مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ
الْأَنْصَارِيِّ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى كَبُرَتْ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا فَنَاشَدَتْهُ
الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ
الْأَنْصَارِيِّ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى كَبُرَتْ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا فَنَاشَدَتْهُ
الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ
فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ مَا
شِئْتِ إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَإِنْ شِئْتِ اسْتَقْرَرْتِ عَلَى مَا تَرَيْنَ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 543
مِنَ الْأَثَرَةِ وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتُكِ قَالَتْ بَلْ أَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَثَرَةِ فَأَمْسَكَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ
رَافِعٌ عَلَيْهِ إِثْمًا حِينَ قَرَّتْ عِنْدَهُ على الأثر
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا يُرِيدُ الْمَيْلَ بِنَفْسِهِ إِلَيْهَا وَالنَّشَاطَ
لها لا أنه أثره عَلَيْهَا فِي مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ وَمَبِيتٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُظَنَّ بِمِثْلِ
رَافِعٍ
أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَمَالَ إِلَى
إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ))
وَمَا أَظُنُّ رَافِعًا فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) النِّسَاءِ 128
تَرْكُ بَعْضِ حَقِّهَا
وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ كَانَتْ قِصَّةُ سَوْدَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهَبَتْ
يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ وَقَّرَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوْضَةً مِنْهَا فِي أَنْ
تَكُونَ زَوْجَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ تَبْتَغِي
بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كَانَتْ تَحْتَهُ
ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَكَرِهَ مِنْ أَمْرِهَا إِمَّا كِبَرًا وَإِمَّا غَيْرَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَتْ لَا
تُطَلِّقْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ
فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ فَنَزَلَتْ (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بعلها نشوزا أو إعراضا الآية)
النِّسَاءِ 128
وَأَرْفَعُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
إِعْرَاضًا) النِّسَاءِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 544
مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ
خَالِدِ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ هِيَ
الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَنْبُو عَيْنَاهُ عَنْهَا مِنْ دَمَامَتِهَا أَوْ فَقْرِهَا أَوْ كِبَرِهَا أَوْ سُوءِ
خُلُقِهَا وَتَكْرَهُ فراقه فإن وضعت له شيء مِنْ مَهْرِهَا حَلَّ لَهُ فَإِنْ جَعَلَتْ لَهُ مِنْ أَيَّامِهَا
فَلَا حَرَجَ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قِصَّةَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الَّتِي ذَكَرَ مَالِكٌ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ
سَوَاءً
وَزَادَ فَذَلِكَ الصُّلْحُ الَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِمَا (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) النِّسَاءِ 128
وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ وَهِشَامٌ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ هُمَا عَلَى مَا اصْطَلَحَا
عَلَيْهِ فَإِنِ انْتَقَضَتْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ عَلَيْهِمَا أَوْ يُفَارِقَهَا
قَالَ هُشَيْمٌ وَأَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِضَ وَهُوَ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْحَسَنِ هَذَا هُوَ قياس قول مالك فيمن أُنْظِرَ بِالدَّيْنِ أَوْ أَعَارَ
الْعَارِيَةَ إِلَى مُدَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ
وَقَوْلُ عُبَيْدَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ لِأَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعَ طَارِئَةٌ
لَمْ تُقْبَضْ فَجَازَ الرُّجُوعُ فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ تَمَّ كِتَابُ النِّكَاحِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَصَلَّى
اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا يَتْلُوهُ كِتَابُ الطَّلَاقِ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 545