وقال مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
أَنْ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ رَشِيدٍ الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ (...)
 
وقال مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
أَنْ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ رَشِيدٍ الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ثُمَّ كَانَ الْآخَرُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ وَإِنْ كَانَ
دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ ثُمَّ لَا
يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا
قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 472
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَبَرُ بِهَذَا عَنْ عُمَرَ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ
الْعِرَاقِ
وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وبن مَسْعُودٍ خِلَافُهُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
قَالَ يَتَزَوَّجُهَا إِنْ شَاءَ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ يَتَزَوَّجُهَا إِنْ شَاءَ إِذَا انْقَضَتْ عدتها
وعن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِامْرَأَةٍ نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا وَدُخِلَ بِهَا
فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا الْأُولَى ثُمَّ تَعْتَدَّ مِنْ هَذِهِ عِدَّةً مُسْتَقْبَلَةً
فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ نَكَحَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَلَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ بِهَا فُرِّقَ
بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبَدًا
وَزَادَ مَالِكٌ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنَ الْأَوَّلِ فَلَا بَأْسَ
أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْآخَرُ فَهَؤُلَاءِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ قَالُوا بِقَوْلِ عَلِيٍّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ بِقَوْلِ عُمَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ زَنَا بِهَا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا
وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فَالنِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ أَحْرَى بِذَلِكَ
وَأَمَّا طُلَيْحَةُ هَذِهِ فَهِيَ طُلَيْحَةُ بِنْتُ عبيد الله أخت طلحة بن عبيد الله التَّيْمِيِّ
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ((الْمُوَطَّأِ)) مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى طُلَيْحَةُ الْأَسَدِيَّةُ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَجَهْلٌ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ وَإِنَّمَا هِيَ تَيْمِيَّةٌ أُخْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ
صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَدِ الْعَشْرَةِ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ بن الْمُسَيَّبِ أَنَّ طُلَيْحَةَ بِنْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ نَكَحَتْ رشيد
الثَّقَفِيَّ فِي عِدَّتِهَا فَجَلَدَهَا عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَضَى أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فِي
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 473
عِدَّتِهَا فَأَصَابَهَا فَإِنَّهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَتَسْتَقْبِلُ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ
ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا مِنَ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْتَكْمِلَ بَقِيَّةَ
عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَخْطُبُهَا مَعَ الْخُطَّابِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَا أَدْرِي كَمْ بَلَغَ ذَلِكَ الْجَلْدُ
قَالَ وَجَلَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي ذَلِكَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ جَلْدَةً
قَالَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ فَقَالَ لو كنتم خففتم فجلدتم عشرين
ورواه بن جريج عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ حَدِيثَ مَعْمَرٍ وحديث معمر أتم
ولم يذكر بن جُرَيْجٍ جَلْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَوْلَ قَبِيصَةَ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ اختلفا
فقال بن المسيب لها صداقها
وقال بن يسار صداقها في بيت المال
وقال بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ وَعَمْرٌو - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ - أَنَّ رَشِيدَ
بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ مِنْ بَنِي مُعَتِّبٍ الثَّقَفِيَّ نَكَحَ طُلَيْحَةَ ابنة عبيد الله أخت طليحة
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهَا مِنْ آخَرَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ إِذَا دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ
بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنْ
هَذَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا ثم ينكحها أن شاءت
قُلْتُ ذَكَرُوا جَلْدًا قَالَ لَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ
كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ قَوْلَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ بن
شِهَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا رُجُوعُ عُمَرَ عَنْهُ وَمِنْهَا
أَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ قَضَتْ بِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ الْبَاطِلِ مَهْرَهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فِقْهِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِلْمِهِ بِالْأَثَرِ وَحُسْنِ اخْتِيَارِهِ
وَرَوَى الثَّوْرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ
مَهْرُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 474
قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي أَشْعَثُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ
لَهَا مَهْرَهَا وَجَعَلَهُمَا يَجْتَمِعَانِ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ بِذَلِكَ كُلِّهِ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ بُرْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ
فَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ
قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُهَا فِي بيت المال هو بما أصابها من فرجها
قال وحدثني بن عُلَيَّةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا
وَيُجْعَلُ صَدَاقُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ
وَقَالَ عَلِيٌّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا
قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلَ قَوْلِ
عَلِيٍّ سَوَاءً
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
قال وحدثني بن نُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَضَى عُمَرُ فِي
امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مَا عَاشَا وَيُجْعَلَ صَدَاقُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ
وَقَالَ كَانَ نِكَاحُهَا حَرَامًا وَصَدَاقُهَا حَرَامًا
وَقَضَى فِيهَا عَلِيٌّ أَنْ يُفَرِّقَهُمَا وَتُوَفِّيَ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ
قُرُوءٍ وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ خَطَبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْخَبَرِ قِصَّةَ عُمَرَ
وَقِصَّةَ عَلِيٍّ
وَلَمْ يَرْوِ عَنِ الشَّعْبِيِّ رُجُوعَ عُمَرَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَهَا بِإِصَابَتِهِ لَهَا وَأَنَّهُمَا
يَتَنَاكَحَانِ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ إِنْ شَاءَ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ
وَكَانَ وَجْهُ مَنْعِ عُمَرَ أَنْ يَتَنَاكَحَا بَعْدَ تَمَامٍ بَعْدَ أَنْ مَسَّهَا عُقُوبَةً وَجَعَلَ مَهْرَهَا فِي
بَيْتِ الْمَالِ عُقُوبَةً إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ عَلَى مَا
ذَكَرْنَا وَهِيَ السُّنَّةُ فِي كُلِّ مَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي نَعِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قال أخبرنا بن الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنِي أَشْعَثُ عَنِ
الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ قريش تزوجها
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 475
رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فِي عِدَّتِهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا يفرق بَيْنَهُمَا وَعَاقَبَهُمَا وَقَالَ لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا
وَجَعَلَ صَدَاقَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَبَلَغَ عَلِيًّا فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أَمِيرَ
المؤمنين ما قال الصَّدَاقِ وَبَيْتِ الْمَالِ إِنَّمَا جَهِلَا فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا إِلَى السُّنَّةِ
قِيلَ فَمَا تَقُولُ أنت فيهماقال لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا
جَلْدَ عَلَيْهِمَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنَ الثَّانِي عِدَّةً كَامِلَةً ثلاثة قروء ثُمَّ
يَخْطُبُهَا إِنْ شَاءَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ! رُدُّوا
الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعِدَّةِ مِنَ اثْنَيْنِ على حسب هذه القضية
فقال مالك في رواية بن القاسم والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ
إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّ عِدَّةً وَاحِدَةً تَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَتِ
الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْحَيْضِ أَوْ بِالشُّهُورِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تُتِمُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ
الْأَوَّلِ وَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةً أُخْرَى مِنَ الْآخَرِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمْرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا - وَهِيَ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ مالك
والحجة لما رواه بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ
الْأَوَّلَ يَنْكِحُهَا فِي بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ مِنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنَ الْآخَرِ
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَنَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَّلِ مِنْ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي
بَقِيَّةِ عِدَّتِهَا إِنَّمَا وَجَبَ لِمَا يَتْلُوهَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي وَهُمَا حَقَّانِ قَدْ وَجَبَا عَلَيْهَا لِلزَّوْجَيْنِ
كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي صَاحِبِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ
فَمَرَّةً قَالَ الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ وَالْجَاهِلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ خَبَرِ عُمَرَ
وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ
وَالصَّدَاقُ فِيهِ لَازِمٌ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَلَا يُعَاقَبَانِ وَلَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا
وَمَرَّةً قَالَ الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ كَالزَّانِي يُحَدُّ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَنْكِحُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ
وَالْأَوَّلُ عَنْهُ أَشْهَرُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ يَتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أشهر
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 476
وَعَشْرًا إِنَّهَا لَا تِنْكِحُ إِنِ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ إِذَا
خَافَتِ الْحَمْلَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ والعشرة لا تبرىء
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ تَحِيضَ فِيهِنَّ أَقَلَّ شَيْءٍ حَيْضَةً وَأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَحِضْ
مُرْتَابَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرُ حَيْضَتِهَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ فَلَا
رِيبَةَ - حِينَئِذٍ - بِهَا إِلَّا أَنْ تَتَّهِمَ نَفْسَهَا بِحَمْلٍ
وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا انْقَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ
بِغَيْرِ مَخَافَةٍ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهَا حَمْلًا جَازَ لَهَا النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ يَنْكَسِرُ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنْ شَرَطَ
الْحَمْلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ