مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا تُنْكَحُ
الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقِسْمِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي لِحُرٍّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَلَا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا تُنْكَحُ
الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقِسْمِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي لِحُرٍّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَلَا يَتَزَوَّجُ أَمَةً إِذَا لَمْ
يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ
فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) النِّسَاءِ 25 وَقَالَ (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) النِّسَاءِ 25
قَالَ مالك والعنت هو الزنى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَنْ عِنْدَهُ حُرَّةٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ
أَيْضًا قَوْلُ مَالِكٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 477
فقال مالك في رواية بن وَهْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْأَمَةَ عَلَى
الْحُرَّةِ وَالْحُرَّةُ بِالْخِيَارِ
قَالَ وَإِنْ تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَالْحُرَّةُ تَعْلَمُ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ ثَبَتَ الخيار
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْهُ فِي الْأَمَةِ تُنْكَحُ عَلَى الْحُرَّةِ أَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ
تُخَيَّرُ الْحُرَّةُ إِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ
قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ يَجِدُ الطَّوْلَ قَالَ أَرَى أَنْ يُفَرَّقَ
بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يَخَافُ الْعَنَتَ قَالَ وَالشَّرْطُ يَضُرُّ بِهِ ثُمَّ خَفَّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْتُ فَإِنْ
كَانَ لَا يَخْشَى الْعَنَتَ قَالَ كَانَ يَقُولُ مَرَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ
أَمَةً وَعِنْدَهُ حُرَّةٌ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ عَلَى إِذَنِ
الْحُرَّةِ وَغَيْرِ إِذْنِهَا
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ - فِي رِوَايَةٍ - وَالْحَسَنِ وَالزَّهْرِيِّ
قَالَ عَطَاءٌ جَازَ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ إِذَا رَضِيَتِ الْحُرَّةُ بِذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْأَمَةِ
الثُّلُثُ مِنَ الْقِسْمَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلْحُرَّةِ وَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ الْحُرَّةَ
بِالْخِيَارِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي نكاح الحرة على الأمة فقد تقدم مالك في ذلك أيضا
وهو قول بن شِهَابٍ
وَأَجَازَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يجيزون نكاح الحرة
على الأمة ولا يجيز نِكَاحَ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب
قال يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ إِذْنَ الْحُرَّةِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ تَزْوِيجُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ طَلَاقٌ لِلْأَمَةِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 478
وهو قول بن عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ يُفَارِقُ الْأَمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا
وَقَالَ مَسْرُوقٌ مَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَوَجَدَ سَعَةً وَنَكَحَ حُرَّةً طُلِّقَتِ الْأَمَةُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ
كَالْمَيْتَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْمُضْطَرِّ ثُمَّ يَجِدُ مَا يَأْكُلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ المحصنات
المؤمنات) النساء 25 يعني الحرائر والمؤمنات (فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 25
يَعْنِي مِلْكَ الْيَمِينِ مِنْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً عِنْدَ الْجَمِيعِ
(مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) النِّسَاءِ 25 يَقُولُ مِنْ إِمَائِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ
وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِمَّا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الطَّوْلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
فَقَالَ أكثر أهل العلم الطول المال
ومعناه ها هنا وُجُودُ صَدَاقِ الْحُرَّةِ فِي مِلْكِهِ
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَالِكٌ فِي بَعْضِ أَقَاوِيلِهِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذِّلِ قال عبد الملك الطول كلما يَقْدِرُ بِهِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ
عَرَضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَا قَالَ
وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ أَوْ إِجَارَتُهُ فَهُوَ طَوْلٌ
قَالَ وَلَيْسَتِ الزَّوْجَةُ وَلَا الزَّوْجَتَانِ وَلَا الثَّلَاثُ طَوْلًا
قَالَ وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يُنْكَحُ بِهَا وَلَا يَصِلُ بِهَا إِلَى غَيْرِهَا
قَالَ أبو عمر روي عن بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا الطَّوْلُ الْمَالُ
فَمَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ فَهُوَ طَوْلٌ وَاحِدٌ
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالُوا وَحَدَّثَنِي قَاسِمُ
بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ طلحة عن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ
طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)
النِّسَاءِ 25
يَقُولُ هَذَا لِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَعَةٌ أَنْ يَنْكِحَ الْحَرَائِرَ فَلْيَنْكِحْ مِنْ إِمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ لِمَنْ
خَشِيَ الْعَنَتَ وَهُوَ الْفُجُورُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَحْرَارِ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً إِلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى
حُرَّةٍ وَيَخْشَى الْعَنَتَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 479
قَالَ وَإِنْ تَصْبِرُوا عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ خَيْرٌ لكم
وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ مَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ فَلَا يَنْكِحْ أَمَةً
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَرُوبَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ لِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ طَوْلًا وَخَشِيَ الْعَنَتَ
عَلَى نَفْسِهِ
وَعَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَا ارْتَجَفَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَنِ الزنى إِلَّا قَلِيلًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
(وَأَنْ تَصْبِرُوا) النِّسَاءِ 25 يَعْنِي عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ خَيْرٌ لَكُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْفُتْيَا بِالْأَمْصَارِ
لِأَحَدٍ مِنَ الْأَحْرَارِ أَنَّ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي
هَذِهِ الْآيَةِ وَهُمَا عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ
فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ جَائِزٌ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَزَوَّجُ الَّتِي يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ منها الزنى بِهَا دُونَ غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ
مُوسِرًا
وَرَوَى بن المبارك وعبد الرزاق وبن جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِنِكَاحِ الْأَمَةِ إِنْ
خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ إِنْ خَشِيَ الْعَنَتَ فَلْيَتَزَوَّجْهَا
يَعْنِي الْحُرَّ وَإِنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ مَنْ هُوَ يَعْنِي الْحُرَّ وَإِنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ
عَنْ جَابِرٍ قَوْلٌ مُجْمَلٌ مَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَمَةُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَنَتَ
وَرَوَى شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ قَالَ إِذَا خَشِيَ الْعَنَتَ
فَلَا بَأْسَ
وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةٍ
وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ مَنْ له طول وحده وَإِنْ لَمْ يَخَفِ الْعَنَتَ إِلَّا أَنْ
تَكُونَ عنده حرة
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 480
فَمَنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ حُرَّةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ
هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَطَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ
وَالطَّوْلُ عِنْدَهُمْ وُجُودُ حُرَّةٍ فِي عِصْمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْإِمَاءِ
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ حُرَّةٌ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا
وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ نِكَاحُ الْإِمَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ
مِنَ النِّسَاءِ) النِّسَاءِ 3 يَعْنِي مَا حَلَّ
وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ وَالْكِتَابِيَّاتِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الَّذِي يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَالَ هُوَ
مِمَّا وَسَّعَ اللَّهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا
قَالَ وَبِهِ يَأْخُذُ سُفْيَانُ وَيَقُولُ لَا بَأْسَ بِنِكَاحِ الْأَمَةِ وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عن نكاح الأمة
فحدثني عن بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - قَالَ إِذَا نُكِحَتِ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ كَانَ لِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ قَالَ وَلَمْ يَرَ
بِهِ عَلِيٌّ بَأْسًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ نِكَاحَ الْأَمَةِ لِوَاجِدِ الطَّوْلِ عَلَى حُرَّةٍ قَالَ شَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى فِي
نِكَاحِ الْإِمَاءِ عَدَمَ الطَّوْلِ وَخَوْفَ الْعَنَتِ وَهُوَ كَشَرْطِهِ عَدَمَ الْخَوْفِ مِنَ الْجَوْرِ فِي
إِبَاحَةِ الْأَرْبَعِ مِنَ الْحَرَائِرِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا) النِّسَاءِ 25 إِلَى قَوْلِهِ (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ
مِنْكُمْ) النِّسَاءِ 25 كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ
وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النِّسَاءِ 3
وَقَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَإِنْ خَافَ أَلَّا يَعْدِلَ
قَالُوا فَكَذَلِكَ لَهُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ غَيْرَ خَائِفٍ لِلْعَنَتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَطَ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ فِي
مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى شَرْطِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلَ قَوْلِهِ
فِي آيَةِ الظِّهَارِ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) الْمُجَادَلَةِ 4 فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ
الْإِطْعَامَ لَا يَجُوزُ لِمُسْتَطِيعِ الصِّيَامِ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ) النِّسَاءِ 4 فِي الْقَتْلِ وَفِي كفارة
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 481
الْيَمِينِ (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) الْمَائِدَةِ 89
وَلَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا ذَكَرَ اللَّهُ وَجُودَهُ
فِي الْآيَتَيْنِ
وَأَمَّا شَرْطُ الْخَوْفِ فِي نِكَاحِ الْأَرْبَعِ فَهُوَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِشَرْطِ الْخَوْفِ فِي الْقَصْرِ
بِالسَّفَرِ وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْرَ لِلْآمِنِ
وَكَذَلِكَ بَيَّنَ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ لِلْحُرِّ مَعَ الْخَوْفِ أَلَّا يَعْدِلَ لِأَنَّ خَوْفَهُ لَيْسَ بِيَقِينٍ
وَالْقَوْلُ فِي هَذَا يَطُولُ وَفِيمَا لَوَّحْنَا بِهِ كِفَايَةٌ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ الطَّوْلَ وَيَخْشَى الْعَنَتَ مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ
فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الْإِمَاءِ أَرْبَعًا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وبن شهاب والزهري وَالْحَارِثِ الْعُكَلِيِّ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الْإِمَاءِ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الْإِمَاءِ إلا واحدة
وهو قول بن عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ وَجَمَاعَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ