مَالِكٌ أَنَّهُ سأل بن شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ فَاشْتَرَاهَا وَقَدْ
كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَقَالَ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَبُتَّ طَلَاقَهَا فَإِنْ بَتَّ طَلَاقَهَا فَلَا
تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ سأل بن شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ فَاشْتَرَاهَا وَقَدْ
كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَقَالَ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَبُتَّ طَلَاقَهَا فَإِنْ بَتَّ طَلَاقَهَا فَلَا
تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ طَلَّقَهَا) - يَعْنِي الثَّالِثَةَ - (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 230 فَلَمْ يَجْعَلْهَا حَلَالًا إِلَّا بِنِكَاحِ الزَّوْجِ لَهَا لَا بِمِلْكِ
يَمِينِهِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 483
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وكان بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ يَقُولُونَ إِذَا اشْتَرَاهَا الَّذِي بَتَّ طَلَاقَهَا حَلَّتْ لَهُ بِمِلْكِ
الْيَمِينِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 25
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَطَأٌ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 25
لَا يُبِيحُ الْأُمَّهَاتِ وَلَا الْأَخَوَاتِ وَلَا الْبَنَاتِ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ
وَقَالَ عَطَاءٌ لَوِ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ فَأَصَابَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا جاز له نكاحها ولو لم يصبها بعد
ما اشْتَرَاهَا حَتَّى أَعْتَقَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ
وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِحَالٍ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ
وَأَمَّا وَطْءُ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الَّتِي قَدْ بَتَّ طَلَاقَهَا زَوْجُهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ
هَلْ يُحِلُّهَا ذَلِكَ الْوَطْءُ لِزَوْجِهَا أَمْ لَا
فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ يَبُتُّهَا زَوْجُهَا ثُمَّ يَطَأُهَا
سَيِّدُهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا أن يراجعها
فقال ليس بزوج
ذكر بن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ
الْأَصْفَرِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزِيدٌ قَالَ
فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ قَالَا هُوَ زَوْجٌ فقام علي مغضبا كرها لِمَا قَالَا وَقَالَ
لَيْسَ بِزَوْجٍ لَيْسَ بِزَوْجٍ
قَالَ وَحَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لَيْسَ بِزَوْجٍ -
يَعْنِي السَّيِّدَ
وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدَةَ وَمَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي
الزِّنَادِ
وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالزُّبَيْرِ خِلَافُ ذَلِكَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 484
رَوَى هُشَيْمٌ أَيْضًا عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ هُوَ زَوْجٌ إذا لم يرد
الإحلال
قال بن أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنِي عَبْدَةُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ
وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ
غَشِيَهَا سَيِّدُهَا غَشَيَانًا لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةً وَلَا إِحْلَالًا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا بِخِطْبَةٍ
وَصَدَاقٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَيَكُونَا مِمَّنْ يَرَى الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ أَوْ
يَكُونَ حُرًّا فَيَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ الطَّلَاقُ بِالنِّسَاءِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَنْكِحُ الْأَمَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ
الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَهِيَ لِغَيْرِهِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ إِيَّاهَا
قَالَ مَالِكٌ وَإِنِ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ ثُمَّ وَضَعَتْ عِنْدَهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِذَلِكَ الْحَمْلِ
فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَئِمَّةِ الْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ تَلْخِيصُهُ إِنْ مَلَكَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ ولد له وإن ملكها
بعد ما وَلَدَتْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ مَلَكَهَا حَامِلًا حَتَّى تَحْمِلَ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ
وَنَحْوَهُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا تَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا وَلَدَتْ مَنْ يَكُونُ تَبَعًا لِأَبِيهِ
وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِذَا كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ مَوْطُوءَةً بِنِكَاحٍ
فَإِذَا وُطِئَتْ بِمِلْكِ يَمِينٍ كَانَ وَلَدُهَا تَبَعًا لِأَبِيهِ وَصَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ
وَأَمَّا إِذَا وَلَدَتْ وَهِيَ أَمَةٌ فَوَلَدُهَا غَيْرُ تَبَعٍ لَهَا فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ
وَهَذَا وَاضِحٌ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 485