مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ فقال بن مَسْعُودٍ فَمَاذَا قِيلَ لَكَ قَالَ قِيلَ لِي إنها قد بانت مني فقال بن مَسْعُودٍ صَدَقُوا مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ لَبَسَ عَلَى |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ
امْرَأَتِي ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ فقال بن مَسْعُودٍ فَمَاذَا قِيلَ لَكَ قَالَ قِيلَ لِي إنها قد بانت مني فقال بن مَسْعُودٍ صَدَقُوا مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْسًا جَعَلْنَا لَبْسَهُ مُلْصَقًا بِهِ لَا تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَنَتَحَمَّلَهُ عَنْكُمْ هُوَ كَمَا يَقُولُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ ذِكْرُ الْبَتَّةِ وَإِنَّمَا فِيهِمَا وُقُوعُ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَاتٍ غَيْرَ مُتَفَرِّقَاتٍ وَلُزُومُهَا وَهُوَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخِلَافُ فِيهِ شُذُوذٌ تَعَلَّقَ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ وَمَنْ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ لِشُذُوذِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهَا التَّوَاطُؤُ عَلَى تَحْرِيفِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلا أنهم يحتجون فيه بابن عباس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 وبن عباس قد اختلف عنه في ذلك ويحتجون أيضا بقول الله تعالى (الطلق مَرَّتَانِ) الْبَقَرَةِ 299 وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّمَا أَدْخَلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي بَابِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يَرَى الْبَتَّةَ ثَلَاثًا فَأَرَادَ إِعْلَامَ النَّاظِرَ فِي كِتَابِهِ بِمَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا وُقُوعُ الثَّلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ مُجْتَمِعَاتٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْفُقَهَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي هَيْئَةِ وُقُوعِهَا كَذَلِكَ هَلْ تَقَعُ لِلسُّنَّةِ أَمْ لَا مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا لَازِمَةٌ لِمَنْ أَوْقَعَهَا كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فَعِنْدَ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ لَيْسَتِ الثَّلَاثَةُ الْمُجْتَمِعَاتُ بِسُنَّةٍ وَقَعَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ أَوْ لَمْ تَقَعْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا طَلَّقَ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَكُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ قَالَ وَمَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ وَاحِدَةً كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُوقِعَ وَاحِدَةً وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَإِنْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ فَهُوَ مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوْضِعِهِ بِأَبْلَغَ مِنْ هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ مُجْتَمِعَاتٍ لَا يَقَعْنَ لِسُنَّةٍ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ فَعَلَهُ هَكَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُلْزِمُونَهُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ وَيُحَرِّمُونَ بِهِ امْرَأَتَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ كَمَا لَوْ أَوْقَعَهَا مُفْتَرِقَاتٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثني بن نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بن الحارث عن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ إِنَّ عَمَّكَ عَصَى اللَّهَ فَأَنْدَمَهُ اللَّهُ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا قَالَ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ إِذَا أُتِيَ بِرَجُلٍ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْجَعَهُ ضَرْبًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ زيد بن وهب عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّعِبِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ رَافِعِ بْنِ سَحْبَانَ قَالَ سُئِلَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ قَالَ عَصَى رَبَّهُ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ بن عُمَرَ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثوري عن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عُمَرَ مِثْلَهُ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ مِثْلَهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِهَؤُلَاءِ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا مَا خَلَا ذِكْرَهُ عن بن عَبَّاسٍ وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا طَاوُسٌ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْهُ خِلَافَهُ وَهُوَ قول الحسن والقاسم وبن شهاب وجماعة وقد روي عن بن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَطَائِفَةٍ نَحْوُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَقْعَدٍ وَاحِدٍ قَالَ لَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ بَأْسًا قَدْ طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَلَمْ تَغِبْ عَنْهُ قال وحدثني أبو سلمة عن بن عَوْفٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ وحدثني غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ أَبَى أَنْ تَبِينَ مِنْهُ امْرَأَتُهُ قَالَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قال أبو عمر وأما الرواية عن بن عَبَّاسٍ بِمَعْنَى بَلَاغِ مَالِكٍ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ في أول هذا الباب والرواية عن بن مَسْعُودٍ - أَيْضًا بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كنت جالسا عند بن عباس فأتاه رجل فقال يا بن عَبَّاسٍ! إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ مَرَّةٍ وَإِنَّمَا قُلْتُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلَاثٍ وَعَلَيْكَ وِزْرُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلى بن عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا - أَوْ قَالَ مِائَةً - قَالَ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلَاثٍ وَسَائِرُهُنَّ وِزْرًا اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عباس مثله وقال عبد الرزاق أخبرني بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى بن عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا فَقَالَ تَأْخُذُ ثَلَاثًا وَتَدَعُ تِسْعَمِائَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعِينَ قَالَ وأخبرنا بن جريج قال أخبرني بن كثير والأعرج عن بن عباس مثله وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَطَاءٍ - بَعْدَ وَفَاتِهِ - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةً قَالَ بن عَبَّاسٍ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَيَدَعُ سَبْعًا وَتِسْعِينَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سئل بن عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ قَالَ يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ رَأْسُ الْجَوْزَاءِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عمرو قال سئل بن عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَدَدَ النُّجُومِ فَقَالَ يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ رَأْسُ الْجَوْزَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَغَيْرُهُمْ يَرْوُونَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ أَنَّهُنَّ لَازِمَاتٌ وَاقِعَاتٌ وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ وَالنُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا أَنَّ الثَّلَاثَ الْمُجْتَمِعَاتِ تُحَرِّمُهَا وَالْوَاحِدَةَ تُبِينُهَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ طَلَاقِ الْبِكْرِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ وَذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى وَهْيِ رِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْهُ وَضَعْفِهَا حِينَ رَوَى عَنْهُ فِي طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ أَنَّهَا كَانَتْ تُعَدُّ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ قال أبو عمر ما كان بن عَبَّاسٍ لِيُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ إِلَى رَأْيِ نَفْسِهِ وَرِوَايَةُ طَاوُسٍ وهم وغلط لم يُعَرِّجْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ وَالشَّامِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ - مَوْلَاهُ - لَا يُعَرْفُ فِي مَوَالِي بن عباس وطاوس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 يَقُولُ إِنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ - مَوْلَاهُ - سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ بِمَا وَصَفْنَا وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ قال أخبرني بن طاوس عن أبيه قال كان بن عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَالَ لَوِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ جَعَلَ لَكَ مَخْرَجًا لَا يَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لطاوس عن بن عباس كرواية سائر أصحاب بن عَبَّاسٍ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ لَا مَخْرَجَ لَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ مِنَ الطَّلَاقِ مَا أَوْقَعَهُ وَلَوْ صح عن بن عَبَّاسٍ مَا ذَكْرَهُ طَاوُسٌ عَنْهُ وَذَلِكَ لَا يصح لرواية الثقات الجلة عن بن عَبَّاسٍ خِلَافَهُ مَا كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى مَنْ هُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَجَلُّ وَأَعْلَمُ مِنْهُ وهم عمر وعثمان وعلي وبن مسعود وبن عُمَرَ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ بَعْضِهِمْ بِذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ رَجُلًا بَطَّالًا كَانَ بِالْمَدِينَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْفًا فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ إِنَّمَا كُنْتُ أَلْعَبُ فَعَلَا عُمَرُ رَأْسَهُ بِالدُّرَّةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا فَقَالَ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي يَحْيَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً قَالَ ثَلَاثٌ تُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ عُدْوَانٌ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ مَرَّةٍ قَالَ تَأْخُذُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ يُحَاسِبُكَ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ وَحَدَّثَنِي غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ طَارِقٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةً قال ثلاث تُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ فَضْلٌ وَأَمَّا الْخَبَرُ عن بن مَسْعُودٍ بِمِثْلِ مَا رُوِيَ عَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ فَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً قَالَ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلَاثٍ وَسَائِرُهُنَّ مَعْصِيَةٌ وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ وَسَائِرُهُنَّ عُدْوَانٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فضيل عن عاصم عن بن سِيرِينَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي كَلَامٌ فَطَلَّقْتُهَا عَدَدَ النُّجُومِ قَالَ تَكَلَّمْتَ بِالطَّلَاقِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ جَعَلْنَا بِهِ لَبْسَهُ فَلَا تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَنَحْمِلُهُ عَنْكُمْ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ قَالَ أَبُو عمر فهؤلاء الصحابة كلهم قائلون وبن عَبَّاسٍ مَعَهُمْ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ طَاوُسٌ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَاتُ التَّابِعِينَ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِرِوَايَةِ طَاوُسٍ أَهْلُ الْبِدَعِ فَلَمْ يَرَوُا الطَّلَاقَ لَازِمًا إِلَّا على سنته فجعلوا فخالف السُّنَّةِ أَخَفَّ حَالًا فَلَمْ يُلْزِمُوهُ طَلَاقًا وَهَذَا جَهْلٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مِنَ الْقُرْبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى سُنَّتِهِ إِلَى خِلَافِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ السُّنَّةِ وَلَا الْكِتَابِ وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَلْزَمُ مُوقِعَهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ امْرَأَتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ قَالَ بِغَيْرِ هَذَا إِلَّا الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَلَا حُجَّةَ فِيمَا قَالَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ادَّعَى دَاوُدُ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ لَيْسَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنَ الرَّافِضَةِ مِمَّنْ يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ عَنْهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَنْ دَاوُدَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا عَنْهُ فِي وُقُوعِهَا مُجْتَمِعَاتٍ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ خَشِيًّا وكان يقول ليس طلاق الثلاث بشيء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 قال أبو عمر روى بن إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا فَسَأَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((كَيْفَ طَلَّقْتَهَا قَالَ طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَالَ إِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ)) قَالَ فَارْتَجَعَهَا قَالَ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ يَرَى أَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي الطَّلَاقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ وَهِيَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا النَّاسُ قَالَ بن إِسْحَاقَ فَأَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِدْعَةً مُخَالِفَةً لِلسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ خَطَأٌ وَإِنَّمَا طَلَّقَ رُكَانَةُ زَوْجَتَهُ الْبَتَّةَ لَا كَذَلِكَ رَوَاهُ الثِّقَاتُ أَهْلُ بَيْتِ رُكَانَةَ الْعَالِمُونَ بِهِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا ذهب بن إِسْحَاقَ فَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مهجور عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا حَدِيثُ طَاوُسٍ فَقَدْ ذكرنا أن الجمهور من أصحاب بن عَبَّاسٍ رَوَوْا عَنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ |