مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 464 هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ فِيهِ بن وهب عن مالك عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَكُلُّهُمْ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ الشِّغَارِ مَعْنَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى فِي ((الْمُوَطَّأِ)) وَلِلشِّغَارِ في اللغة معنى لا مدخل له ها هنا وَذَلِكَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عِنْدَهُمْ مِنْ شِغَارِ الْكَلْبِ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ حَالَ الصِّغَرِ إِلَى حَالٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْوُثُوبُ عَلَى الْأُنْثَى لِلنَّسْلِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ لِلْكَلْبِ عَلَامَةُ بُلُوغِهِ إِلَى حَالِ الِاحْتِلَامِ مِنَ الرِّجَالِ وَلَا يَرْفَعُ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ إِلَّا وَهُوَ قَدْ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ يُقَالُ مِنْهُ شَغَرَ الْكَلْبُ يَشْغَرُ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ فَبَالَ أَوْ لَمْ يَبُلْ وَيُقَالُ شغرت المرأة شغرا إذا رفعت رجلها لِلنِّكَاحِ فَهَذَا مَعْنَى الشِّغَارِ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ فَهُوَ أَنْ يُنْكِحَ الرَّجُلُ وَلَيَّتَهُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْآخَرُ وَلَيَّتَهُ وَلَا صَدَاقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بُضْعُ هَذِهِ بِبُضْعِ هَذِهِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ((الْخَلِيلُ)) أَيْضًا فِي ((الْعَيْنِ)) وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا وَقَعَ هَلْ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الشِّغَارِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُفْسَخُ أَبَدًا قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أزوجك ابنتي على أن تزوجني ابنتك بمائة دينار فلا خير في ذلك قال بن الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي هَذَا إِنْ دَخَلَ وَيَثْبُتُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُفْسَخُ فِي الْأَوَّلِ دخل أو لم يدخل على ما قاله مَالِكٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا وَيَشْرُطُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَهُمَا يَلِيَانِ أَمْرَهُمَا عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَهَذَا الشِّغَارُ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ هَذَا النِّكَاحِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ قَالَ وَلَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقًا أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِمَهْرِ المثل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 465 والمهر فاسد ولكل واحدة منهما مهر مثله إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أَوْ نِصْفُ مَهْرِ مثله إِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي عَلَى أَنْ تزوجني ابنتك وتكون لكل وَاحِدَةٍ بِالْأُخْرَى فَهُوَ الشِّغَارُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قوله فيمن نَكَحَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ كَقَوْلِهِمْ فِي الشِّغَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا يُكْتَبُ النِّكَاحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ أَبْطَلَ النِّكَاحَ فِي الشِّغَارِ وَسَائِرِ الْمُهُورِ الْمُحَرَّمَةِ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ فَهُوَ فِعْلٌ طَابَقَ النَّهْيَ فَفَسَدَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الْحَشْرِ 7 وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إذا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا - يَعْنِي سُنَّتَنَا - فَهُوَ رَدٌّ)) يَعْنِي مَرْدُودًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَقْدَ فِي الشِّغَارِ صَحِيحٌ وَالْمَهْرُ فَاسِدٌ وَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا مَهْرًا لِمُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ الْغَرَرُ وَالْمَجْهُولُ وَسَائِرُ مَا نهى عن ملكه أو ملك عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَسُنَّتِهِ وَأَجْمَعُوا مَعَ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ عَلَى الْمَهْرِ الْفَاسِدِ إِذَا فَاتَ بِالدُّخُولِ فَلَا يُفْسَخُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 لِفَسَادِ صَدَاقِهِ وَيَكُونُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ مِنَ الْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ وَغَيْرِهَا الْمَضْمُونَاتِ بِأَثْمَانِهَا قَالُوا وَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ لِذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَكَذَلِكَ لَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا مُنْعَقِدًا حَلَالًا مَا صَارَ حَلَالًا بِالدُّخُولِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّزْوِيجَ يُضْمَنُ بِنَفْسِهِ لَا بِالْعِوَضِ بِدَلِيلِ تَجْوِيزِ اللَّهِ تَعَالَى النِّكَاحَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) الْبَقَرَةِ 236 يُرِيدُ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَمَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً فَلَمَّا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ دُونَ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ غَيْرُ وَاقِعٍ إِلَّا عَلَى الزَّوْجَاتِ وَكَوْنُهُنَّ زَوْجَاتٍ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ 1082 - مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَجْمَعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ فِيهِ وَهِيَ ثَيِّبٌ فِي دَرْجِ الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ فَجَعَلَهُ مِنْ بلاغ يحيى بن سعيد ذكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمَجْمَعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى خِدَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَرَدَّ نِكَاحَ أَبِيهَا فَخُطِبَتْ فَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أنها كانت ثيبا وروى بن عُيَيْنَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَكَانَتْ ثَيِّبًا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَأَتَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّ نِكَاحَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 467 هكذا رواه بن عُيَيْنَةَ لَمْ يُقِمْ إِسْنَادَهُ وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا قَالَ بن عُيَيْنَةَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ آلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَخَوَّفَتْ أَنْ يُنْكِحَهَا وَلِيُّهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَجْمَعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ تُشْهِدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَمْرِي شَيْءٌ فَأَرْسَلَا إِلَيْهَا أَلَّا تَخَافِي فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرِ بن عُيَيْنَةَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَيِّبًا وَلَا بِكْرًا وَرَوَى حَدِيثَ خَنْسَاءَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ وَكَانَتْ أَيِّمًا مِنْ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَخُطِبَتْ إِلَى أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَارْتَفَعَ شَأْنُهَا إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاهَا أَنْ يُلْحِقَهَا بِهَوَاهَا فَتَزَوَّجَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فذكر بن إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ خَنْسَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَإِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا كَانَ حَدِيثًا مُجْتَمَعًا عَلَى صِحَّتِهِ وَالْقَوْلِ بِهِ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ يَقُولُونَ إِنَّ الثَّيِّبَ لَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا وَمَنْ قَالَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ فَهُوَ أَحْرَى بِاسْتِعْمَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَجَازُوا عَقْدَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا وَلَا لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ إِكْرَاهُهَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصَرِيَّ فَإِنَّ أَبَا بَكْرِ بن أبي شيبة قال حدثني بن عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ نِكَاحُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى ابْنَتِهِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أَكْرَهَهَا أَوْ لَمْ يُكْرِهْهَا وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ بن الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْأَخِ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ الثَّيِّبَ بِرِضَاهَا وَالْأَبُ يُنْكِرُ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَبِ قَالَ مَالِكٌ مَا لَهُ وَلَهَا وَهِيَ مَالِكَةُ أَمْرِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الثَّيِّبِ لَا يَنْبَغِي لِأَبِيهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إِلَّا بِرِضَاهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 468 فَإِنِ اسْتَأْمَرَهَا أَمَرَتْهُ يُزَوِّجُهَا وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا كَانَ لَهَا أَنْ تُجِيزَهُ فَإِنْ أَجَازَتْهُ جَازَ وَإِنْ أَبْطَلَتْهُ بَطَلَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِنْ أَجَازَتْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ اسْتَحْسَنَ إِجَازَتَهُ بِالْقُرْبِ كَأَنَّهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَنُورٍ وَاحِدٍ وَأَبْطَلَهُ إِذَا بَعُدَ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ عَلَيْهَا - بِغَيْرِ أَمْرِهَا لَيْسَ بِعَقْدٍ ولا يقع فيه طلاق وقال بن نَافِعٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ ثُمَّ بَلَّغَهَا فَقَالَتْ مَا أَرْضَى وَلَا أَمَرْتُهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ كُلِّمَتْ فِي ذَلِكَ فَرَضِيَتْ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَاهُ نِكَاحًا جَائِزًا وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَا جَدِيدًا إِنْ شَاءَتْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَإِنْ رَضِيَتْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ نِكَاحَ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنِي قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَتْ خَنْسَاءُ بِنْتُ خِدَامٍ هَذِهِ تَحْتَ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَكَرِهَتْهُ وَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا وَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) |