مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طلق امرأته البتة ثم تزوجها بعده رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَأَمَّا قَوْلُ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طلق امرأته البتة ثم
تزوجها بعده رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ فِي الْمُحَلِّلِ إِنَّهُ لَا يُقِيمُ عَلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ نِكَاحًا جَدِيدًا فإن أصابها في ذلك فله مَهْرُهَا فَهَذَا مِنْهُ حُكْمٌ بِأَنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ فَاسِدٌ لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إِلَّا الْمَهْرَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ دَلِيلٌ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 أَنَّ إِرَادَةَ الْمَرْأَةِ الرُّجُوعَ إِلَى زَوْجِهَا لَا يَضُرُّ الْعَاقِدَ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّحْلِيلِ الْمُوجِبِ لِصَاحِبِهِ اللَّعْنَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَا يُحَلِّلُهَا لِزَوْجِهَا إِلَّا طَلَاقُ زَوْجٍ قَدْ وَطِئَهَا وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَطَأْهَا لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ وَمَعْنَى ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ هُوَ الْوَطْءُ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَإِنَّهُ قَالَ جَائِزٌ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الْأَوَّلِ إِذَا طَلَّقَهَا الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا وَأَظُنُّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ وَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 23 فَإِنْ طَلَّقَهَا - أَعْنِي الثَّانِيَ - فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا وَقَدْ طَلَّقَهَا وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ مَسِيسٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَابَتْ عَنْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ وَانْفَرَدَ أَيْضًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَطَأَهَا الثَّانِي وَطْأً فِيهِ إِنْزَالٌ وَقَالَ مَعْنَى الْعُسَيْلَةِ الْإِنْزَالُ وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ وَقَالُوا الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ يُحَلِّلُهَا لِزَوْجِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ يُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ وَيُحَصِّنُ الزَّوْجَيْنِ وَيُوجِبُ كَمَالَ الصَّدَاقِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وجمهور الفقهاء وقال مالك وبن الْقَاسِمِ لَا يُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ إِلَّا الْوَطْءُ الْمُبَاحُ فَإِنْ وَقَعَ الْوَطْءُ فِي صَوْمٍ أَوِ اعْتِكَافٍ أو حج أو في حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لَمْ يُحِلَّ الْمُطَلَّقَةَ وَلَا يُحِلُّ الذِّمِّيَّةَ عِنْدَهُمْ وَطْءُ زَوْجٍ ذِمِّيٍّ لِمُسْلِمٍ وَلَا وَطْءُ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُحِلُّهَا الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَوَطْءُ كُلِّ زوج بعد وطئه وَطْأً وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ إِذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَلَيْسَ وَطْءُ الطِّفْلِ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِشَيْءٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا فَقَدْ ذَاقَ الْعُسَيْلَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَوِيُّ النِّكَاحِ وَضَعِيفُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 قَالَ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَطَأُ مِثْلُهُ وَالْمُرَاهِقُ وَالْمَجْنُونُ وَالْخَصِيُّ الَّذِي قَدْ بَقِيَ مَعَهُ مَا يُغَيِّبُهُ في الفرج يحلون المطلقة لزوجها قال وَتَحِلُّ الذِّمِّيَّةُ لِلْمُسْلِمِ بِوَطْءِ زَوْجٍ ذِمِّيٍّ لَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا (مُحْرِمًا أَوْ أَصَابَهَا حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ صَائِمَةً كَانَ عَاصِيًا وَأَحَلَّهَا وَطْؤُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ نحو مذهب الشافعي ونحو مذهب بن الْمَاجَشُونِ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي عُقْدَةِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) وَغَيْرِهِ إِنَّهُ لَا يُحِلُّهَا إِلَّا نِكَاحُ رَغْبَةٍ وَأَنَّهُ إِنْ قَصَدَ التحريم لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ لَمْ يَعْلَمَا لَا تَحِلُّ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ مَنْ قَصَدَ إِلَى التَّحْلِيلِ وَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنِكَاحِ الْخِيَارِ أَنَّهُ قَالَ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَهُوَ قَوْلُ بن أَبِي لَيْلَى فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَبْطَلَ الشَّرْطَ فِي ذَلِكَ وَأَجَازَ النِّكَاحَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ بِئْسَ مَا صَنَعَ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ إِذَا تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا فَمَرَّةً قالوا لا تحل له بهذا النكاح فمرة قَالُوا تَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ الْعَقْدِ إِذَا كَانَ مَعَهُ وَطْءٌ أَوْ طَلَاقٌ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زَيْدٍ إِذَا شَرَطَ تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ بِهَذَا التزويج إذا وطىء وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ النِّكَاحُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فاسد ولها مهر المثل لا يُحْصِنُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ سَنَذْكُرُ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَمَا شُرُوطُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَاخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ الله تعالى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فَقَالَ أَتَزَوَّجُكِ لِأُحِلَّكِ ثُمَّ لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَهُوَ فَاسِدٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ له الوطء على هذا وإن وطىء لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ تَحْلِيلًا قَالَ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا مُطْلَقًا لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَا اشْتُرِطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلُ إِلَّا أَنَّهُ نَوَاهُ وَقَصَدَهُ فَلِلشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِهِ الْقَدِيمِ الْعِرَاقِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالْآخَرُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ ((الْجَدِيدِ)) الْمِصْرِيِّ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ التَّحْلِيلَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بِالتَّحْلِيلِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَقَالَ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجَانِ قَالَ وَهُوَ مَأْجُورٌ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ مَأْجُورٌ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا بَأْسَ بِالنِّكَاحِ وَتَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْمُحَلِّلُ عَلَى نِكَاحِهِ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدُ نِكَاحِ الْمُطَلَّقَةِ لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا مَأْجُورًا وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ فِي اشْتِرَاطِهِ فِي حِينِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِرْفَاقَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ لَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى التَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ هُوَ الْمُحَلِّلُ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ إِرَادَةَ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ لِلتَّحْلِيلِ لَا مَعْنَى لَهَا إِذَا لَمْ يُجَامِعْهَا الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِيَدِهَا فَوَجَبَ أَلَّا تَقْدَحَ إِرَادَتُهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَذَلِكَ الْمُطَلِّقُ أَحْرَى أَلَّا يُرَاعَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي إِمْسَاكِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا فِي طَلَاقِهِ إِذَا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ فَلَمْ تَبْقَ إِلَّا إِرَادَةُ الزَّوْجِ النَّاكِحِ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ عُلِمَ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ دَخَلَ تَحْتَ اللَّعْنَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ وَلَا فَائِدَةَ لِلَّعْنَةِ إِلَّا إِفْسَادُ النِّكَاحِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُ وَالْمَنْعُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَكُونُ محللا فيفسد نكاحه وها هنا يَكُونُ إِجْمَاعًا مِنَ الْمُشَدِّدِ وَالْمُرَخِّصِ وَهُوَ الْيَقِينُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنَّهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلِ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَشْدِيدًا وَتَغْلِيظًا وَتَحْذِيرًا لِئَلَّا يُوَاقِعَ ذَلِكَ أَحَدٌ كَنَحْوِ مَا هَمَّ بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَحْرِقَ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بُيُوتَهُمْ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا هَذَا عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ أنه درأ الحد عن رجل وطىء غَيْرَ امْرَأَتِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَإِذَا بَطَلَ الْحَدُّ بِالْجَهَالَةِ بَطَلَ بِالتَّأْوِيلِ لِأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ عِنْدَ نَفْسِهِ مُصِيبٌ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَاهِلِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ في قول بن عُمَرَ إِذْ سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا السِّفَاحَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ الْحُدُودُ كَالنِّكَاحِ فِي هَذَا لِأَنَّ الحد ربما درىء بِالشُّبْهَةِ وَالنِّكَاحُ إِذَا وَقَعَ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ وَطَابَقَ النَّهْيَ فَسَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْفُرُوجَ مَحْظُورَةٌ فَلَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا - عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ لَا الْمَحْظُورِ الْمَنْهِيِ عَنْهُ وَلَعْنُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ كَلَعْنِهِ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُفْسَخُ أَبَدًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 |