مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ

عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 525
عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
((كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا)) فَقَالَ زِنَةُ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ))
هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ ((الْمُوَطَّأِ)) جَعَلُوهُ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسٍ
وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَالْخَبَرِ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى
زِنَةِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَقَالَ لَهُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَوْلِمْ وَلَوْ
بِشَاةٍ)) هِيَ بِنْتُ أُنَيْسِ بْنِ رَافِعِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ مِنَ
الْأَنْصَارِ مِنَ الْأَوْسِ وَلَدَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ابْنَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُسَمَّى الْقَاسِمُ
وَالْآخَرُ أَبُو عُثْمَانَ قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ كَمَا قِيلَ فِي اسْمِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا عَبْدُ اللَّهِ الْأَصْغَرُ والآخر عَبْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ
وَأَمَّا النَّوَاةُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ وَزْنُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَزْنُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ النَّوَاةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ نَوَاةُ التَّمْرِ أَرَادَ وَزْنَهَا مِنَ الذَّهَبِ
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَزْنُ النَّوَاةِ بِالْمَدِينَةِ رُبُعُ دِينَارٍ
قَالَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَنْصَارِيَّةً وَأَصْدَقَهَا زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَرُبُعٍ
وَجَعَلَ هَذَا الْقَائِلُ حَدِيثَ النَّوَاةِ هَذَا أَصْلًا فِي أَقَلِّ الصَّدَاقِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 526
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمِثْقَالَ وَزْنُهُ دِرْهَمَانِ عَدَدًا لَا كَيْلًا
لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ
وَدِرْهَمُ الْفِضَّةِ دِرْهَمٌ كَيْلًا وَهُوَ دِرْهَمٌ وَخُمُسَانِ وَوَزْنُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَرُبُعٍ مِنْ ذَهَبٍ
لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَكُونُ صَدَاقًا لِمَنْ شَاءَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ
فِضَّةٍ وَمِنْ رُبُعِ دِينَارٍ ذَهَبًا بَلْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ مِثْقَالَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَهُمَا دِينَارَانِ فَأَيْنَ
هُوَ رُبُعُ دِينَارٍ ذَهَبًا مِنْ هَذَا لَوْلَا الْغَفْلَةُ الشَّدِيدَةُ
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْثَرِ الصَّدَاقِ وَأَنَّهُ لَا مِقْدَارَ لَهُ عِنْدَهُمْ
وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ أَقَلِّ الصَّدَاقِ
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي بَابِ الصَّدَاقِ وَالْحِبَاءِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ
الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ فِيهِ وَبِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ تُبَيِّنُ تِلْكَ الصُّفْرَةَ مَا كانت
فيجوز على هذا الرجل أَنْ يُصَفِّرَ لِحْيَتَهُ وَثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ
وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِبَاسَ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ للرجال
وحكاه عن بن عمر وبن المنكدر وربيعة وبن هُرْمُزٍ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي
الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد بن أسلم عن أبيه أن بن عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ
بِالزَّعْفَرَانِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهِ
وَرَأَيْتُهُ أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَيْهِ
وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حدثني بن شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حدثنا إبراهيم بن سعد قال سألت بن
شِهَابٍ عَنِ الْخَلُوقِ فَقَالَ قَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّقُونَ
ولا يرون بالخلوق بأسا
قال بن شَعْبَانَ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي الثِّيَابِ دون الجسد
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 527
وَكَرِهَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا أَنْ يَصْبُغَ الرَّجُلُ ثِيَابَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ
لِحَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ
وَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَخَلِّقٌ
بِالزَّعْفَرَانِ فَقَالَ لِي يَا يَعْلَى! هَلْ لَكَ امْرَأَةٌ قُلْتُ لَا قَالَ اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ
وَحَدِيثِ عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا تَقْرَبُ الملائكة جنازة كافر
ولا جنب ولا متضمغ بِخَلُوقٍ))
وَأَحَادِيثَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجَامِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ