مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ ولو كنت تقدمت فيه لرجمت قال بن وَضَّاحٍ يَقُولُ هَذَا تَغْلِيظٌ مِنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجْمَ إِنَّمَا يَجِبُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ
إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ ولو كنت تقدمت فيه لرجمت قال بن وَضَّاحٍ يَقُولُ هَذَا تَغْلِيظٌ مِنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجْمَ إِنَّمَا يَجِبُ على الزاني والزاني من وطىء فَرْجًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي وَطْئِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَسَرَّ ذَلِكَ فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا فِي مَنْزِلِهَا فَرَآهُ جَارٌ لَهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَقَذَفَهُ بِهَا فَخَاصَمَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَذَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى جَارَتِي وَلَا أَعْلَمُهُ تَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهُ قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى شَيْءٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 469 دُونٍ فَأَخْفَيْتُ ذَلِكَ قَالَ فَمَنْ شَهِدَكُمْ قَالَ أَشْهَدْنَا بَعْضَ أَهْلِهَا قَالَ فَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهِ وَقَالَ أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَحَصِّنُوا هَذِهِ الفروج قال وحدثني بن فضيل عن ليث عن طاووس قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ قَدْ حَمَلَتْ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَتْ تَزَوَّجَنِي فُلَانٌ فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُهَا بِشَهَادَةٍ مِنْ أُمِّي وَأُخْتِي فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَدَرَأَ عَنْهُمَا الْحَدَّ وَقَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ لَا يَصْلُحُ نِكَاحُ السِّرِّ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ سَمِعْتُ نافعا - مولى بن عُمَرَ - يَقُولُ لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ نِكَاحُ سِرٍّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ شَرُّ النِّكَاحِ نكاح السر وروى معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْفَرْقُ مَا بَيْنَ السِّفَاحِ وَالنِّكَاحِ الشُّهُودُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُعَاقَبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ نِكَاحُ السِّرِّ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يُسْتَكْتَمَ الشُّهُودُ أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّهُودِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ إِلَى التستر وترك الإعلان وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَوْ تَزَوَّجَ بِبَيِّنَةٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ لَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ وَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى غَيْرِ اسْتِسْرَارٍ جاز واستشهدا فيما يستقبلان وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَيَسْتَكْتِمُهَا قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَطْلِيقَةٍ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَهَا صَدَاقُهَا إِنْ كَانَ أَصَابَهَا وَلَا يُعَاقَبُ الشَّاهِدَانِ إِنْ كَانَا جَهِلَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا أَتَيَا ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عُوقِبَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا تَزَوَّجَهَا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا اكْتُمَا جَازَ النِّكَاحُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى صَاحِبِنَا قَالَ كُلُّ نِكَاحٍ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حَدِّ السِّرِّ وَأَظُنُّهُ حَكَاهُ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالسِّرُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ رَجُلَانِ فَصَاعِدًا وَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 قَالَ أَبُو عُمَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ يَرَى أَنَّ النِّكَاحَ مُنْعَقِدٌ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ الْمَالِكَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا وَوَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَوْ رِضَا الْوَلِيَّيْنِ فِي الصِّغَارِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ الْبَوَالِغِ الْكِبَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِهِ فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَيْسَ الشُّهُودُ فِي النِّكَاحِ عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِضِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ عَقْدُهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِهِ أَنَّ الْبُيُوعَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الْإِشْهَادَ عِنْدَ الْعَقْدِ قَدْ قَامَتِ الدَّلَالَةُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ الْبُيُوعِ فَالنِّكَاحُ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ فِيهِ الْإِشْهَادَ أَحْرَى بِأَنْ لَا يَكُونَ الْإِشْهَادُ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ فَرَائِضِهِ وَإِنَّمَا الْفَرْضُ الْإِعْلَانُ وَالظُّهُورُ لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَالْإِشْهَادُ يَصْلُحُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلتَّدَاعِي وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا يَنْعَقِدُ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((أَعْلِنُوا النِّكَاحَ)) وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا هُوَ قول بن شِهَابٍ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشُهُودٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ أَقَلُّ ذَلِكَ شَاهِدَا عَدْلٍ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ شُهُودُ النِّكَاحِ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْجُرْحَةُ فِي حِينِ الْعَقْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ أَعْمَيَيْنِ وَمَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَفَاسِقَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِعْلَانَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي النِّكَاحِ هُوَ الْإِشْهَادُ فِي حِينِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْإِعْلَانِ الْعَدَالَةَ وَرُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصحابة علمته وعن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ الْبِغَاءُ اللَّوَاتِي يُزَوِّجْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْبَغِيَّ لَوْ أَعْلَنَتْ بِبَغْيِهَا حُدَّتْ وَلَمْ يَدْخُلْ إِعْلَانُهَا زِنَاهَا فِي بَابِ إِعْلَانٍ كَمَا أَنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الصَّدَاقِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 471 حلالا كقول بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا هُوَ تَحْرِيضٌ عَلَى الْإِشْهَادِ وَمَدْحٌ لَهُ وَنَهْيٌ عَنْ تَرْكِهِ وَذَمٌّ لَهُ لِيُوقَفَ عِنْدَ السُّنَّةِ فِيهِ وَلَا يُتَعَدَّى كَمَا قِيلَ كَسْرُ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيًّا وَمَعْلُومٌ أنه لا قول وَلَا دِيَةَ فِي كَسْرِ عَظْمِ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا اشْتَبَهْنَ فِي الْإِثْمِ كَمَا أَشْبَهَ تَرْكُ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ بِمَا يُسْتَرُ مِنَ الْفَوَاحِشِ فِي غَيْرِ الْإِثْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي نِكَاحٍ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَجَعَلَهُ سِرًّا إِذْ لَمْ تَتِمَّ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي النِّكَاحِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْكُوفِيُّونَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَلَا مَدْخَلَ عِنْدَهُمْ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ كَمَا لَا مَدْخَلَ لَهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الْحُدُودِ وَإِنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَحُكْمُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عِنْدَهُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَلَا فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ إِلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إذا أعلنوه ويشهدون بعد متى شاؤوا |