قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ
شَيْئًا وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ الذَّكَرِ شَيْئًا وَلَا مَعَ الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ
وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ
شَيْئًا وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ الذَّكَرِ شَيْئًا وَلَا مَعَ الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ
وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ مَا فضل من المال يكونون فيه
عصبة يبدأ بمن كان له أصل فريضة مسماة فَيُعْطُونَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَضْلٌ كَانَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُكْرَانًا كَانُوا
أَوْ إِنَاثًا (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النِّسَاءِ 11 فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِخْوَةَ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ عَنِ الْمِيرَاثِ
وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي رِوَايَةِ الْآحَادِ الْعُدُولِ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو
إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بن حسان عن بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ قَالَ قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْعَصَبَةَ إِذَا كَانُوا مُسْتَوِيِينَ فَبَنُوا الْأُمِّ
أَحَقُّ
وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سُنَيْنٍ قَالَ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
((إِذَا كَانَتِ الْعَصَبَةُ سَوَاءٌ فَانْظُرُوا أَقْرَبَهُمْ بِأُمٍّ فَأَعْطُوهُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي ميراث (الإخوة) الأشقاء ها هنا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ
وَكُلُّهُمْ يَجْعَلُ الْأَخَوَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَخٌ عَصَبَةً لِلْبَنَاتِ غير بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ كَانَ
لَا يَجْعَلُ الْأَخَوَاتِ عَصَبَةً لِلْبَنَاتِ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَطَائِفَةٌ
وحجتهم ظاهر قوله تعالى (إن امرؤا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا
تَرَكَ) النِّسَاءِ 176
وَلَمْ يُورِّثِ الْأُخْتَ إِلَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ
قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِابْنَةَ مِنَ الْوَلَدِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَرِثَ الْأُخْتُ مَعَ وُجُودِهَا
قَالُوا وَالنَّظَرُ يمنع من تَوْرِيثَ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ كَمَا يَمْنَعُ مِنْ تَوْرِيثِهِنَّ مَعَ الْبَنِينَ
لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَرَائِضِ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ
قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِنْتَ أَقْرَبُ مِنَ الْأُخْتِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مَنْ وَلَدِ أَبِيهِ وَوَلَدُ
أَبِيهِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مَنْ وَلِدِ جَدِّهِ
وَهُمْ يَقُولُونَ بِالرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي موضعه إن شاء الله
وكان بن الزبير يقول بقول بن عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى أَخْبَرَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ
((أَنَّ مُعَاذًا قَضَى بِالْيَمَنِ فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ فَجَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ))
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ((وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ
فَرَجَعَ بن الزُّبَيْرِ عَنْ قَوْلِهِ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334
وحديث معاذ من أثبت الأحاديث ذكره بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طُرُقٍ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الخشني قال حدثني بْنُ أَبِي عُمَرَ
قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ
يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرْتُ بن الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ إِنْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَضَى فيها باليمن في ابنة وأخت
بالنصف والنصف فقال بن الزُّبَيْرِ أَنْتَ رَسُولِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة - وكان قاضي
بن الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَةِ - فَلْيَقْضِ بِهِ
وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ
((قَضَى فِينَا مُعَاذٌ بِالْيَمَنِ فِي ابْنَةٍ وَأُخْتٍ بِالنِّصْفِ وَالنِّصْفِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وعلي وزيد بن ثابت وبن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَأَبِي مُوسَى
وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ
وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَتْبَاعِهِمْ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْأَخَوَاتِ إِذَا
اجْتَمَعْنَ فِي الْمِيرَاثِ مَعَ الْبَنَاتِ فَهُنَّ عَصَبَةٌ لَهُنَّ يَأْخُذْنَ مَا فَضَلَ لِلْبَنَاتِ
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ مِنْ حديث بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
ابنة وبن بن وَأُخْتٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ
رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وشعبة عن أبي قيس الأودي وهو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ عَنْ
هُزَيْلِ بْنِ شرحبيل عن بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ قَدْ
أَجْمَعُوا عَلَى تَوْرِيثِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْبَنَاتِ وَلَمْ يَرْعَوْا قُرْبَ الْبَنَاتِ فَكَذَلِكَ الْأَخَوَاتُ
وَمِنَ الإسناد عن بن عباس فيما ذكرناه عنه ((ما رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبرقان)) أنه حدثه قال سمعت بن أبي مليكة يقول سمعت بن عَبَّاسٍ
يَقُولُ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَلَا فِي قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَسَتَجِدُونَهُ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ مِيرَاثُ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ النِّصْفُ وَقَدْ قال الله -
عز وجل (إن امرؤا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) الْآيَةَ النِّسَاءِ
176
قَالَ أَبُو عمر قول بن عَبَّاسٍ وَسَتَجِدُونَهُ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِ
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثْلُهُ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَقْرَبُ مِنَ الشُّذُوذِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335
تَابَعَهُ عَلَيْهِ وَلَا قَالَ بِقَوْلِهِ إِلَّا عَلْقَمَةَ بْنَ قَيْسٍ وَأَبَا ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ يَجْتَمِعْنَ فِي فَرِيضَةٍ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ أَنَّهُنَّ إِذَا اسْتَكْمَلْنَ الثُّلُثَيْنِ
فَالْبَاقِي لِلْأُخْوَةِ لِلْأَبِ دُونَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ
وَاحْتَجَّ أبو ثور لاختيار قول بن مسعود هذا بحديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَلْحِقُوا الْمَالَ بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ فَمَا فَضَلَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ))
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ بَنَاتِ الْبَنِينَ مع بني البنين أن قول بن
مَسْعُودٍ فِيهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا
وَذَهَبَ دَاوُدُ بن علي إلى قول بن مَسْعُودٍ فِي وَلَدِ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ وَخَالَفَهُ فِي
الْأُخْتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ فَقَالَ فِي هَذَا بِقَوْلِ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ
وقال أبو ثور بقول بن مَسْعُودٍ فِيهِمَا جَمِيعًا
وَكَانَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ يَجْعَلَانِ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا بَيْنَ بَنِي الْبَنِينَ
وَبَنَاتِ الْبَنِينَ وَهُنَّ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وبن عَبَّاسٍ وَالنَّاسِ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (يُوصِيكُمُ الله في أولادكم
للذكر مثل حظ الأنثيين) النِّسَاءِ 11 وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَلَدٌ
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النِّسَاءِ 176
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ
قَالَ فِي قضاء بن مَسْعُودٍ هَذَا قَضَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ أَيَرِثُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَبًا وَلَا جَدًّا أَبَا أَبٍ وَلَا وَلَدًا ولا ولد بن ذَكَرًا كَانَ
أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ
ذَلِكَ مِنَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فُرِضَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ذَكَرٌ فَلَا فَرِيضَةَ
لِأَحَدٍ مِنَ الْأَخَوَاتِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكُوا فِيهَا مَعَ بَنِي الْأُمِّ في
ثلثهم وتلك الفريضة المعروفة المشتركة هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336
وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ
وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَشْتَرِكُ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي هَذِهِ
الْفَرِيضَةِ مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ
إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالْأُمِّ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ
(وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النِّسَاءِ 12 فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ
الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُشْتَرَكَةُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْفِقْهِ وَالْفَرَائِضِ هِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ
أَوْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَمَتَى اجْتَمَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ فَهِيَ الْمُشْتَرَكَةُ وَذَلِكَ أَنْ
يَكُونَ فِيهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ مَكَانَ الْأُمِّ وَاثْنَانِ مِنَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَصَاعِدًا وَأَخٌ أَوْ إِخْوَةٌ
لِأَبٍ وَأُمٍّ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِيهَا
وَكَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يُعْطِيَانِ الزَّوْجَ النِّصْفَ وَالْأُمَّ السُّدُسَ وَالْأُخُوَّةَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ يُشَرِّكُهُمْ
فِيهِ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأُمِّ ذَكَرُهُمْ فِيهِ وَأُنْثَاهُمْ سَوَاءٌ
وَهِيَ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَمَسْرُوقٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَعُمَرُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ
رَاهَوَيْهِ
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَا يُدْخِلُونَ وَلَدَ الْأَبِ
وَالْأُمِّ مَعَ وَلَدِ الْأُمِّ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ وَقَدِ اغْتَرَفَتِ الْفَرَائِضُ الْمَالَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ
وَبِهِ قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وبن أَبِي لَيْلَى وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَأَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَرَائِضِ
وَرُوِيَ عن زيد بن ثابت وبن مسعود وبن عباس القولان جميعا
والمشهور عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يُشَرِّكْ
وَالْمَشْهُورُ عَنْ زَيْدٍ أَنَّهُ يُشَرِّكْ
وَقَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ - فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ عنه أَنَّهُ لَمْ يُشَرِّكْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِيهَا فَلَمْ يُشَرِّكْ ثُمَّ قَضَى فِي الْعَامِ الثَّانِي فَشَرَّكَ
وَقَالَ مَالِكٌ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا قَضَيْنَا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ
((بَيَانِ الْعِلْمِ)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَحُجَّةُ مَنْ شَرَّكَ وَاضِحَةٌ لِاشْتِرَاكِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ
بَنُو أَمٍّ وَاحِدَةٍ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُشَرِّكْ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَصَبَةٌ لَيْسُوا ذَوِي فُرُوضٍ
وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ فَرْضُهُمْ فِي الْكِتَابِ مَذْكُورٌ
وَالْعَصَبَةُ إِنَّمَا يَرِثُونَ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَلَمْ يَفْضُلْ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ
شَيْءٌ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ
وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ الْحُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْجَمِيعِ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَشْرَةِ إِخْوَةٍ
أَوْ نَحْوِهِمْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَسْتَحِقُّ السُّدُسَ كَامِلًا وَالسُّدُسُ الْبَاقِي بَيْنَ الْإِخْوَةِ
مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَنَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ نَصِيبِ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَلَمْ يَسْتَحِقُّوا
بِمُسَاوَاتِهِمُ الْأَخَ لِلْأُمِّ فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ أَنْ يُسَاوُوهُ فِي الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ الْحُكْمُ فِي مَسْأَلَةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ