مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ الثُّلُثَ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّ
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ الثُّلُثَ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّ
أَبَا الْأَبِ لَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا وَهُوَ يُفْرَضُ له مع الولد الذكر ومع بن الِابْنِ
الذَّكَرِ السُّدُسُ فَرِيضَةً وَهُوَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أُمًّا أَوْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340
أُخْتًا لِأَبِيهِ يُبْدَأُ بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ
السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ فُرِضَ لِلْجَدِّ السُّدُسُ فَرِيضَةً
قَالَ مَالِكٌ وَالْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ إِذَا شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ يُبْدَأُ بِمَنْ
شَرَّكَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ مِنْ
شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِحَظِّ الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ لَهُ وَلِلْإِخْوَةِ أَوْ
يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ الْإِخْوَةِ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ وَلَهُمْ يُقَاسِمُهُمْ بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوِ
السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلُ لِحَظِّ الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الْجَدُّ وَكَانَ مَا
بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ
قِسْمَتُهُمْ فِيهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكْتَ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا
لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا وَجَدَّهَا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالْأَبِ
النِّصْفُ ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ وَنِصْفُ الْأُخْتِ فَيُقَسَّمُ أَثْلَاثًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
فَيَكُونُ لِلْجَدِّ ثُلُثَاهُ وَلِلْأُخْتِ ثُلُثُهُ
قَالَ مَالِكٌ وَمِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَمِيرَاثِ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَوَاءٌ ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يُعَادُّونَ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهِمْ لِأَبِيهِمْ فَيَمْنَعُونَهُ بِهِمْ
كَثْرَةِ الْمِيرَاثِ بِعَدَدِهِمْ وَلَا يُعَادُّونَهُ بِالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ لَمْ
يَرْثُوا مَعَهُ شَيْئًا وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ فَمَا حَصَلَ لِلْإِخْوَةِ مِنْ بَعْدِ حَظِّ الْجَدِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ
لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ دُونَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَلَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ امْرَأَةً وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا
لِأَبِيهَا مَا كَانُوا فَمَا حَصَلَ لَهُمْ وَلَهَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ لَهَا دُونَهُمْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ
تَسْتَكْمِلَ فَرِيضَتَهَا وَفَرِيضَتُهَا النِّصْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا يُحَازُ لَهَا
وَلِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا فَضْلٌ عَنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ فَهُوَ لِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُخَالِفِينَ
فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِّيقَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ
وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَأَبَا الدَّرْدَاءِ وَأَبَا هريرة وبن الزُّبَيْرِ وَأَبَا مُوسَى كَانُوا
يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْجَدَّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ كَالْأَبِ سَوَاءٌ وَيَحْجُبُونَ بِهِ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ وَلَا
يُورِثُونَ أَحَدًا سِوَى الْإِخْوَةِ شَيْئًا مَعَ الْجَدِّ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341
وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عتبة وبن مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ
وَقَتَادَةُ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَنُعَيْمُ
بْنُ حَمَّادٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا قَالَا بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عنه
روى بن عيينة وغيره عن بن جريج عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى
أَهْلِ الْعِرَاقِ أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ يَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((لَوْ كُنْتُ أَتَّخِذُ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا))
وَحُجَّةُ مَنْ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَبٍ
وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ كَالْأَبِ فِي الشَّهَادَةِ لِابْنِ ابْنِهِ وَكَالْأَبِ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ
مِنْ جَدِّهِ كَمَا لَا يَقْتَصُّ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَلِأَنَّ لَهُ السُّدُسَ مَعَ الْأَبِ الذَّكَرِ وَهُوَ عَاصِبٌ
وَذُو فَرْضٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ لأحد غيره وغير الأب
ولما كان بن الِابْنِ كَالِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ كَانَ كَذَلِكَ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ كَذَلِكَ
وَاتَّفَقَ علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وبن مَسْعُودٍ عَلَى تَوْرِيثِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ
إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ
فَمَذْهَبُ زَيْدٍ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ إِنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَكَانَ يُشَرِّكُ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالْجَدِّ إِلَّا السُّدُسَ يَجْعَلُهُ كَأَحَدِهِمْ وَإِذَا كَانَ السُّدُسُ
خَيْرًا لَهُ من المقاسمة أعطاه السدس وإذا كان الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا لَهُ مِنَ السُّدُسِ أَعْطَاهُ
السُّدُسَ بَعْدَ أَخْذِ كُلِّ ذِي فَرْضٍ فَرْضَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَرِيضَةِ ذُو فَرْضٍ
غَيْرُ الْإِخْوَةِ وَالْجَدِّ لَا يُنْقَصُ أَبَدًا مِنَ السُّدُسِ شَيْئًا وَيَكُونُ بِذَلِكَ السُّدُسِ مَعَ ذَوِي
الْفُرُوضِ ذَا فَرْضٍ وَعَاصِبًا وَمَعَ الْإِخْوَةِ أَخَا إِلَّا أَنْ تَنْقُصُهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ فَلَا
يَنْقُصُهُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَزِيدُهُ مَعَ الْوَالِدِ الذَّكَرِ شَيْئًا عَلَى السُّدُسِ وَلَا يَنْقُصُهُ مِنْهُ شَيْئًا
مَعَ غَيْرِهِمْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342
وَإِذَا كَانَتْ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَجَدٌّ أَعْطَى الْأُخْتَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفَ فَرِيضَتَهَا
وَقَسَّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْجَدِّ فَإِنْ كَانَ أَخٌ لِأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ أَوْ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأَبٍ أَوْ إِخْوَةٌ
لِأَبٍ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْإِخْوَةِ وَلِمَ يُعَادِّيهِمُ الْجَدَّ وَقَاسَمَ بِهِمُ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ دُونَ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
قَالَ أبو عمر روي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْجَدِّ وَفِي
مُعَادَّاتِهِ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ فَقَالَ إِنَّمَا أَقُولُ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ بِرَأْيِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ انْفَرَدَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - بِقَوْلِهِ
فِي مُعَادَّاتِهِ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ يَصِيرُ مَا وَقَعَ لَهُمْ فِي
الْمُقَاسَمَةِ إِلَى الْإِخْوَةِ للأب والأم لم يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ فِيهِ قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ
طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لَا
يَرْثُونَ شَيْئًا مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُمْ وَهُمْ لَا يرثون لأنه
خيف عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ
وَذَهَبَ إِلَى قَوْلِ زيد بن ثَابِتٍ فِي الْجَدِّ خَاصَّةً مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وسفيان الثوري
والأوزاعي وبن سِيرِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ زياد اللؤلؤي وأحمد بن حنبل وأبوعبيد
وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى قَوْلِ زَيْدٍ فِي مَنْعِهِ مِنْ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَفِي الرَّدِّ عَلَى ذَوِي
السِّهَامِ وَفِي قَوْلِهِ ثُلُثُ الْمَالِ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ وَالْمَوَالِي أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ
الَّذِينَ ذَكَرْنَا إِلَّا مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي أَبْوَابِهِ بَعْدُ - إِنْ شَاءَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَذَهَبَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ الْمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفَرَائِضِ وَالْفِقْهِ
وَمِنْ حُجَّةٍ مِنْ وَرَّثَ الْأَخَ مَعَ الْجَدِّ أَنَّ الْأَخَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْجَدِّ لِأَنَّ الجد
أبو أبي الميت والأخ بن أَبِي الْمَيِّتِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَبِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ يُدْلِي بِالْأَبْعَدِ أَحَقُّ وَأَوْلَى فَكَيْفَ مَنْ
يُدْلِي بِالْأَقْرَبِ هَذَا مُحَالٌ
وقد أجمعوا أن بن الْأَخِ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَهُوَ يُدْلِي بِالْأَخِ وَالْعَمُّ يُدْلِي بِالْجَدِّ فَدَلَّ هَذَا
كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنَ الْأَخِ وَاللَّهُ أعلم
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343
وقول بن مَسْعُودٍ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فيه
وروي عنه مثل قَوْلُ زَيْدٍ أَنَّهُ قَاسَمَ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ إِلَى الثُّلُثِ فَإِنْ نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ
الثُّلُثِ فَرَضَ لَهُ الثُّلُثَ عَلَى حَسَبِ قَوْلِ زَيْدٍ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ
وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ الرِّوَايَاتِ فِي ((الْإِشْرَافِ)) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَقْوَالًا لِلصَّحَابَةِ شاذة لم يقل
بها أحد من الفقهاء فلم أر لذكرها وجها ها هنا
وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ الَّتِي ذَكَّرَهَا مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ
بِالْأَكْدَرِيَّةِ وَهِيَ زَوْجٌ وَأَمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَجَدٌّ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِيهَا
فَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولَانِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتُ النِّصْفُ
وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ
وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَيْضًا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ عَالَتِ
الْفَرِيضَةُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ
وَكَانَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ يَقُولَانِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وللجد السدس
الفريضة مِنْ سِتَّةٍ عَالَتْ إِلَى تِسْعَةٍ إِلَّا أَنَّ زَيْدًا يَجْمَعُ سَهْمَ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ وَهِيَ سَبْعَةٌ
فَيَجْعَلُهَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لِلْجَدِّ وَسَهْمٌ لِلْأُخْتِ عَمَلُهَا أَنْ تَضْرِبَ ثَلَاثَةً
فِي تِسْعَةٍ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ فِي ثَلَاثَةِ سِتَّةٌ
وَتَبَقَّى اثْنَا عَشَرَ لِلْأُخْتِ ثُلُثُهَا أَرْبَعٌ لِلْجَدِّ ثُلُثَاهَا ثَمَانِيَةٌ
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ سَأَلْتُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ وَكَانَ مَنْ أَعْلَمِهِمْ بِقَوْلِ زَيْدٍ فِيهَا - يَعْنِي
الْأَكْدَرِيَّةَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا فَعَلَ زَيْدٌ هَذَا قَطُّ يَعْنِي أَنَّ أَصْحَابَهُ قَاسُوا ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ اللَّبَّانِ الْفَارِضُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ زَيْدٍ مَا ذَكَرُوا - يَعْنِي فِي
الْأَكْدَرِيَّةِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَتَسْقُطُ
الْأُخْتُ كَمَا يَسْقُطُ الْأَخُ لَوْ كَانَ مَكَانَهَا لَأَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ سَبِيلُهُمَا وَاحِدٌ فِي قَوْلِ زَيْدٍ
لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ عَصَبَةٌ مَعَ الْجَدِّ يُقَاسِمَانِهِ
وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِتَسْمِيَةِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ بِالْأَكْدَرِيَّةِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344
فَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتُكَدِّرِ قَوْلِ زَيْدٍ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِضْ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ وَفَرَضَ لَهَا
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ الْأَكْدَرُ فَأَخْطَأَ
فِيهَا فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ
قَالَ قُلْتُ لِلْأَعْمَشِ لِمَ سُمِّيَتِ الْأَكْدَرِيَّةُ قَالَ طَرَحَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى رَجُلٍ
يُقَالُ لَهُ الْأَكْدَرُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الْفَرَائِضِ فَأَخْطَأَ فِيهَا فَسَمَّاهَا الْأَكْدَرِيَّةَ
وَقَالَ وَكِيعٌ وَكُنَّا نَسْمَعُ قَبْلَ هَذَا أَنَّهَا سُمِّيَتِ الْأَكْدَرِيَّةُ لِأَنَّ قَوْلِ زَيْدٍ تَكَدَّرَ فِيهَا لَمْ يَقِسْ
قَوْلَهُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُعَادَّاةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَلِلْأُمِّ مَعَ الْجَدِّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثُمَّ انْفِرَادِهِمْ
بِالْمِيرَاثِ دُونَهُمْ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ زَيْدٍ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي ذَلِكَ فَإِجْمَاعٌ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مَعَ الْجَدِّ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْأُخْوَةِ لِلْأُمِّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا فَإِنْ حَصَلَ لَهَا وَلَهُمْ فِي
ذَلِكَ النِّصْفُ فَهُوَ لَهَا دُونَهُمْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ فَالْفَضْلُ عَلَى النِّصْفِ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا
وَصَفَ فَهُوَ مَذْهَبُ زَيْدٍ
وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَفْرِضُ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ
لِلْأَبِ وَالْجَدِّ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ فَإِنْ نَقَصَتْهُ فُرِضَ لَهُ السُّدُسُ وَفَضَلَ
الْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
وأما بن مَسْعُودٍ فَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ والأم والجد فعلى قول بن
مَسْعُودٍ فِي أُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَجَدٍّ الْمَالُ بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ نِصْفَيْنِ وَلَا شيء
للإخوة للأب
وذهب إلى قول بن مَسْعُودٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مَسْرُوقٌ وَشُرَيْحٌ وَطَائِفَةٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي
أَهْلِ الْكُوفَةِ
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ
وَاخْتَلَفَ فِيهَا الصَّحَابَةُ - (رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -) عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345
أَحَدُهَا مَنْ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا أَبُو بَكْرٍ وبن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمْ أَعْطَوُا
الْأُمَّ الثُّلُثَ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَحَجَبُوا الْأُخْتَ بِالْجَدِّ كَمَا تُحْجَبُ بِالْأَبِ
وَالثَّانِي قَوْلُ عَلِيٍّ قَالَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْجَدِّ
وَالثَّالِثُ قَوْلُ عُثْمَانَ جَعَلَهَا أَثْلَاثًا لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ وللجد الثلث
والرابع قول بن مَسْعُودٍ قَالَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْجَدِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَكَانَ يَقُولُ
مَعَاذَ اللَّهُ أَنَّ أُفَضِّلَ أُمًّا عَلَى جَدٍّ
وَالْخَامِسُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَمَا بَقِيَ لِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ
وَهَذِهِ الْفَرِيضَةُ تُدْعَى الْخَرْقَاءُ