مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الرَّجُلِ إذا آلى

من امرأته إنها إذا مضت الأربعة الأشهر فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ
فِي عِدَّتِهَا
قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رأي بن شِهَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الرَّجُلِ إذا آلى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35
من امرأته إنها إذا مضت الأربعة الأشهر فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ
فِي عِدَّتِهَا
قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رأي بن شِهَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالصَّحِيحُ مِنْ رَأْيِهِ وَمَذْهَبِهِ مَا رَوَاهُ
مَالِكٌ عَنْهُ مِنَ الْقَوْلِ بِوَقْفِ الْمُولِي
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُولِيَ تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ
عَنْهُ
رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ
الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ
وَلَمْ يَلْقَ الْحَسَنُ عَلِيًّا وَلَا سَمِعَ مِنْهُ
وَرَوَاهُ معمر عن قتادة أن عليا وبن مَسْعُودٍ قَالَا إِذَا انْقَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ
وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ عَنْ عَلِيٍّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَهُوَ منقطع لا يثبت مثله
وأما بن مَسْعُودٍ فَهُوَ مَذْهَبُهُ الْمَحْفُوظُ عَنْهُ
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَا يَصِحُّ إِلَّا مَا ذَكَرَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ
رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَمْرِو
بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُولِي قَالَ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ حَتَّى يَفِيءَ
أَوْ يُطَلِّقَ
وَالصَّحِيحُ عن بن عُمَرَ أَيْضًا وَقْفُ الْمُولِي رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَسَالِمٌ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ قَرَأْتُ فِي كِتَابِ
أَبِي قِلَابَةَ عِنْدَ أَيُّوبَ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ وَسَالِمًا عَنِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ لَمْ يَقِلْ بَائِنَةٌ وَلَا رَجْعِيَّةٌ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُمَا فِيمَا عَلِمْتُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36
وَاخْتَلَفَ عَنْ عُثْمَانَ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ وَقْفُ الْمُولِي
رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
قَالَ يُوقَفُ الْمُؤْلِي عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ
وَرُوِيَ عَنْ عمر بن الخطاب مثله
وبن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُؤْلِي مِنَ امْرَأَتِهِ سَنَةً
وَيَأْتِي عَائِشَةَ فَتَقْرَأُ عَلَيْهِ (لِلَّذِينِ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) الْآيَةَ الْبَقَرَةِ 226 وَتَأْمُرُهُ بِاتِّقَاءِ
اللَّهَ وَأَنْ يَفِيءَ
وَالثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْ رَجُلًا بَعْدَ عشرين شهرا
أن يفيء أو يطلق
وبن عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقِفُونَ الْمُؤْلِيَ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِيمَا روى عنه عطاء الخرساني
قال أبو عمر حديث بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سليمان بن يسار انفرد به
بن عُيَيْنَةَ وَمَا أَظُنُّهُ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
وَمِمَّنْ قَالَ يُوقَفُ الْمُؤْلِي بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ مُجَاهِدٌ
وَطَاوُسٌ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ
فَإِنْ لم يفيء وَطَلَّقَ أَوْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فَالطَّلْقَةُ رَجْعِيَّةٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا مِنْ
بَيْنِهِمْ قَالَ لَا تَصِحُّ لَهُ رَجْعَةٌ حَتَّى يَطَأَ فِي العدة
ولا أعلم أحدا وَافَقَ مَالِكًا عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام فِيمَا
ذَكَرَ عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُؤْلِي أَنَّهُ يلْزَمُهُ بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ بِالصَّحِيحِ
وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَقَدْ رَوَى معمر عن عطاء الخرساني عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ يُوقَفُ الْمُؤْلِي عِنْدَ
انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37
وَأَمَّا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ أَيْضًا
رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ
الْأَشْهُرِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ حَتَّى يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ
قَالَ مَرْوَانُ وَلَوْ وُلِّيتُ هَذَا الْأَمْرَ لَقَضَيْتُ بِقَضَاءِ عَلِيٍّ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ ومعمر وبن عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
مَرْوَانَ وَقَفَ رَجُلًا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ بعد ستة أشهر
وهو غَرِيبٌ عَنْ مَالِكٍ
وَكُلُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ فَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ
وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمن وبن شِهَابٍ وَمِنْ تَابَعَهُمَا عَلَى أَنَّهُ مَا
بِقَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ تُطَلَّقُ زَوْجَةُ الْمُؤْلِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً الْأَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ إِذَا مَضَتْ لِلْمُؤْلِي
أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ لا يملك فيها رجعة
وهو قول بن عباس وبن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ عُثْمَانَ ورواية عن بن
عمر
فأما بن مسعود وبن عَبَّاسٍ فَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم
والرواية عن بن عُمَرَ بِذَلِكَ ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بن فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ
الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن بن عمر وبن عباس قالا
إذا آلى فلم يفيء حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ
قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عن مقسم عن بن عَبَّاسٍ قَالَ عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ
انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ والفيء الجماع
قال وحدثني جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِذَا آلَى فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - أَبُو الشعثاء - والحسن وإبراهيم
ومسروق وبن سيرين ومحمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَعِكْرِمَةُ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عن عطاء الخرساني قَالَ سَمِعَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَسْأَلُ
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْإِيلَاءِ فَمَرَرْتُ بِهِ فَقَالَ مَاذَا قَالَ لَكَ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ
مَا كَانَ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولَانِ قُلْتُ بَلَى قَالَ كَانَا يَقُولَانِ إذا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38
مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ أحق بنفسها وتعتد عدة المطلقة
ذكره بن الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ الْفُقَهَاءِ - فِيمَا عَلِمْتُ - يَقُولُونَ إِنَّهَا تَعْتَدُّ بعد الطلاق عدة المطلقة
إِلَّا جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا تَعْتَدُّ - يَعْنِي - إِذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي
الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَقَالَ بِقَوْلِهِ طَائِفَةٌ
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ فِي ((الْقَدِيمِ)) ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي ((الْجَدِيدِ))
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ نَحْوُهُ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ
هِشَامٍ وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا
فَقُلْتُ لَهُ مَا قُلْتَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ وَلَا بقول بن مسعود ولا بقول بن عَبَّاسٍ وَلَا بِقَوْلِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ!
فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ مَا قَالُ هَؤُلَاءِ
قُلْتُ كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ لَا يَخْطُبُهَا زَوْجُهَا وَلَا غَيْرُهُ
حَتَّى تنقضي عدتها
وقال بن مَسْعُودٍ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يخطبها زوجها في العدة ولا
يخطبها غيره
وقال بن عباس مالكم تَقُولُونَ عَلَيْهَا إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَدْ حَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثَ
حِيَضٍ تَزَوَّجَتْ مَنْ شَاءَتْ
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ فَاءَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ قول أبي الدرداء هذا ولا يَصِحُّ عَنْهُ مَا حَكَاهُ
قَتَادَةُ
وَقَتَادَةُ حَافِظٌ مُدَلِّسٌ يَرْوِي عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَيُرْسِلُ عَنْهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ ثِقَةٍ وَغَيْرِ
ثِقَةٍ
وروى معمر وبن عيينة وبن علية وأيوب عن أبي قلابة أن بن مَسْعُودٍ قَالَ لِلنُّعْمَانِ
بْنِ بَشِيرٍ وَكَانَ قَدْ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا انْقَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فاعترف بتطليقة
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39
وروي ذلك عن بن عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
قَدْ جَعَلَ لِلْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا سَبِيلَ فِيهَا لِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حُقُوقِهَا وَلَهَا تَرْكُهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ إِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ الَّذِي جُعِلَ
لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِيهِ التَّرَبُّصُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فِي حِينٍ يَجِبُ لَهَا طَلَبُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَقْفَ
الْمُولِي فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طَلَّقَ
وَالدَّلِيلُ قول الله عز وجل (فإن فاءو فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلق)
الْبَقَرَةِ 226 227 فَجَمَعَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي
الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُخَاطَبْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
كَانَ كَذَلِكَ الْفَيْءُ لَا يَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُضِيِّهَا لَمَا تَهَيَّأَ أَنْ يُخَاطَبَ الزَّوْجُ بِالْفَيْءِ
وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ مُمْكِنٌ لَهُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَدَلِيلٌ آخر وهو قوله تعالى (وإن عزموا الطلق فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وَلَا يَكُونُ
السَّمَاعُ إِلَّا الْمَسْمُوعَ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ لَمَا تَهَيَّأَ سَمَاعُ ذَلِكَ فَدَلَّ
عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ أَيْضًا إِنَّمَا يَقَعُ بِإِيقَاعِهِ لَهُ لَا بِمُضِيِّ الْأَجَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ مِنَ الْإِيلَاءِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ فَيُطَلِّقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ
يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ
عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُذْرِ فَإِنَّ
ارْتِجَاعَهُ إِيَّاهَا ثَابِتٌ عَلَيْهَا فَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُصِبْهَا
حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَقَفَ أَيْضًا فَإِنْ لم يفيء دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْإِيلَاءِ
الْأَوَّلِ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّهُ نَكَحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ
أَنْ يَمَسَّهَا فَلَا عِدَّةَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَيُطَلِّقُ ثُمَّ يَرْتَجِعُ
وَلَا يَمَسُّهَا فَتَنْقَضِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إِنَّهُ لَا يُوقَفُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ
طَلَاقٌ وَإِنَّهُ إِنْ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ
أَنْ يُصِيبَهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَلَا
رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا شَرَطَ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ الْجِمَاعَ إِلَّا مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَجْعَلُهُ إِذَا
لَمْ يَطَأْ فِي حُكْمِ الْمُولِي كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لأجنبية والله لئن تزوجتك لأوطأنك ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا كَانَ مُولِيًا عِنْدَهُ
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ عِنْدَهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ
الطَّلَاقُ الْإِيلَاءَ
وَدَلِيلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ بَاقِيَةٌ وَأَنَّهُ مُذْ وَطِئَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ حنث
كالمولي قَبْلَ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ وَلَا يُسْقِطُ الْإِيلَاءَ إِلَّا الْجِمَاعُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ
عَنْهُ بِعُذْرٍ مَانِعٍ مِثْلِ السِّجْنِ الَّذِي لَا يَصِلُ مَعَهُ إِلَيْهَا أَوِ الْمَرَضِ الْمَانِعِ الْمُذْنِبِ لَهُ
مِنْ وَطْئِهَا أَوِ الْبُعْدِ مِنَ السَّفَرِ كَانَ مَبِيتُهُ عِنْدَهُ كَفَّارَتَهُ بِيَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُكَفِّرُ إِذْ
بَانَ عُذْرُهُ
قَالَ وَمِمَّا تُعْرَفُ بِهِ فَيْئَةُ الْمَرِيضِ أَنْ يُكَفِّرَ فَتَسْقُطَ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُكَفِّرُ إِذْ قَدْ
بَانَ عُذْرُهُ وَكَذَلِكَ الْمَسْجُونُ وَالْغَائِبُ
وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ لَا تُكَفَّرُ فَنِّيَّتُهُ بِالْقَوْلِ فَمَتَى زَالَ الْعُذْرُ عَادَ الْحُكْمُ
هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَالطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّلْطَانِ أَوِ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ عِنْدَ
مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِانْقِضَائِهَا كَالْفَيْئَةِ لِمَا فِي الْفَيْئَةِ مِنَ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(فإن فاءو) الْبَقَرَةِ 226 أَيْ رَجَعُوا إِلَى الْجِمَاعِ الَّذِي حَلَفُوا عَلَيْهِ فَحَنِثُوا أَنْفُسَهُمْ أَوْ
عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَبَرِئُوا
فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَعُدِ الْإِيلَاءُ إِلَّا بِيَمِينٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْحِنْثَ بِالْفَيْئَةِ قَدْ وَقَعَ ولا
يحنث مرتين
وكذلك قال بن عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ
وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِيَمِينٍ
وَلَا يَرَوْنَ الْمُمْتَنِعَ مِنَ الْوَطْءِ بِلَا يَمِينٍ مُولِيًا
وَالْإِيلَاءُ مَصْدَرُ أَوْلَى إِيلَاءً وَأَلِيَّةً
وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ وَجَمْعُهَا الْآلَاءُ
قَالَ كُثَيِّرٌ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41
(قَلِيلُ الْأَلَاءِ حَافِظٌ لِيَمِينِهِ وَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بَعْدَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ
فَقَالَ مَالِكٌ يَكُونُ مُولِيًا
وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَزُفَرَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَإِنْ قَرُبَهَا كَفَّرَ يَمِينَهُ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ إِذَا بَانَتِ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُولِيًا وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا
يَكُونُ مُولِيًا
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي حَالٍ لَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا
وقال بن الْقَاسِمِ إِذَا آلَى وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَمْ يُجَامَعْ مِثْلُهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى تَبْلُغَ الْوَطْءَ
ثُمَّ يُوقَفُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بلغت الوطء
وهو قول بن الْقَاسِمِ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَالِكٍ
قَالَ وَلَا يُوقَفُ الْخَصِيُّ وَإِنَّمَا يُوقَفُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يَبْقَ لِلْخَصِيِّ مَا يَنَالُ بِهِ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا يَنَالُهُ الصَّحِيحُ بِمَغِيبِ
الْحَشَفَةِ فَهُوَ كَالْمَجْبُوبِ فَاءَ بِلِسَانِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهُ
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا إِيلَاءَ عَلَى مَجْبُوبٍ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْمُولِي الْعَاجِزِ عَنِ الْجِمَاعِ فَقَدَ مَضَى قَوْلُ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ فِي الْمُسَافِرِ إِذَا طَالَبَتْهُ امْرَأَتُهُ كَتَبَ مَوْضِعَهُ فَيُوقَفُ لِيَفِيءَ أَوْ لِيُطَلِّقَ أَوْ يُطَلَّقَ
عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا آلَى وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42
أَشْهُرٍ أَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً فَفِيهِ الرِّضَا بِالْقَوْلِ إِذَا دَامَ بِهِ الْعُذْرُ حَتَّى تَمْضِيَ
الْمُدَّةُ فَإِنْ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ عَلَى الْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْجِمَاعُ
قَالُوا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الْحَجِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ
إِلَّا بِالْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ الْمَحْبُوسُ
وَقَالَ زُفَرُ فَيْؤُهُ بِالْقَوْلِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ عَنْهُ إِذَا كَانَ لِلْمُولِي عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ
حَبْسٍ أو كانت حائضا أو نفساء فليفيء بِلِسَانِهِ يَقُولُ قَدْ فِئْتُ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ فَأَشْهَدَ عَلَى الْفَيْءِ مِنْ غَيْرِ
جِمَاعٍ وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ وَقَدْ فَاءَ فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَهِيَ امْرَأَتُهُ
وَكَذَلِكَ إِنْ وَلَدَتْ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ حَاضَتْ أَوْ طَرَدَهُ السُّلْطَانُ فَإِنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى
الْفَيْءِ وَلَا إِيلَاءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا مَرِضَ بَعْدَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ كَمَا
يُوقَفُ الصَّحِيحُ فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طَلَّقَ وَلَا يُؤَخَّرُ إِلَى أَنْ يَصِحَّ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِذَا آلَى الْمَجْبُوبُ فَفَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ
قَالَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ لَا إِيلَاءَ عَلَى مَجْبُوبٍ
قَالَ وَلَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً فآلى منها استأنف لها أربعة أشهر بعد ما تَصِيرُ فِي حَالٍ
يُمْكِنُ جِمَاعُهَا
قَالَ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إِلَّا بِالْجِمَاعِ فإن وطىء فَسَدَ حَجُّهُ
قَالُوا وَلَوْ آلَى وَهِيَ بِكْرٌ فَقَالَ لَا أَقْدِرُ عَلَى افْتِضَاضِهَا أُجِّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ
قَالَ وَإِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ وَفَاءَ بِلِسَانِهِ ثُمَّ قَدَرَ وُقِفَ حَتَّى يَفِيءَ أَوْ
يُطَلِّقَ
قَالَ وَإِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَيْءُ حَتَّى تَحِلَّ إِصَابَتُهَا
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِذَا حُبِسَ اسْتَأْنَفَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ فَطَالَبَهُ الْوَكِيلُ فَاءَ بِلِسَانِهِ وَسَارَ إِلَيْهَا كَيْفَ أمْكَنَهُ وَإِلَّا طُلِّقَتْ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43
(فإن فاءو) الْبَقَرَةِ 226 هُوَ الْجِمَاعُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَصَارَ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ
الْمُحْكَمِ
وَاخْتَلَفُوا فِي معنى قوله - عز وجل (وإن عزموا الطلق فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الْبَقَرَةِ
227
وَعَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُمْ جَاءَتْ فُرُوعُ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُولِيَ إِذَا فَاءَ بِالْوَطْءِ وَحَنَّثَ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِلَّا رِوَايَةً
عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِذَا فَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ غَفَرَ لَهُ
وَرَحِمَهُ
وَهَذَا مَذْهَبٌ فِي الْأَيْمَانِ لِبَعْضِ التَّابِعِينَ فِي كُلِّ مَنْ حَلَفَ عَلَى بِرٍّ أَوْ تَقْوَى أَوْ بَابٍ
مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ أَلَّا يَفْعَلَهُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ تَرُدُّهُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ
حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمْ
يَسْقُطْ عَنْهُ - بِإِتْيَانِهِ الْخَيْرَ - مَا لَزِمَتْهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَنْقَضِي الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ قَبْلَ انْقِضَاءِ
عِدَّةِ الطَّلَاقِ قَالَ هُمَا تَطْلِيقَتَانِ إِنْ هُوَ وُقِفَ ولم يفيء وَإِنْ مَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ
الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَيْسَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الَّتِي كَانَتْ تُوقَفُ بَعْدَهَا
مَضَتْ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَنَّهُ طَلَّقَ بَعْدَ الْإِيلَاءِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَطَالَبَتْهُ امْرَأَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ
بِحَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَأَوْقَفَ لَهَا بَابًا أَنْ يَفِيءَ إِلَى جِمَاعِهَا مُرَاجَعَتَهَا فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ
طَلْقَةً أُخْرَى فَصَارَتَا تَطْلِيقَتَيْنِ
وَلَوِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَمْرِ التَّوْقِيفِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَوْقِيفٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ عِنْدَ
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْقِيفٌ لَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ غَيْرَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَنَاهَا عَلَى أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لَيْسَ فِيهَا جَوَابٌ أُخْبِرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ وَكُلِّ مَنْ قَالَ يُوقَفُ الْمُؤْلِي بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مَا قَالَهُ
مَالِكٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَكْثَرُ
مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِيلَاءً وَإِنَّمَا يُوقَفُ فِي الْإِيلَاءِ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ
مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ
فَلَا أَرَى عَلَيْهِ إِيلَاءً لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْأَجَلُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ خَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ
عَلَيْهِ وَقْفٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي هذه المسألة
فقال بن أبي ليلى وبن أَبِي شُبْرُمَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ حَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ يَوْمًا
أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُدَّةِ ثُمَّ ذَكَرَهَا دُونَ أَنْ يَطَأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ والحسن وبن سِيرِينَ
وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ
وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُولِيًا
وَمِمَّنْ روي ذلك عنه بن عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وأبو ثور وأبو
عُبَيْدٍ
وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا مَزِيدَ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُ
الْإِيلَاءُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْلِي تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهِيَ لَهُ بِكَمَالِهَا لَا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45
اعْتِرَاضَ لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْمُطَالَبَةَ إِلَّا بَعْدَ
اسْتِيفَاءِ الْأَجَلِ
فَإِذَا انْقَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَهِيَ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَانَتِ لِلْمَرْأَةِ الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهَا مِنَ
الْجِمَاعِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقَفُ زَوْجُهَا فَإِنْ فَاءَ جَامَعَهَا وَكَفَّرَ يَمِينَهُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا
طَلَّقَ عَلَيْهِ
هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّوَابُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْبَابِ قِيَاسًا
عَلَى أَجَلِ الْعِنِّينِ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ 0 جَعَلَ التَّرَبُّصَ فِي الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
كَمَا جَعَلَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَفِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَا
تَرَبُّصَ بَعْدَهَا
قَالُوا فَيَجِبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ وَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالْفَيْءِ وَهُوَ الْجِمَاعُ فِي دَاخِلِ
الْمُدَّةِ أَوِ الطَّلَاقُ وَعَزِيمَتُهُ انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ
انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْفَيْءُ الْجِمَاعُ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ يَوْمًا فَهُوَ مَظَاهِرٌ أَبَدًا وَلَا يَسْقُطُ عنه الظهار بمضي
اليوم
وهو قول بن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
الْيَوْمَ بَطَلَ الظِّهَارُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ كَالْيَمِينِ تَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ
وَجَعَلَهُ مَالِكٌ كَالطَّلَاقِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَنَّهَا طَالِقٌ أَبَدًا حَتَّى يُرَاجِعَهَا إِنْ
كَانَتْ لَهُ رَجْعَةٌ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِيلَاءً
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَهُ إِيلَاءً
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بن أبي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46
طالب قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ
قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ حَلَفْتُ أَلَّا أَمَسَّ امْرَأَتِي سَنَتَيْنِ فَأَمَرَهُ
فَاعْتَزَلَهَا فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا تُرْضِعُ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِمُضَارٍّ لِأَنَّهُ أَرَادَ إِصْلَاحَ وَلَدِهِ وَقَدْ هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ لِمَا عَلِمَ أَنَّ الْعَرَبَ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ فَسَادٌ لِلْوَلَدِ ثُمَّ تَرَكَهَا
تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى نَفْسِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَصَدَ انْتِفَاعَ وَلَدِهِ وَصَلَاحَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ
بِمُضَارٍّ لِزَوْجَتِهِ
وَالْغِيلَةُ وَطْءُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ الرَّضَاعِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى تُعْطِي وَلَدَكِ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا لِأَنَّ هَذَا
لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إِصْلَاحَ وَلَدِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ
وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ قَالَ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَكِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ
يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ كَانَ مُؤْلِيًا
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا لِأَنَّهَا قَدْ تَفْطِمُهُ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ إِلَّا أَنْ
يُرِيدَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّةِ الْفِطَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فهو
مؤول
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47