مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ
هُنَّ أُولَاتُ الْأَزْوَاجِ وَيَرْجِعُ ذلك إلى أن الله حرم الزنى
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ
ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنَ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ
هُنَّ أُولَاتُ الْأَزْوَاجِ وَيَرْجِعُ ذلك إلى أن الله حرم الزنى
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ
ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنَ السَّبَايَا خَاصَّةً
وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي السَّبَايَا اللَّاتِي لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي بِلَادِهِنَّ سُبِينَ مَعَهُمْ أَوْ دُونَهُمْ
وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ السَّبْيَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ بينهم
روي ذلك عن علي وبن عَبَّاسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وبن
مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
وروي ذلك عن أبي سعيد الخدري سندا ذكره بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى
عن سعيد عن قتادة أن أبا علقمة الهاشمي حدثه أن أبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَرِيَّةً فَأَصَابُوا حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ يَوْمَ
أَوْطَاسٍ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ نِسَاءً لَهُنَّ أَزْوَاجٌ
وَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَثَّمُوا مِنْ غَشَيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ
أَزْوَاجِهِنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ما ملكت أيمانكم) النساء 24
يعني
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 497
مِنْهُنَّ فَحَلَالٌ لَكُمْ فَاقْتَصَرَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى
السَّبَايَا ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ خَاصَّةً اللَّائِي فِيهِنَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ
وَقَالُوا لَيْسَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا لِأَنَّ الْآيَةَ فِي السَّبَايَا خَاصَّةً
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ
الصَّوَابُ وَالْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِي الْحَدِيثِ (قَوْلٌ أَوَّلٌ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهَا وَلَوْ كَانَ بَيْعُ
الْأَمَةِ طَلَاقَهَا مَا خُبِرَتْ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ كُلُّ أَمَةٍ ذَاتِ زوج وسبيها طلاق لها وتحل
فليشتريها بِمِلْكِ الْيَمِينِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 24
قَالُوا فَكُلُّ مَنْ مَلَكَ أَمَةً فَهِيَ لَهُ حَلَالٌ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ ذَاتَ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ
ذَاتِ زَوْجٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقًا لَهَا لِأَنَّ الْفَرْجَ
يَحْرُمُ عَلَى اثْنَيْنِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ عَلَى اتِّفَاقٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
وَيَجْتَمِعُ فِي هَذَا الْقَوْلِ مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ بيع الأمة طلاقها
وممن قال بذلك بن مسعود ومالك وبن عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا
قَالَ وحدثني أبو أسامة عن الأشعث عن الحسن وعن سعيد عن قتادة عن بن
عباس وجابر وأنس قَالُوا بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ
وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عن حماد عن إبراهيم قال قال بن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 24
قَالَ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ
وَقَالَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ وَإِنْ كُنَّ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ
كُلُّ مُحْصَنَةٍ عَفِيفَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ وَغَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 498
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَيَرْجِعُ ذلك إلى أن الله تعالى حرم الزنى وَكَانَ هَؤُلَاءِ قَدْ جَعَلُوا النِّكَاحَ وَمِلْكَ الْيَمِينِ
سَوَاءً
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ عِنْدَهُمْ (إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 24 يَعْنِي تَمْلِكُونَ
عِصْمَتَهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَتَمْلِكُونَ الرَّقَبَةَ بِالشِّرَاءِ فَكَأَنَّهُنَّ كُلَّهُنَّ مِلْكُ يَمِينٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَزِنًا
وَرَوَى معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعًا فِي
أَوَّلِ السُّورَةِ وَحَرَّمَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ بِالنِّكَاحِ وبالشراء
وروى معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ 24 قَالَ زَوْجَتُكَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَيَقُولُ حَرَّمَ الله الزنى فَلَا
يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَطَأَ امْرَأَةً إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ