مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلك
قال أَبُو عُمَرَ اسْتِحْسَانُ مَالِكٍ لِمَا قَالَهُ رَبِيعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ
عِنْدَهُ بَيَانُ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ الِاخْتِلَافَ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلك
قال أَبُو عُمَرَ اسْتِحْسَانُ مَالِكٍ لِمَا قَالَهُ رَبِيعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ
عِنْدَهُ بَيَانُ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِيمَا يُوَافِقُ قَوْلَ رَبِيعَةَ
وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هذا الباب ما رواه بن وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ
قَالَ سَأَلْتُ سَالِمًا وَالْقَاسِمَ عَنِ الْعَبْدِ كَمْ يَتَزَوَّجُ قال أربعا
وذكر بن أبي شيبة قال حدثني بن عُيَيْنَةَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ
أَرْبَعًا
وَقَالَ عَطَاءٌ اثْنَتَيْنِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ يَنْكِحُ العبد أربعا
قال وحدثني بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْ
ذَلِكَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 511
قال وحدثني بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ
قَالَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَتَزَوَّجُ أَرْبَعًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَحُجَّتُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ
(فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) النِّسَاءِ 3 يَعْنِي مَا حَلَّ لَكُمْ (مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)
النِّسَاءِ 3 وَلَمْ يَخُصَّ عَبْدًا مِنْ حُرٍّ
وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ
وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عَلَى مَا فِي ((مُوَطَّئِهِ))
وَكَذَلِكَ رَوَى عنه بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ عَنْهُ إِنَّا لَنَقُولُ ذَلِكَ وَمَا
نَدْرِي مَا هُوَ
وذكر بن المواز أن بن وَهْبٍ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا اثْنَتَيْنِ
قَالَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ أَكْثَرَ
مِنِ اثْنَتَيْنِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الْعَبْدِ
لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْنِ
وَلَا أَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ -
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ يَنْكِحُ الْعَبْدُ
اثْنَتَيْنِ
وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلَ النَّاسَ كَمْ يَحِلُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
اثْنَتَانِ فَصَمَتَ عُمَرُ
قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَهُ عمر وافقت الذي في نفسي
وذكر بن أبي شيبة قال حدثني بن أبي زائدة عن بن عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 512
سِيرِينَ قَالَ قَالَ عُمَرُ مَنْ يَعْلَمُ مَا يَحِلُّ لِلْمَمْلُوكِ مِنَ النِّسَاءِ
فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ كَمْ قَالَ امْرَأَتَانِ فَسَكَتَ عُمَرُ
قَالَ وَحَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ لَا
يَنْكِحُ الْعَبْدُ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي الْمُحَارِبِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ أَجْمَعَ أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَجْمَعُ مِنَ النِّسَاءِ أَرْبَعًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وعطاء وبن سِيرِينَ وَالْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَتَادَةَ
وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ عَلَى طَلَاقِهِ وَحُدُودِهِ
وَكُلُّ مَنْ قَالَ حَدُّهُ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَطَلَاقُهُ تَطْلِيقَتَانِ وَإِيلَاؤُهُ شَهْرَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ
أَحْكَامِهِ فَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنْ يُقَالَ تَنَاقَضَ فِي قَوْلِهِ يَنْكِحُ أَرْبَعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ وَالْعَبْدُ مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبث نِكَاحُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ
فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَالْمُحَلِّلُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ التَّحْلِيلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ
وَمَعَانِي أَقْوَالِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ
وَأَمَّا نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ مَوْقُوفٌ
عَلَى إِجَازَةِ السَّيِّدِ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ
وَهُوَ قول ليث والكوفيين إلا أنهم اختلفوا من ذلك فِيمَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَ عَبْدِهِ جَازَ وَإِنْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ مَوْلَاهُ
نِكَاحَهُ ذَلِكَ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ
قَالَ وَكُلُّ عَبْدٍ يَنْكِحُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَالطَّلَاقُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ نَكَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَالطَّلَاقُ
إِلَيْهِ لَيْسَ إِلَى سيده منه شيء
قال ولو أن عَبْدًا نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَعَلِمَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَجَزْتُهُ فِي
نِكَاحِهِ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا
قَالَ وَلَوْ كَانَ بيعا فقد أَجَزْتُ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ لَمْ يَلْزَمِ الْبَيْعُ
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إِذْنِ (مَوْلَاهَا) نِكَاحُهَا بَاطِلٌ أَجَازَهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 513
مَوْلَاهَا أَوْ لَمْ يُجِزْهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَالْأَمَةُ لَا تَلِي عَقْدَ
النِّكَاحِ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا بَلَغَ السَّيِّدَ نِكَاحُ عَبْدِهِ وَأَجَازَهُ جَازَ وَإِنْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ
أَنْ يُجِيزَ الْمَوْلَى لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ وَكَانَتْ مُشَارِكَةً لِلنِّكَاحِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ إِذَا أَجَازَهُ الْمَوْلَى قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ
وَحَكَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا تَجُوزُ إِجَازَةُ الْمَوْلَى وَلَمْ يُجِزْهُ لِأَنَّ
الْعُقْدَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يَصِحُّ إِجَازَتُهَا فَإِنْ أَرَادَ النِّكَاحَ اسْتَأْنَفَهُ عَلَى سُنَّتِهِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سيده
وقد كان بن عُمَرَ يَعُدُّ الْعَبْدَ بِذَلِكَ زَانِيًا وَيَحُدُّهُ
وَذَكَرَ عبد الرزاق عن بن عمر عن نافع عن بن عُمَرَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ أَخَذَ عَبْدًا لَهُ نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَبْطَلَ
صَدَاقَهُ
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ
كَانَ يَرَى نِكَاحَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ زِنًا وَيَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ وَيُعَاقِبُ الذين أنكحوهما
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَيُّمَا عَبْدٍ نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ
عَاهِرٌ))
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هُوَ نِكَاحٌ حَرَامٌ فَإِنْ نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ مَنْ
يَسْتَحِلُّ الْفَرْجَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ بِالْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَلَكِنَّ
الِاخْتِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ
فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 514
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ
ومجاهد والحسن وبن سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وبن شِهَابٍ
وَمَكْحُولٍ وَشُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ
ولم يختلف عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّيِّدِ
وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَفِرْقَةٌ
وَهُوَ عِنْدَ العلماء شذوذ لا يعول عليه وأظن بن عَبَّاسٍ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ -
عَزَّ وَجَلَّ - (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) النَّحْلِ 75
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجِيزَ نِكَاحَ عَبْدِهِ الْمُنْعَقِدَ
بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا قُرْبًا وَلَا بُعْدًا
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ وَعَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا
تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ أَذِنَ الْمَوْلَى فَهُوَ جَائِزٌ
وَشُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ مِثْلَهُ
وَشُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ إِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى جَازَ
قَالَ وَقَالَ حَمَّادٌ يَسْتَأْنِفُ النِّكَاحَ
وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنْ شَاءَ السَّيِّدُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّهُمَا عَلَى
نِكَاحِهِمَا
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدَةَ بْنِ سَلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَا إِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَجَازَ النِّكَاحَ
وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ إِذَا مَلَكَتْهُ امرأته والزوج يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ إِنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
صَاحِبَهُ يَكُونُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا
قَالَ مَالِكٌ وَالْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ إِذَا مَلَكَتْهُ وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلَّا بِنِكَاحٍ
جَدِيدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْمَرْأَةِ تَمْلِكُ زَوْجَهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَالثَّوْرِيُّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ مِلْكَهَا لَهُ يُبْطِلُ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 515
وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ وَإِنَّمَا هُوَ فسخ النكاح فإنهم يؤيدون ذلك أَنَّهُ إِذَا نَكَحَهَا
وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى عِصْمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ كَامِلَةٍ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ
إِلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَآتِ بِالنِّكَاحِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمِلْكِهَا لَهُ فَهُوَ طَلَاقٌ
وَقَالَتْ بِهِ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ قَتَادَةُ
فَعَلَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ يكون عنده على طلقتين إن طلقها طلقتين حَرُمَتْ عَلَيْهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا مَلَكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهَا وَلَا يُتْرَكُ مَمْلُوكًا لَهَا
وَقَدْ كَانَ يَطَأُهَا قَبْلَ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَطَأَهَا مَنْ
تَمْلِكُهُ وَأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا
عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) الْمُؤْمِنُونَ 5 6 وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
عُنِيَ بِهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَلَكِنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ مِلْكِهَا لَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا
يَجُوزُ لِغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ حِينَ
مَلَكَتْهُ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا
وَلَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَنَّهَا أَيْضًا بِمِلْكِهَا لَهُ يَفْسُدُ نِكَاحُهُمَا عَلَى مَا
تَقَدَّمَ
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ مِلْكِهَا لَهُ لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلَّا
بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَاضِحٍ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ
حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني بن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ
يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ نَكَحَتْ عَبْدَهَا فَانْتَهَرَهَا وَهَمَّ
أَنْ يَرْجُمَهَا وَقَالَ لَا يَحِلُّ لَكِ مُسْلِمٌ بَعْدَهُ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ تَسَرَّتِ امْرَأَةٌ غُلَامَهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمْرَ فَسَأَلَهَا مَا حَمَلَهَا
عَلَى ذَلِكَ فَقَالَتْ كُنْتُ أَرَاهُ يَحِلُّ لِي بِمِلْكِ يَمِينِي كَمَا تَحِلُّ لِلرَّجُلِ الْمَرْأَةُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ
فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فِي رَجْمِهَا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا تَأَوَّلَتْ
كِتَابَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا فَقَالَ عُمَرُ لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا
أُحِلُّكِ لِحُرٍّ بَعْدَهُ أبدا عاقبها بِذَلِكَ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهَا وَأَمَرَ الْعَبْدَ أَلَّا يقربها
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 516
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ حَضَرْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَاءَتْهُ
امْرَأَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ بِغُلَامٍ لَهَا رُومِيٍّ فَقَالَتْ إِنِّي اسْتَسْرَرْتُهُ فَمَنَعَنِي بَنُو عَمِّي عَنْ ذَلِكَ
وَإِنَّمَا أَنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْوَلِيدَةُ فَيَطَؤُهَا فَانْهَ عَنِّي بَنِي عَمِّي فَقَالَ عُمَرُ
أَتَزَوَّجْتِ قَبْلَهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا مَنْزِلَتُكِ مِنَ الْجَهَالَةِ لَرَجَمْتُكِ
بِالْحِجَارَةِ وَلَكِنِ اذْهَبُوا بِهِ فَبِيعُوهُ مِمَّنْ يَخْرُجُ بِهِ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الزَّوْجُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِهَا عَلَى
مَا تَقَدَّمَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ ذَلِكَ فَسْخُ نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٌ وَلَكِنَّهُ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ يَمِينِهِ وَلَا
يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَإِنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ لَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا
بِنِكَاحٍ وَصَدَاقٍ
وَلَوْ وَرِثَ أَوِ اشْتَرَى بَعْضَهَا فَإِنَّ مَعْمَرًا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى
يَسْتَخْلِصَهَا فَإِنْ أَصَابَهَا فَحَمَلَتْ فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَتُقَوَّمُ لِشُرَكَائِهِ
قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ لَمْ تَزْدَدْ مِنْهُ إلا قربا وتكون عِنْدَهُ عَلَى حَالِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ بن شِهَابٍ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ بَعْضَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا وَلَمْ
يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جَمِيعَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا لَحِقَهُ وَلَدَهَا وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ
وَأَمَّا قَوْلُ قَتَادَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا بِمِلْكِ جَمِيعِهَا وَيَطَؤُهَا بِنِكَاحِهِ وَلَا
يَزِيدُ مِلْكُ الْيَمِينِ مِنْهَا إِلَّا قُوَّةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ فَضَمِنَهُ السَّيِّدُ ثُمَّ إِنَّهُ
دَفَعَ فِيهِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ إِلَى زَوْجَتِهِ فَمَلَكَتْهُ بِمَهْرِهَا كَانَ النِّكَاحُ مَفْسُوخًا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ
بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ
وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ