مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ
أَمْرَهَا فَقَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ فَقَالَ بِفِيكِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَتْ
أَنْتَ الطَّلَاقُ فَقَالَ بِفِيكِ الْحَجَرُ فَاخْتَصَمَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ
أَمْرَهَا فَقَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ فَقَالَ بِفِيكِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَتْ
أَنْتَ الطَّلَاقُ فَقَالَ بِفِيكِ الْحَجَرُ فَاخْتَصَمَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَاسْتَحْلَفَهُ مَا مَلَّكَهَا إِلَّا
وَاحِدَةً وَرَدَّهَا إِلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَكَانَ الْقَاسِمُ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ وَيَرَاهُ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي
ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَأَحَبُّهُ إِلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْمُمَلِّكِ مِنَ الْمُنَاكَرَةِ وَأَنَّ
ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهِ وَنِيَّتِهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ
وَإِنَّمَا لِلْمُمَلِّكِ أَنْ يُنَاكِرَ امْرَأَتَهُ إِذَا أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ إِذَا كَانَ التَّمْلِيكُ مِنْهُ لَهَا
فِي غَيْرِ عَقْدِ نِكَاحِهَا
وَأَمَّا إِذَا جُعِلَ لَهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ تَزَوَّجَ
عَلَيْهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ فَعَلَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا مَا شَاءَ مِنَ الطَّلَاقِ فَلَا تُكْرَهُ
لَهُ فِي ذَلِكَ
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ
وَأَمَّا قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِزَوْجِهَا أَنْتَ الطَّلَاقُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29
الرَّجُلِ يُخَيِّرُ الْمَرْأَةَ فَتَقُولُ قَدْ طَلَّقْتُكَ وَلَمْ تقل قد طلقت نفسي أو يقول الرَّجُلِ
لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تُطَلَّقُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ
النِّسَاءَ) الْبَقَرَةِ 232 وَلَمْ يَقِلْ إِلَّا أَنْ طَلَّقَكُنَّ النِّسَاءُ
وَبِمِثْلِ هَذَا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ قَالَ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ فَإِنَّمَا طَلَّقَ نَفْسَهُ وَلَمْ
يُطَلِّقْ زَوْجَتَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي يَحْضُرُنِي فِي هَذَا لِلْحِجَازِيِّينَ أَنَّ الطَّلَاقَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْفِرَاقُ
وَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَارَقْتُكِ وَفَارَقَتْنِي فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ فَارَقَتْنِي زَوْجَتِي
وَفَارَقْتُهَا كَمَا يَصِحُّ بَانَتْ مِنِّي وَبِنْتُ مِنْهَا وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَنَا عَلَيْهَا حَرَامٌ فَعَلَى هَذَا
الْمَعْنَى يَصِحُّ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ لَا عَلَى طَلَّقَتْنِي زَوْجَتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ