مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا)) قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا)) قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ قال حدثني بن نمير عن بن إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا)) وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ قَالَ حَدَّثَنِي بن الْمُبَارَكِ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِثْلَهُ وَأَمَّا طُرُقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمُتَوَافِرَةٌ رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَالشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِهِ وَبِمَا فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا وَلَا عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وإن سفلت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 وَهَذَا فِي مَعْنَى تَفْسِيرِ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) النِّسَاءِ 23 أَنَّهَا الْأُمُّ وَإِنْ عَلَتْ وَالِابْنَةُ وَإِنْ سَفَلَتْ وَكَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ عَمَّتِهَا عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْخَالَةِ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ هَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا بِمَا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بن فُضَيْلٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا وَلَا تَتَزَوَّجُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى)) قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ جَابِرٍ وَالْآخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَعَسَّفَ فَجَعَلَهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةُ بَيَانٍ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا قَالَ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) النِّسَاءِ 23 بِأَنَّ بِذَلِكَ مَا عَدَا النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ دَاخِلَاتٌ فِي التَّحْلِيلِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ - (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النِّسَاءِ 24 فَكَانَ هَذَا مِنَ الزَّمَنِ مَا كَانَ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تُجْمَعَ الْمَرْأَةُ مَعَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي عِصْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَانَ هَذَا زِيَادَةَ بَيَانٍ عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ كَمَا وَرَدَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحُهُمَا وَمَاسِحُ الْخُفَّيْنِ لَيْسَ بِمَاسِحٍ عَلَيْهِمَا وَلَا غَاسِلٍ لَهُمَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا فِيهِ فَارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ تَوَهُّمُ نَسْخِ الْقُرْآنِ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) نَزَلَ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زِيَادَةَ بَيَانٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ بِذَلِكَ قُرْآنٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الْأَحْزَابِ 34 يَعْنِي الْقُرْآنَ والسنة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) وَأَمَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عِبَادَهُ بِطَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ أَمْرًا مُطْلَقًا وَأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ وَحَذَّرَهُمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النُّورِ 63 وَقَدْ تَنَطَّعَتْ فِرْقَةٌ فَقَالُوا لَمْ يُجْمِعِ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ بِمَعْنَى نَصِّ الْقُرْآنِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - نِكَاحُ الْأَخَوَاتِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ نِكَاحُ أُخْتِهِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ وَحَرَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ فِرْقَةٌ تَنَطَّعَتْ وَتَكَلَّفَتْ فِي اسْتِخْرَاجِ عِلَّةٍ بِمَعْنَى الْإِجْمَاعِ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اتِّبَاعَ غَيْرِ سبيل المؤمنين واستحال أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ مَعَ الِاخْتِلَافِ كُلٌّ يَتَّبِعُ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ مَا أَجْمَعَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهِ فَقَدْ فَارَقَ جَمَاعَتَهُمْ وَخَلَعَ الْإِسْلَامَ مِنْ عُنُقِهِ وَوَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا فَوَضَحَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ مَتَى صَحَّ الْإِجْمَاعُ وَجَبَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى حُجَّةٍ تُسْتَخْرَجُ بِرَأْيٍ لَا يُجْتَمَعُ عَلَيْهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا)) فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَاهُ كَرَاهِيَةُ الْقَطِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةُ رَحِمٍ مُحَرِّمَةٌ أَوْ غَيْرُ مُحَرِّمَةٍ فَلَمْ يُجِيزُوا الْجَمْعَ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ وَلَا بَيْنَ ابْنَتَيْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ رُوِيَ ذلك عمن إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وقتادة وعطاء على اختلاف عنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 وروى بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يجمع بين ابنتي العم وعن بن عيينة وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَسَنَ بْنَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ نَكَحَ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنَةَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ جَمَعَ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فَأَصْبَحَ نِسَاؤُهُمْ لَا يدرين إلى أيتهما يذهبن قال بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَةِ عَمِّهَا قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بن جُرَيْجٍ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي عَطَاءٍ لَا يُقَاسُ به فيه بن أَبِي نَجِيحٍ وَلَا غَيْرُهُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ ابْنَتَيِ الْعَمِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ - أَئِمَّةُ الْفَتْوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا يُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى اعْتِبَارًا بِالْأُخْتَيْنِ وَلَيْسَ ابْنَةُ الْعَمِّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَرَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ إِذَا جَعَلْتَ مَوْضِعَ إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا حَرَامٌ قُلْتُ لَهُ عَمَّنْ هَذَا فَقَالَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى الثوري عن بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُ هَذَا عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّسَبِ وَلَا تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَابْنَةِ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِنْ شَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَمْعِ الرَّجُلِ فِي النِّكَاحِ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ والشام إلا بن أَبِي لَيْلَى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى ذَلِكَ الْحَسَنُ وَعَلِيٌّ وَعِكْرِمَةُ وَخَالَفَهُمْ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 وَرُوِيَ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْ رَجُلَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ مِثْلُ ذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قُثَمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيٍّ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ فَرْحَاءَ - رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وابنته من غيرها قال وحدثني بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَابْنَتَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَعَنْ سليمان بن يسار وبن سِيرِينَ وَرَبِيعَةَ مِثْلُهُ فِي جَوَازِ جَمْعِ الْمَرْأَةِ وَزَوْجَةِ أَبِيهَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رجل وابنته من غيرها ذكره بن أبي شيبة عن بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ وَرَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ فضيل عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ وَاعْتَلُّوا بِالْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا بِأَنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ كَانَ رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَقَدْ أَبْعَدَ مِنْ هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنْ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ مَوْضِعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرًا لَحَلَّ لَهُ الْأُنْثَى لِأَنَّهُ رَجُلٌ تَزَوَّجَ ابْنَةَ رَجُلٍ أجنبي وإذا كان موضع البنت بن لَمْ يَحِلَّ لَهُ امْرَأَةُ أَبِيهِ |