الصَّابِئِينَ وَلَا الْمَجُوسِ
قَالَ وَأَمَّا السَّامِرَةُ فَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ فَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ إِلَّا أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي
أَصْلِ مَا يُحَرِّمُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيُحِلُّونَ فَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ كَالْمَجُوسِ
قَالَ وَإِنْ كَانَ الصَّابِئُونَ وَالسَّامِرَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَدِينُونَ بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى
أُنْكِحَ نِسَاؤُهُمْ وَأُكِلَتْ ذَبَائِحُهُمْ
قَالَ وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فتؤخذ منهم الجزية لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُؤْكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحُ مِنْهُمُ امْرَأَةٌ
وعلى هذا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ نَجْرَانَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281
قال أبو عمر روي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّابِئِينَ هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ الْمَجُوسِ
وَالْيَهُودِ لَا تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ الصَّابِئُونَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ
غُطَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ كَتَبَ عَامِلُ عُمَرَ إِلَى عُمَرَ أن ناسا يدعون السامرة يقرؤون
التَّوْرَاةَ وَيُسْبِتُونَ السَّبْتَ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا تَرَى فِي
ذَبَائِحِهِمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنَّهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ذَبَائِحُهُمْ ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَا يَجِيءُ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عُمَرَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ فِي السَّامِرَةِ جَوَابٌ حَسَنٌ وَلَا أَحْفَظُ فِيهِمْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّابِئِينَ غَيْرُ الْيَهُودِ وَغَيْرُ النَّصَارَى وَغَيْرُ
الْمَجُوسِ
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ
والذين أشركوا) الحج 17
ففصل بينهم وقال (يا أهل الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)
الْمَائِدَةِ 68
وَإِنَّمَا أُنْزَلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَقَالَ (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)
الْمَائِدَةِ 5
وَقَوْلُهُ يَعْنِي ذَبَائِحَهُمْ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَصَيْدُهُمْ فِي مَعْنَى ذَبَائِحِهِمْ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ