مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْجَارِ قَدِمُوا فَسَأَلُوا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ فَقَالَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ اذْهَبُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَاسْأَلُوهُمَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ائْتُونِي (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ
الْجَارِ قَدِمُوا فَسَأَلُوا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ فَقَالَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ اذْهَبُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَاسْأَلُوهُمَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ائْتُونِي فَأَخْبِرُونِي مَاذَا يَقُولَانِ فَأَتَوْهُمَا فَسَأَلُوهُمَا فَقَالَا لَا بَأْسَ بِهِ فَأَتَوْا مَرْوَانَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَرْوَانُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَفِي كُلِّ مَا عَدَا السَّمَكَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ حَيَوَانٍ فِي الْأَكْلِ لِبَحْرٍ وَلَا يَحْتَاجُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَى ذَكَاةٍ وَهُوَ حَلَالٌ حَيًّا وَمَيِّتًا إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ خِنْزِيرَ الْمَاءِ وَقَالَ أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ خِنْزِيرًا وَقَالَ بن الْقَاسِمِ لَا أَرَى خِنْزِيرَ الْمَاءِ حَرَامًا وَقَالَ بن أَبِي لَيْلَى نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وهو قول الأوزاعي ومجاهد قال بن أَبِي لَيْلَى كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مِنَ الضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَحَيَّةِ الْمَاءِ وَغَيْرِهَا حَلَالٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ صَيْدُ الْبَحْرِ كُلُّهُ حَلَالٌ وَكُلُّ مَا مَسْكَنُهُ وَعَيْشُهُ فِي الْمَاءِ قِيلَ وَالتِّمْسَاحُ قَالَ نَعَمْ وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكُ وَمَا عَدَاهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُذْبَحَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ غَيْرُ السَّمَكِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا لَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكَ وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنَ السمك وكره الحسن بن حي أكل الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَيْسَ بِمَيْتَةِ الْبَحْرِ بَأْسٌ قَالَ وَيُؤْكَلُ كَلْبُ الْمَاءِ وَقُرْصُ الْمَاءِ وَلَا يُؤْكَلُ إِنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُ الْمَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ حِلٌّ أَكْلُهُ وَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ وَلَا بَأْسَ بِخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ السَّرَطَانُ وَالسُّلَحْفَاةُ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ بِحِلٍّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ لِأَنَّهُمَا يعيشان في البر حِينًا قَالَ وَمَا لَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ فَهُوَ مِثْلُ السَّمَكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يُجِزْ أَكْلَ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ بحديث إسماعيل بن أمية عن بن الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا أَلْقَى الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوا وَمَا طَفَا فَلَا تَأْكُلُوا)) وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ إِلَّا مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمَا كَرِهَا الطَّافِيَ مِنَ السَّمَكِ وَشُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهَا وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ - قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا فِي الْبَحْرِ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ ذَكَّاهُ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ الْفِرَاسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي البحر ((هو الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيتَتُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سِوَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ الْفِرَاسِيَّ قَالَ كُنْتُ أَصِيدُ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ عَلَى أَرْمَاثٍ وَكُنْتُ أَحْمِلُ قِرْبَةً لِي فِيهَا مَاءٌ فَإِذَا لم أتوضأ من القربة رفق ذلك لي وَبَقِيَتْ لِي فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيتَتُهُ)) فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُمَا حَدِيثَانِ غَيْرُ ثَابِتَيْنِ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ سَلَمَةَ مَجْهُولٌ وَلِأَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَرْوِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ حَدِيثُ جَابِرٍ ثَابِتٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَفِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدُوا حُوتًا يُسَمَّى الْعَنْبَرَ أَوْ دَابَّةٍ أَكَلُوا مِنْهَا بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَكْلِهِ لِغَيْرِ الْمُضْطَرُّ الْجَائِعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحِيتَانِ يَصِيدُهَا الْمَجُوسِيُّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْبَحْرِ ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)) قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أُكِلَ ذَلِكَ مَيْتًا فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ صَادَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وفي ما ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُبَيِّنُ لَكَ مَذَاهِبَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ |