قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ
الْمَوَارِيثِ أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ أَوْ وَالِدَتِهِمْ أَنَّهُ إِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوِ الْأُمُّ وَتَرَكَا
وَلَدًا رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ
الْمَوَارِيثِ أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ أَوْ وَالِدَتِهِمْ أَنَّهُ إِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوِ الْأُمُّ وَتَرَكَا
وَلَدًا رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا
تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ
بدىء بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مِيرَاثِ الْبَنِينَ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا
مِنْ آبَائِهِمْ أَوْ أُمَّهَاتِهِمْ فَكَمَا ذَكَرَ لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا كانوا
أحرارا مسلمين ولم يقتل واحدا مِنْهُمْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ عَمْدًا
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ - (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) النِّسَاءِ 11 فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ عِنْدَ
جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْصَارِ الْفَتْوَى إن كن نساء
فوق اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهَا
وَمَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً لم تصح عن بن عباس
انه قال للأنثيين النِّصْفُ كَمَا لِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى تَكُونَ الْبَنَاتُ أُكْثَرُ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَيَكُونُ
لَهُنَّ الثُّلُثَانِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْكَرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَاطِبَةً كُلُّهُمْ ينكرها ويدفعها بما رواه بن شِهَابٍ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْبِنْتَيْنِ
الثُّلُثَيْنِ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ
الْجَمَاعَةُ فِي ذَلِكَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي اسامة قال حدثني عيسى بن إسماعيل الطباغ قَالَ
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عن جابر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَتْ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنْ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا فَأَخَذَ عَمُّهُمَا كُلَّ شَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ
وَلَمْ يَدَعْ مِنْ مَالِ أَبِيهِمَا شَيْئًا وَاللَّهِ ما لهما مال ولا تنكحان إلا ولهما مَالٌ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((سَيَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ فنزلت (يوصيكم
الله في أولادكم للذكر مثل حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ)
النِّسَاءِ 11 فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَمَّهُمَا فَقَالَ) أَعْطِ هَاتَيْنِ
الْجَارِيَتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ مِمَّا تَرَكَ أَبُوهُمَا وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك
رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَدْ قَبِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ حَدِيثَهُ وَاحْتَجُّوا
بِهِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَكَانَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيَانًا لِمَعْنَى
قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) النِّسَاءِ 11 أَيِ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا
وَنَسْخًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَرْكِهِمْ تَوْرِيثَ الْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ
وَإِنَّمَا كَانُوا يُورِثُونَ الذُّكُورَ حَتَّى نَزَلَتْ (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) الْآيَةَ النساء 11
كذلك روي عن بن مسعود وبن عَبَّاسٍ
وَقَدِ اسْتَدَلَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَوْمٌ مِمَّنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ بِدَلَائِلَ عَلَى أَنَّ الِابْنَتَيْنِ
حُكْمُهُمَا فِي الْمِيرَاثِ حُكْمُ الْبَنَاتِ مِنْهَا أَنَّ الِابْنَةَ لَمَّا أَخَذَتْ مَعَ أَخِيهَا السُّدُسَ كَانَ
ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ تَأْخُذَ ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا
وَمِنْهَا أَنَّ الْبِنْتَ لَمَّا كَانَ لَهَا النِّصْفُ وَكَانَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَجَعَلَ اللَّهُ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ
كَانَتِ الِابْنَتَانِ أَوْلَى بِذَلِكَ قِيَاسًا ونظرا صحيحا
وفي حديث بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قضى في بنت وبنت بن
وَأُخْتٍ فَجَعَلَ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسَ وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِلْأُخْتِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324
فَلَمَّا جَعَلَ لِلِابْنَةِ وَلِابْنَةِ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ كَانَتِ الِابْنَتَانِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ الِابْنَةَ أَقْرَبُ مِنَ
ابْنَةِ الِابْنِ
قَالَ مَالِكٌ
وَمَنْزِلَةُ وَلَدِ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمْ وَلَدٌ كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ
كَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ
قَالَ أَبُو عمر قوله ولد الأبناء الذكور يريد البنتين وَالْبَنَاتِ مِنَ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ فَابْنُ
الِابْنِ كَالِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَبِنْتُ الِابْنِ كَالْبِنْتِ عِنْدَ عَدَمِ الْبِنْتِ وَلَيْسَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ
مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ الشَّاعِرُ
(بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ) وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ أَيْضًا فِي
هَذَا الْفَصْلِ إِجْمَاعٌ أَيْضًا مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ بَنِي الْبَنِينَ يَقُومُونَ مَقَامَ وَلَدِ
الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ الْأُنْثَى
رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ وَلَدُ الِابْنِ لَا يَحْجِبُونَ الزَّوْجَ وَلَا الزَّوْجَةَ وَلَا الْأُمَّ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابِعَهُ عَلَى ذَلِكَ
وَمَنْ شَذَّ عَنِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا
قَالَ مَالِكٌ
فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ وَوَلَدُ الِابْنِ وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ مَعَهُ
لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الِابْنِ مَعَهُنَّ إِلَّا أن يكون مع بنت الِابْنِ
ذَكَرٌ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ أَوْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ
وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الْأَبْنَاءِ فَضْلًا إِنْ فَضَلَ فَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ لِلذِّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِوَلَدِ الْأَبْنَاءِ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ
وَلَدِ الصُّلْبِ ذُو فَرْضٍ فَلَا يُزَادُ عَلَى فَرْضِهِ وَيَدْخُلُ وَلَدُ الِابْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ
الْفَرْضِ إِلَّا أَنَّ فِي هَذَا اخْتِلَافًا قَدِيمًا وَحَدِيثًا
فَالَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ هُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ
الْعِرَاقِيِّينَ وَالْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَأَهْلِ المغرب أن بن الِابْنِ يَعْصِبُ مَنْ بِإِزَائِهِ وَأَعْلَى
مِنْهُ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ فِي الْفَاضِلِ عَنِ الِابْنَةِ وَالِابْنَتَيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأنثيين
وخالف في ذلك بن مَسْعُودٍ فَقَالَ إِذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ فَالْبَاقِي لِابْنِ الِابْنِ أَوْ
لِبَنِي الِابْنِ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ وَدُونَ مَنْ فَوْقَهُمْ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَمَنْ تَحْتَهُمْ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلْقَمَةَ
وَحُجَّةُ من ذهب إلى ذلك حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
((اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضَ
فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ))
هَذَا اللَّفْظُ حديث معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَلْحِقُوا الْمَالَ بِالْفَرَائِضِ)) وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ ((أَلْحَقُوا الْفَرَائِضَ
بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ أَوْ فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ (2)
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَنْ أَرْسَلَهُ فِي كِتَابِ الْإِشْرَافِ عَلَى مَا فِي أُصُولِ
فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ مِنَ الِاجْتِمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبٍ عَلَيٍّ وَزَيْدٍ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النِّسَاءِ 11 لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ وَلَدٌ
وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُعْصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ في جملة المال
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326
فواجب أن يعطيه فِي الْفَاضِلِ مِنَ الْمَالِ كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ فَوَجَبَ بذلك أن يشرك بن
الِابْنِ أُخْتَهُ كَمَا يَشْرِكُ الِابْنُ لِلصُّلْبِ أُخْتَهُ
وَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ مَا لَمْ تَرِثْ شَيْئًا مِنَ الْفَاضِلِ مِنَ
الثُّلُثَيْنِ مُنْفَرِدَةً وَلَمْ يَعْصِبْهَا أَخُوهَا فالواجب أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مَعَهَا أَخُوهَا قَوِيَتْ بِهِ
وصارت عصبة معه بظاهر قوله (ويوصيكم اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) النِّسَاءِ 11 وَهِيَ مِنَ
الْوَلَدِ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِابْنَةِ ابْنِهِ وَاحِدَةً
كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الْأَبْنَاءِ مِمَّنْ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ السُّدُسُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَسَلْمَانَ بْنِ
رَبِيعَةَ لَمْ يُتَابِعْهُمَا أحد عليه وأظنهما انصرفا عنه بحديث بن مَسْعُودٍ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ
سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فسألهما عن ابنة وابنة بن وَأُخْتٍ فَقَالَا لِلْبِنْتِ النِّصْفُ
وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ الْبَاقِي وائت بن مسعود فإنه سيتابعنا فأتى الرجل بن مسعود فسأله
وأخبره بما قالا فقال بن مَسْعُودٍ لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ وَلَكِنْ أَقْضِي
فِيهَا كَمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ
تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ لِابْنَةِ الِابْنِ مَعَ
الِابْنَةِ لِلصُّلْبِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ على ما في حديث بن مَسْعُودٍ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلشِّيعَةِ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ مَسْأَلَةٌ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي أَنْ لَا تَرِثَ
ابْنَةُ الِابْنِ شيئا مع الابنة كما لا يرث بن الِابْنِ مَعَ الِابْنِ شَيْئًا
وَرَأَيْنَا أَنَّ نُنَزِّهَ كِتَابَنَا هَذَا عَنْ ذِكْرِ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْفَرَائِضِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَهُمْ وَمَذَاهِبَ سَائِرِ فِرَقِ الْأُمَّةِ فِي أُصُولِ الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ
((الْإِشْرَافِ عَلَى مَا فِي أُصُولِ فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ مِنَ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ))
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ ذَكَرٌ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ فَلَا فَرِيضَةَ وَلَا
سُدُسَ لَهُنَّ وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَضْلٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ
الذَّكَرِ وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الْأَبْنَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327
وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ
كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النِّسَاءِ 11
قَالَ مَالِكٌ الْأَطْرَفُ هُوَ الْأَبْعَدُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا حَكَاهُ مَالِكٌ فِي هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وعلي وزيد وبن عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ كُلُّهُمْ يَجْعَلُونَ الْبَاقِيَ
بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بَالِغًا مَا بَلَغَتِ الْمُقَاسَمَةُ
زَادَتْ بَنَاتُ الِابْنِ عَلَى السُّدُسِ أَوْ لَمْ تَزِدْ
إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ ذَهَبَ فِي ذلك مذهب بن مَسْعُودٍ فَشَذَّ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كَمَا شذ
بن مسعود فيها عن الصحابة وذلك أن بن مسعود كان يقول في بنت وبنات بن
وبني بن لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ وَلَدِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا أَنْ تَزِيدَ
الْمُقَاسَمَةُ بَنَاتِ الِابْنِ عَلَى السُّدُسِ فَيُفْرَضُ لَهُنَّ السُّدُسُ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي لِبَنِي الِابْنِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَقَدْ شَذَّ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْفَرْضِيَّيْنِ فَقَالَ الذَّكَرُ مَنْ بَنِي الْبَنِينَ يَعْصِبُ مَنْ
بِإِزَائِهِ دُونَ مَنْ عَدَاهُ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ