مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي خِلَافَتِهِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ
أَنَّ كُلَّ مَا اشْتَرَطَ الْمُنْكِحُ مَنْ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حِبَاءٍ أَوْ كَرَامَةٍ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إِنِ
ابْتَغَتْهُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ يُنْكِحُهَا أَبُوهَا وَيَشْتَرِطُ فِي صَدَاقِهَا (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي خِلَافَتِهِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ
أَنَّ كُلَّ مَا اشْتَرَطَ الْمُنْكِحُ مَنْ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حِبَاءٍ أَوْ كَرَامَةٍ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إِنِ
ابْتَغَتْهُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ يُنْكِحُهَا أَبُوهَا وَيَشْتَرِطُ فِي صَدَاقِهَا الْحِبَاءَ يُحْبَى بِهِ إِنَّ مَا كَانَ
مِنْ شَرْطٍ يَقَعُ بِهِ النِّكَاحُ فَهُوَ لِابْنَتِهِ إِنِ ابْتَغَتْهُ وَإِنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا
فَلِزَوْجِهَا شَطْرُ الْحِبَاءِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فلها شرط الْحِبَاءِ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) يَقُولُ فَلَهَا شَطْرُ
الْحِبَاءِ وهو الصداق
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426
وكذا رده بن وَضَّاحٍ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي ((الْمُوَطَّأِ)) وَزَادَ إِنَّ كَانَ الْأَبُ اشْتَرَطَ فِي حِينِ
عَقْدِ نِكَاحِهِ حِبَاءً يُحْبَى بِهِ فَهُوَ لِابْنَتِهِ وَإِنْ أعطاه بعد ما زَوَّجَهُ فَإِنَّهَا تَكْرِمَةٌ أَكْرَمَهُ
بِهَا فَلَا شَيْءَ لِابْنَتِهِ فِيهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُزَنِيِّ إِذَا عَقَدَ النِّكَاحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا فَالْمَهْرُ
فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ تُعْطِيَ أَبَاهَا جَازَ وَلَهُ مَنْعُهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ إِذَا زَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا سِوَى الْأَلْفِ الَّذِي فَرَضَ لَهَا
فَسَوَاءٌ قَبَضَ الْأَلْفَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَهْرُ فَاسِدٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ هِبَةٌ لَا مَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا كَمَا يُرْجَعُ فِي الْهِبَةِ
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْهِبَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ
بِهَا عَلَى الْأَبِ
وَأَمَّا الْأَوْزَاعِيُّ فَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ
حدثني أحمد بن محمد البشري قال حدثني علي بن شرخم قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ
يُونُسَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ فِي النِّكَاحِ وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَهُوَ
لِلْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَهُوَ لِلْوَلِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا
مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ
أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ إِذَا كَانَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ
لَهَا مِنْ صَدَاقِهَا
قَالَ وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِبَاءٍ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيهِ
وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ وَسَعِيدٍ
فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا نِصْفُ مَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ غَيْرُ عُقْدَةِ النِّكَاحِ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي شُبْرُمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي ولي امرأة
واشترط عَلَى زَوْجِهَا شَيْئًا لِتَلْبَسَهُ فَقَضَى عُمَرُ أَنَّهُ من صداقها
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427
وعن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ مَا اشْتُرِطَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ مِنَ الْحِبَاءِ فَهُوَ مِنْ
صَدَاقِهَا وَهِيَ أَحَقُّ بِهِ إِنْ تَكَلَّمَتْ فِيهِ مِنْ وَلِيِّهَا مَنْ كَانَ
قَالَ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي امْرَأَةٍ مَنْ بَنِي جُمَحَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ مُنْقَطِعٍ ضَعِيفٍ مِثْلُ قَضِيَّةِ عمر بن عبد
العزيز
رواه بن سَمْعَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُجَادِلِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى أَنَّ مَا اشْتُرِطَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ مِنَ الْحِبَاءِ فَهُوَ مِنْ صَدَاقِهَا
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ أَوْلَى لِمَنْ ذَهَبَ
إِلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ
ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جريج عن محمد وبن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى
صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ
لِمَنْ أُعْطِيهِ وَأَحَقُّ مَنْ أكرم الرجل عليه ابنته وأخته))
وذكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ
فَاشْتَرَطَ عَلَى زَوْجِ ابْنَتِهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ سِوَى المهر
قال وحدثني بن عَلِيٍّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِنْ جَازَ الَّذِي يَنْكِحُ فَهُوَ لَهُ
قَالَ أَيُّوبُ وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ لِلْمَرْأَةِ مَا اسْتَحَلَّ بِهِ فَرْجَهَا
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ صَغِيرًا لَا مَالَ لَهُ إِنَّ الصَّدَاقَ عَلَى أَبِيهِ إِذَا كَانَ
الْغُلَامُ يَوْمَ تَزَوَّجَ لَا مَالَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لِلْغُلَامِ مَالٌ فَالصَّدَاقُ فِي مَالِ الْغُلَامِ إِلَّا أَنْ
يُسَمِّيَ الْأَبُ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ النِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَى الِابْنِ إِذَا كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ
فِي وِلَايَةِ أَبِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الْأَبِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَلَهُ مَالٌ أَنَّ
الصَّدَاقَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَبُوهُ فِي مَالِ الْغُلَامِ لَا فِي مَالِ الْأَبِ
وَسَوَاءٌ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ ذَكَرَهُ إِلَّا أَنْ يضمنه الأب وبين ذلك بأن ضمنه وبين ذلك
لَزِمَهُ إِذَا حَمَلَ عَنِ ابْنِهِ وَجَعَلَهُ عَلَى نفسه
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428
وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ مَالٌ
فَقَالَ بن الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ مَالٌ فَالصَّدَاقُ عَلَى الْأَبِ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى
الِابْنِ
وَقَالَ أَصْبَغُ أَرَاهُ عَلَى الِابْنِ كَمَا جعله
وقال بن الْمَوَّازِ هُوَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يُوَضِّحَ ذَلِكَ وَيُبَيِّنَهُ أَنَّهُ عَلَى الِابْنِ فَلَا يَلْزَمُ
الْأَبَ وَيَكُونُ الِابْنُ بِالْخِيَارِ إِذَا بَلَغَ فَإِذَا دَخَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا صَدَاقُ الْمِثْلِ
وَقَالَ عِيسَى بَلِ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى
قَالَ أَبُو عمر لا معنى لصداق المثل ها هنا لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَعْلُومٌ جَائِزٌ مِلْكِهِ
وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَصْلِ مَالِكَ
فَقَالَ سُفْيَانُ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى
وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ فَالصَّدَاقُ عَلَى الْأَبِ دَيْنًا فِي
مَالِهِ وَلَيْسَ عَلَى الِابْنِ شَيْءٌ مِنْهُ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ فَالْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الصَّدَاقَ وَغَرِمَهُ لَمْ
يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَى الِابْنِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِذَا جَعَلَهُ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ
قَالَ وَإِنَّ ضَمِنَ عَنِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ المهر رجع به عليه إِنْ كَانَ أَمَرَهُ الْكَبِيرُ بِالضَّمَانِ
عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ جَازَ وَلِلْمَرْأَةِ
الْمَهْرُ عَلَيْهِ وَعَلَى الِابْنِ فَإِنْ أَدَّاهُ الْأَبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ
إنما يرديه لِيَرْجِعَ بِهِ فَيَرْجِعُ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْأَبُ حَتَّى مَاتَ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَهُ مَنْ مَالِ
الْأَبِ - إِنَّ شَاءَتْ وَإِنْ شَاءَتْ أَتْبَعَتْ الِابْنَ وَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ مَالِ الْأَبِ رَجَعَ وَرَثَةُ
الأب على الابن يخصصهم
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إِشْهَادَ الْأَبِ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ لَا يُؤْخَذُ الْأَبُ بِصَدَاقِ ابْنِهِ إِذَا زَوَّجَهُ فَمَاتَ
صَغِيرًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ كَفَلَ بِشَيْءٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي طَلَاقِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَيَعْفُوَ أَبُوهَا عَنْ
نِصْفِ الصَّدَاقِ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِزَوْجِهَا مِنْ أَبِيهَا فِيمَا وَضَعَ عَنْهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237
فهن النساء اللاتي قد دُخِلَ بِهِنَّ - أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ - فَهُوَ الْأَبُ فِي
ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
وَقَالَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ)) لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الصَّدَاقِ إِلَّا
الْأَبَ وَحْدَهُ لَا وَصِيَّ وَلَا غَيْرَهُ
وَقَالَ مالك مباراته عَلَيْهَا جَائِزَةٌ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لِأَبِي الْبِكْرِ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا عِنْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا
وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا
وَأَمَّا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ شَيْئًا مِنَ الصَّدَاقِ
قَالَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ الدخول ويجوز له مباراة
زَوْجِهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا مِنْهُ لَهَا
قَالَ وَكَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَضَعَ لِزَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ
يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وأصحابهما والثوري وبن شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ الَّذِي بِيَدِهِ
عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ وَعَفْوُهُ أَنْ يُتِمَّ لَهَا كَمَالَ الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ
قَالُوا وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237 لِلْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ
وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ
وَالْبِكْرُ الْبَالِغُ عِنْدَهُمْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا مَا لَمْ يَحْجُرِ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ الْبَالِغِ
سَوَاءٌ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ عُمُومُ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237 فَلَمْ يَخُصَّ بِكْرًا
مِنْ ثَيِّبٍ فِي نَسَقِ قَوْلِهِ (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ
فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237 يَعُمُّ الْأَبْكَارَ وَالثُّيَّبَ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الثَّيِّبَ وَالْبِكْرَ فِي اسْتِحْقَاقِ نِصْفِ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ
سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237 فَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْبِكْرِ وَغَيْرِ الْبِكْرِ
إِلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ رَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ لِلصَّغِيرَةِ مِنْهُنَّ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَقَدْ قَالَ بِهِ الزُّهْرِيُّ قَبْلَهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430
ذكره أبو بكر قال حدثني بن علية عن بن جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَنْ قَالَ الْعَبْدُ
يَمْلِكُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ هِبَةُ شَيْءٍ مِمَّا
بِيَدِهِ
وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عقدة النكاح هو الولي بن عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قال حدثني بن علية عن بن جريج عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ بِالْعَفْوِ وَأَمَرَ بِهِ فَإِنْ عَفَتْ جَازَ وَإِنْ أَبَتْ وَعَفَا وَلِيُّهَا
جَازَ
وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَعَلْقَمَةُ وعكرمة وإبراهيم وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ الَّذِي
بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ
وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا مِنَ السَّلَفِ أَيْضًا إِنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ لَمْ يَخْتَلِفْ عنهما في ذلك
واختلف عنه بن عَبَّاسٍ
فَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عن بن عَبَّاسٍ
قَالَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ
وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وشريح القاضي وبن سِيرِينَ وَالضَّحَّاكُ بْنُ
مُزَاحِمٍ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ونافع مولى بن عُمَرَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَقَدْ كَانَ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ الْوَلِيُّ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ
الْبِكْرِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بِمِصْرَ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ الْمَذْكُورَ لَمَّا كَانَ
نِصْفَ الْمَرْأَةِ كَانَ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ اكتسبه إياها
أَبُوهَا بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِرُ مَالِهَا
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
كَانَ هُنَاكَ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431
وَاسْتَدَلُّوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ أَوِ الثَّيِّبِ وأن
مَالَهَا كَمَالِ غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مَا احتسبته لَهَا بِبُضْعِهَا أَوْ بِغَيْرِ بُضْعِهَا هُوَ مَالٌ
مِنْ مَالِهَا حَرَامٌ عَلَى أَبِيهَا إِتْلَافُهُ عَلَيْهَا وَأَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ
إِذَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُهَا بِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا أَنْكَحَ أَمَةَ ابْنَتِهِ وَاكْتَسَبَ لَهَا الصَّدَاقَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ
عَنْهُ دُونَ إِذْنِ سَيِّدَتِهَا ابْنَتِهِ فَكَذَلِكَ صَدَاقُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَوْ خَالَعَ
عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ امْرَأَتَهُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ فَكَذَلِكَ مَهْرُ الْبِكْرِ
مِنْ بَنَاتِهِ
وَقَدِ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ
فَقَالَ مَالِكٌ جَائِزٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا إِذَا كَانَ
ذَلِكَ نَظَرًا
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ وَزُفَرُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ
صَدَاقِ مِثْلِهَا
وَقَالَ مَالِكٌ جَائِزٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ
بِهَا إِنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا
وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمَ بَقِيَ عَلَى نِكَاحِهِ مَعَهَا بِإِجْمَاعٍ لَا خِلَافَ فِيهِ
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنَ التَّابِعِينَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ دُونَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا
فَعَلَتْ مَا لَهَا فِعْلُهُ وَهُوَ لَمَّا أَبَى مِنَ الْإِسْلَامِ جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ
وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عَنْهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ - (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُمَا تَنَاكَحَا عَلَى دِينِهِمَا ثُمَّ
أَتَى مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ الْفِرَاقَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَسِيسٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ شَيْءٌ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432
وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا بِإِجْمَاعٍ أَيْضًا
فَهَذَا حُكْمُ الذِّمِّيَّيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ
وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْوَثَنِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ - إِنْ شَاءَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ