قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنْهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) النَّحْلِ 8 وَقَالَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ (لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ غَافِرٍ 79 (...)
 
قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنْهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) النَّحْلِ 8 وَقَالَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ (لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ غَافِرٍ 79 وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
(لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رزقهم من بهيمة الأنعام وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ الْحَجِّ
36
قَالَ مَالِكٌ وَسَمِعْتُ أَنَّ الْبَائِسَ هُوَ الْفَقِيرُ وَأَنَّ الْمُعْتَرَّ هُوَ الزَّائِرُ
قَالَ مَالِكٌ فَذَكَرَ اللَّهُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ لِلرُّكُوبِ
وَالْأَكْلِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْقَانِعُ هُوَ الْفَقِيرُ أَيْضًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَذْهَبَهُ فِي هَذَا الْبَابِ
وَاحْتَجَّ بِأَحْسَنِ الِاحْتِجَاجِ وَلَا خِلَافَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ أَكْلِ الْبِغَالِ والحمير إلا شيء روي
عن بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي
مَوْضِعِهِ
وَهُوَ مذهب طائفة من أصحاب بن عَبَّاسٍ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ قَالَ وَقَدْ كَانَ الْحَكَمُ بْنُ
عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْهُ وَأَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ - يَعْنِي بن عباس وتلا (قل
لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا) الآية الأنعام 145
وبن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ أَصَبْنَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296
حُمُرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ فَنَحَرْنَاهَا وَطَبَخْنَاهَا فَنَادَى مُنَادِي
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اكْفُوا الْقُدُورَ بِمَا فِيهَا
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ
الْعَذْرَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا وَرَدَ مِنَ السُّنَّةِ فِيهِمَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ
- عَامَ خَيْبَرَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَغْلَ عِنْدَهُمْ كَالْحِمَارِ لَا يُسْهَمُ لَهُ فِي الْغَزْوِ وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ - أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بالأمصار
وَاخْتَلَفُوا فِي أَكْلِ الْخَيْلِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا تُؤْكَلُ الْخَيْلُ
وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ الْوَارِدَةِ بِنَقْلِ الْآحَادِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيَّةُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ
عن صالح حدثني حيوة بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعِدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ
وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ تُؤْكَلُ الْخَيْلُ
وَحُجَّتُهُمْ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ
الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَأَذِنَ لَنَا فِي لُحُومِ الْخَيْلِ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِّي حَمَّادٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ الْخَيْلِ
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أسماء قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فأكلناه
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فَحَدِيثُ الْإِبَاحَةِ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ
وَأَثْبَتُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِهَا
وَأَمَّا الْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ الْخَيْلُ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ كَالْحَمِيرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَرُبَّمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِالْمِسْكِينِ وَالْمَعْنَى
وَاحِدٌ وَهُوَ الَّذِي قَدْ تَبَاءَسَ مِنْ ضُرِّ الْفَقْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ الْمُعَتَرَّ هُوَ الزَّائِرُ فَقَدْ قِيلَ مَا قَالَ
وَقِيلَ الْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرِيكَ وَيَعْتَرِضُ وَيَتَعَرَّضُ لَكَ لِتُعْطِيَهُ وَلَا يُفْصِحُ بِالسُّؤَالِ
وَقِيلَ الْقَانِعُ السَّائِلُ
قَالَ الشَّمَّاخُ
(لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي ... مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنَ الْقُنُوعِ)
أَيِ السُّؤَالِ يُقَالُ مِنْهُ قَنِعَ قُنُوعًا إِذَا سَأَلَ وَقَنِعَ قَنَاعَةً إِذَا رَضِيَ بِمَا أُعْطِيَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298
وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَضَعُفَ الْحَالِ
وقال بن وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْأَرْنَبِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابٍ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مَا
لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذلك (ها هنا